في ظل أزمة إنسانية طاحنة تهدد حياة مئات الآلاف في قطاع غزة، يصبح الحفاظ على التوازن بين الاحتياجات الإنسانية وحماية البيئة معضلة شائكة، فالأزمة الاقتصادية المتفاقمة والجوع المنتشر في غزة يدفعان الصيادين إلى ممارسات تعتبرها مؤسسات بيئية دولية انتهاكات خطيرة ضد الحياة البحرية.
التقرير يستعرض انتقادات إسرائيلية موجهة لصيد الأسماك المحمية، مع تسليط الضوء على الأوضاع الكارثية التي تضطر السكان إلى اتخاذ هذه القرارات.
صيد حيوانات محمية
تفاقمت أزمة الجوع في قطاع غزة، ما جعل سكانها يبحثون عن بدائل غذائية لمواجهة ندرة الطعام، من أبرز هذه البدائل صيد الكائنات البحرية المحمية مثل الدلافين وأسماك القرش، رغم الانتقادات الواسعة من جهات دولية.
وفي مشهد غير مألوف على سواحل قطاع غزة، تمكّن صياد فلسطيني من اصطياد دولفين على شاطئ بحر خان يونس، جنوب القطاع، بحسب معلومات تداولها.
ونشر الفلسطيني "محمد الغفاري" على موقع التواصل الاجتماعي "إنستجرام" صورة لصيد الدولفين داخل القطاع، إذ أثارت الصورة اهتمام رواد شبكات التواصل، خصوصًا في ظل التحديات التي تواجه الصيادين بسبب الحصار وأوضاع الحرب.
وبحسب وسائل إعلام فلسطينية، يكافح الصيادون يوميًا لجلب صيد ولو متواضع لإطعام أسرهم، في وقت يُشكل صيد الأسماك جزءًا مهمًا من الحياة اليومية في قطاع غزة قبل الحرب، إذ كان يساعد الناس على كسب لقمة عيشهم عن طريق بيع ما يصطادونه يوميًا في السوق وتوفير نوع من الطعام للسكان.
انتقاد إسرائيلي
وأعدت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية تقريرًا انتقدت فيه ممارسات بعض الصيادين الفلسطينيين من قطاع غزة في صيد الأسماك المحمية، واصفة صورة الصياد الفلسطيني بأنه "ينشر صورة صيده للأسماك المحمية دون خجل"، ولم يتطرق التقرير العبري إلى حالة الجوع الشديد الذي يصل درجة الموت ويتعرض له سكان القطاع المحاصر منذ أكثر من عام.
وذكرت الصحيفة العبرية أن رام نيري من جمعية أسماك القرش في إسرائيل، يتابع الصيد في غزة منذ أربع سنوات وسجل كميات الصيد الكبيرة، بين عامي 2020 و2023، تم تسجيل واصطياد 1.556 سمكة قرش في غزة، تنتمي هذه الأسماك إلى 8 أنواع مختلفة، ينتمي ثلثها تقريبًا إلى الأنواع المهددة بالانقراض، وفق مزاعمها.
نشاطات صيد تثير الجدل الدولي
وانتشرت على منصات التواصل الاجتماعي صورًا نشرها نشطاء فلسطينيون مثل محمود زكي العمودي، يظهر فيها يحمل سمكة قرش صغيرة أكد أنه لاحقًا قام بطهيها.
وذكرت الصحيفة العبرية أن تلك الصور أثارت غضبًا واسعًا على الإنترنت، إذ رأى البعض أن هذه الممارسات تفاقم من تهديد الأنواع البحرية المهددة، في المقابل، دافع العمودي عن الصيادين، قائلًا: "إن الظروف القاهرة التي يعيشها سكان غزة تجعل كل الموارد الغذائية متاحة للاستخدام، بما في ذلك الكائنات المحمية".
ووصفت جمعية أسماك القرش في دولة الاحتلال، بشدة ممارسات الصيد في غزة، ووصفتها بأنها كارثة تهدد التنوع البيئي البحري في البحر الأبيض المتوسط.
أزمة الغذاء بسبب حصار غزة
الحصار الإسرائيلي المشدد والقصف المتواصل على قطاع غزة أديا إلى نقص حاد في الإمدادات الغذائية، وفقًا لبيانات برنامج الأغذية العالمي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة تتجاوز 1000%. كما أن عدد شاحنات الإمدادات التي تدخل القطاع تقلص إلى 76 شاحنة يوميًا، ديسمبر الماضي، وهو أقل من سدس الرقم اليومي قبل الحرب.
ونتيجة لذلك، اضطرت منظمات الإغاثة إلى إعطاء الأولوية لتوفير الغذاء على حساب مواد الإيواء، ما جعل الأسر تواجه ظروفًا معيشية قاسية مع اقتراب فصل الشتاء.
انتقادات إسرائيلية
على الرغم من الانتقادات الواسعة، يواجه سكان غزة ظروفًا إنسانية كارثية، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن أكثر من 95% من سكان القطاع نزحوا، بينما يعيش مئات الآلاف بلا مأوى أو طعام كافٍ. وأشارت وزارة الصحة الفلسطينية إلى أن العدوان الإسرائيلي أسفر عن 45.436 شهيدًا، بينهم أطفال ونساء.
وأغلقت العديد من منظمات الإغاثة الدولية، مثل منظمة المطبخ المركزي العالمي، عملياتها في القطاع بسبب استهداف موظفيها، ما فاقم من معاناة السكان.
والظروف التي يعيشها سكان غزة تجعل الخيارات الأخلاقية صعبة، وفي ظل انتشار الجوع وفقدان الأمل، يصبح صيد الحيوانات المحمية خيارًا لا مفر منه للبعض، ومع ذلك فإن هذه الممارسات تسلط الضوء على الحاجة إلى تدخل دولي لإنهاء الحصار وتحقيق العدالة الإنسانية والبيئية.
وفي السياق ذاته، يؤكد برنامج الأغذية العالمي، ضرورة وقف إطلاق النار واستعادة القانون والنظام كخطوة أولى نحو تحسين الوضع في غزة.
46006 شهداء في مجازر الاحتلال
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 46006 شهداء، و109.378 مصابًا، منذ السابع من أكتوبر 2023، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
وأشارت إلى أن آلاف الضحايا ما زالوا تحت الركام وفي الطرقات ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.
0 تعليق