قال عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، إن المغرب انخرط بشكل كامل وطوعي في النواة الصلبة للقانون الدولي لحقوق الإنسان؛ وهو ما يجعله ملزما بتقديم تقارير وطنية بانتظام إلى لجان المعاهدات المكلفة بمراقبة الاتفاقيات والبروتوكولات الملحقة بها”.
وأضاف وهبي، في لقاء تواصلي من أجل تقديم عرض حول “مشروع التقرير الدوري الخامس المتعلق بإعمال اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة” في لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، أمس الاثنين، أن “هذه التقارير والتوصيات المنبثقة عن لجان المعاهدات تعتبر فرصة تمكن بلادنا من تقديم منجزاتها ومكتسباتها ومناسبة للحوار مع المنتظم الدولي بشأن أوضاع حقوق الإنسان ببلادنا”.
وأورد المسؤول الحكومي الوصي على قطاع العدل في حكومة عزيز أخنوش أن هذه التقارير “تشكل محطة للتقييم والوقوف على التحديات والإكراهات المرتبطة بتعزيزها وحمايتها”.
وشدد على أن مشروع التقرير صِيغَ وفق الموضوعات والانشغالات التي جاءت بها قائمة المسائل الواردة من اللجنة الأممية بشأن 48 سؤالا مركبا، حيث تم تقديم المعطيات والمعلومات الأساسية حول مدى استجابة القانون والممارسة على الصعيد الوطني لمقتضيات ومعايير الاتفاقية، ولا سيما المنجزات والمكتسبات الحاصلة في ضوء نتائج أوراش الإصلاح التشريعي والمؤسساتي لتعزيز وحماية حقوق الإنسان على مستوى مناهضة التعذيب والوقاية منه، وجهود السلطة القضائية والإدارة القضائية والمكلفين بإنفاذ القانون.
وسجل المتحدث أن التقرير قدم معطيات جوابية وتوضيحية تمحورت حول التدابير التشريعية والمؤسساتية المتعلقة بتجريم التعذيب وملاءمته تعريفه، وتقادم الجرائم، وضمانات المحاكمة العادلة، ومكافحة الإرهاب، ومكافحة الإفلات من العقاب، وعقوبة الإعدام، وتسليم المجرمين والعقوبات البديلة، والطب الشرعي؛ بالإضافة إلى الضمانات المرتبطة بحرية تأسيس الجمعيات وزيارة المنظمات غير الحكومية للمؤسسات السجنية، والتظاهر السلمي واستخدام القوة لتفريق التظاهرات”.
وذكر المسؤول الحكومي “إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب وصلاحياتها وضمانات استقلاليتها ومزاولة مهامها”، وكذا “ضمانات وإجراءات التحقيق في حالات الوفيات المسجلة أثناء فترة الاعتقال ومكافحة الإفلات من العقاب”، ناهيك عن “جهود الحماية من التعذيب والوقاية منه والنهوض بثقافة حقوق الإنسان”، و”بعض الحالات الفردية المتعلقة بادعاءات التعذيب”.
ولفت وزير العدل أيضا إلى ” الضمانات المتعلقة بحماية حقوق المهاجرين، والولاية القضائية للمحاكم الوطنية، واتفاقيات التعاون القضائي”، بالإضافة إلى “جهود تحسين ظروف الاعتقال بالسجون وتأهيل السجناء، ووضعية المؤسسات الصحية لعلاج الأمراض العقلية والنفسية”، وكذلك “السجلات والمحاضر والوثائق الرسمية المتصلة بإلقاء القبض على الأشخاص واعتقالهم”.
كما ذكر “التحقيق في حالات تتعلق بانتهاك مسطرة الإيقاف والاعتقال والحماية من التعذيب والاستجواب ومكافحة العنف ضد النساء، وحماية الأطفال من العنف، ومكافحة الاتجار بالبشر”؛ ناهيك عن “الإصلاحات المرتبطة باستقلالية السلطة القضائية والقضاء العسكري”، خالصا إلى أن “اعتماد مشاريع مراجعة قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي من شأنه دعم مكانة بلادنا الدولية وتعزيز وفائها بالتزاماتها الاتفاقية وتيسر تفاعلها مع اللجنة الأممية”.
