تتجلى في شوارع الإسكندرية وربوعها، معاني الخير في أبسط صوره، حيث يجتمع الناس على فعل الخير ونشر البركة في مشاهد تنبض بالعطاء والمحبة كل يوم جمعة، ومن كل أسبوع قبل وبعد الصلاة، يتحول يوم الجمعة إلى يوم استثنائي يشع فيه إطعام الطعام، أحد أسمى صور الصدقة، كما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية.
ويظهر في سوق الجمعة، "عم عماد"، المعروف بـ "عمادة إزالة"، وهو رجل ستيني العمر يدير مصنعًا للكراسي، لكنه يوم الجمعة يصبح رمزًا للعطاء، ويروي عم عماد للفجر "منذ صغري وأنا أتعلم إطعام الطعام من أبي وعائلتي، كنت أرافق والدي في توزيع الوجبات، واليوم أصبحت أستقبل المساعدات العينية من زملائي وأصدقائي الذين يتسابقون للمشاركة في هذا الخير".
وأضاف أنه لا يقبل التبرعات النقدية، بل يعتمد على ما يقدمه الآخرون من وجبات يضيفها إلى جهوده الأسبوعية، مشيرًا إلى أن يوم الجمعة هو يوم خاص في حياته، حيث يترك البعض أعمالهم لمساعدته في تجهيز الوجبات.
ويقف في مشهد آخر، بعد صلاة الجمعة في ساحة مسجد المرسي أبو العباس، "عم سعيد"، الرجل السبعيني في العمر، الذي يوزع أكثر من 1000 رغيف طعمية، وهو يهتف بابتسامته المعهودة: "يلا كفتة الغلابة وصلت" ،ويلتف حوله المئات من المصلين والمارة، رجالًا ونساءً، أطفالًا وشيوخًا، وحتى زوار المسجد من الأجانب، في مشهد يتجلى فيه تكاتف المجتمع بكل أطيافه.
وقال عم سعيد لـ "الفجر" في بث مباشر “إطعام الطعام هو بركة الحياة كل ما أنفقه يعود أضعافًا مضاعفة، ليس فقط في المال، بل في الصحة والسكينة ولقد شافني الله من أمراضي ببركة الإطعام ولقد علمني حب رسول الله أن العطاء لا ينقص المال، بل يزيده أضعافًا من حيث لا أحتسب".
وفي السنة النبوية، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام".
وورد عنه صلى الله عليه وسلم قوله: "اتقوا النار ولو بشق تمرة"، في دعوة مباشرة إلى الكرم والعطاء، حتى بأبسط الإمكانيات.
وتبقى في زمن تزداد فيه الأعباء على، العديد من الأشخاص، هذه المشاهد في الإسكندرية، وغيرها من المدن المصرية، شعاع أمل وتذكيرًا بأن الخير ما زال حيًا في النفوس، وأن العطاء مهما صغر يصنع فرقًا كبيرًا.
0 تعليق