ونبه الوزير إلى أن المغرب “لم يكن فقط من الدول السباقة بمنطقة شمال إفريقيا إلى المصادقة على هذه الاتفاقية سنة 1993 بعد التوقيع عليها في 1986، أي بعد ست سنوات من دخولها حيز النفاد دوليا؛ وإنما ساهمت منذ 2014 بفعالية إلى جانب حكومات الدانمارك والشيلي وغانا وإندونيسيا، في قيادة المبادرة العالمية من أجل تعزيز التصديق العالمي على اتفاقية مناهضة التعذيب وظروف تطبيق مضامينها، مما مكن من انخراط 20 دولة في الاتفاقية ليصبح عدد الدول الأطراف فيها 175 دولة، وبالتالي التوجه نحو تحقيق تصديق عالمي عليها”.
وقال: “بلادنا كانت من الدول القليلة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي اعترفت باختصاص لجنة مناهضة التعذيب في معالجة الشكايات الفردية المتعلقة بادعاءات التعرض للتعذيب، وفقا للمادة 22 من الاتفاقية، وتتفاعل بشكل بناء مع هذه اللجنة منذ 2007 بخصوص الحالات المعروضة عليها والتي بلغت 34 حالة، أغلبها تتعلق بقضايا التسليم”.
وتابع: “هذه الاتفاقية تشمل ثلاثة أجزاء أساسية، تتمحور بالإضافة إلى اختصاصات اللجنة، وإجراءات الانخراط في الاتفاقية والتحفظ عليها وتفسيرها، حول مقتضيات تهم تعريف التعذيب، والاختصاص العالمي في جرائم التعذيب، والتزامات الدول الأطراف على مستوى الإجراءات التشريعية والإدارية والقضائية لمنع التعذيب، والضمانات المتعلقة بمبدأ عدم الإعادة القسرية، والتدابير المرتبطة بمعاملة الأشخاص المحرومين من الحرية، وبالتحقيق في ادعاءات التعرض للتعذيب، وجبر ضرر الضحايا، وتعزيز قدرات المكلفين بإنفاذ القانون”.
وأورد المتحدث أنه “إذا كان آخر تفاعل لبلادنا مع لجنة مناهضة التعذيب على مستوى التقارير وفاء بالتزامها بموجب الاتفاقية هو مناقشة التقرير الرابع في نونبر 2011، فإن مشروع التقرير الدوري الخامس يعكس المكتسبات والمنجزات الوطنية في مجال مناهضة التعذيب والوقاية منه منذ اعتماد دستور 2011، وما تلاه من دينامية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان”.
وأشار إلى أن أبرزها كان مرتبطا بنتائج ورش إصلاح منظومة العدالة، والانضمام إلى البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية في 2014 الذي قاد إلى استقبال زيارة اللجنة الفرعية لمنع التعذيب في 2017، وأفضى إلى إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب في 2019، علاوة على اعتماد وتفعيل خطة العمل الوطنية للديموقراطية وحقوق الإنسان.
كما يعكس التقرير، وفق المسؤول الحكومي، “جهود إصلاح الإطار المؤسساتي والتشريعي المرتبط بموضوع الاتفاقية؛ كالنصوص المتعلقة بالمنظومة الجنائية وتأهيل العدالة وضمان استقلاليتها، ولا سيما من خلال القوانين المرتبطة بالمؤسسات القضائية والمنظمة للشأن القضائي واعتماد القوانين ذات الصلة كالقانون المتعلق بالقضاء العسكري والقانون المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية، والقانون المتعلق بالطب الشرعي، والقانون المتعلق بالعقوبات البديلة، ووضع مشاريع جديدة لمراجعة قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي”.
0 تعليق