توقعات النمو الاقتصادي في المغرب .. أرقام متباينة وتحديات هيكلية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ما زال “التباين” سِمة ملازمة لمؤشرات وبيانات وأرقام التوقع بشأن معدل النمو الاقتصادي للمملكة، كان آخرها ما ورد، حديثا، عن ‘إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية’ التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، التي توقعت في تقرير رئيسي بعنوان “الحالة والتوقعات الاقتصادية في العالم 2025″، أن ينمُو الناتج الداخلي الإجمالي للمغرب بـ3,2 في المائة خلال السنة الجارية، منبها إلى “مخاطر التحديات الهيكلية” لا تزال قائمة.

وتتمثل هذه المخاطر، التي تشمل دولا مثل المغرب في خانة “الاقتصادات النامية”، “تداعيات وآثار تغير المناخ” وكذا “تكلفة الديون” و”اتساع الفوارق الاجتماعية”؛ باعتبارها ثلاثة “تهديدات” محدقة ومؤثرة في إضعاف إمكانات التنمية الاقتصادية في المملكة، وفق تشخيص أجراه منجزو التقرير سالف الذكر.

حسب استقراء أجرته جريدة هسبريس لمضامين الوثيقة الأممية الكاملة مع بيانات رسمية مغربية محيّنة، جاءت توقعات التقرير الأممي، الذي قدّمَ له الأمين العام أونطونيو غوتيريش بكلمة تمهيدية، منخفضة أقل بكثير ممّا كانت قد راهنت عليه الحكومة المغربية، عبر قانون المالية لسنة 2025 الذي شُرع في تنفيذه، بتوقعها “فرضية تحقيق معدل نمو سنوي يصل 4,6 في المائة”.

هذا بينما كان مجلس بنك المغرب (البنك المركزي) قد ذهب في أحدث توقعاته خلال آخر اجتماع فصلي له، منتصف دجنبر 2024، إلى تأكيد “مسار تسارع نمو الاقتصاد المغربي”، موردا حينها في بلاغه: “يبقى نمو الاقتصاد الوطني محدودا في 2,6 في المائة سنة 2024، بعد 3,4 في المائة في 2023، قبل أن يتسارع إلى 3,9 في المائة خلال السنتيْن المقبلتين”.

وربط البنك المركزي المغربي تفاؤله بتسارع نسبة النمو بكونها رهينة سيناريو “زيادة القيمة المضافة الفلاحية”، متوقعا أن “ترتفع إيجابا بنسبة 5,7 في المائة في 2025”.

ولم يفت تقرير إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية الإشارة إلى أنه “في سياق عالمي يظل فيه النمو الاقتصادي أقلَّ، إجمالا، من المعدلات المسجلة تاريخيا، من المتوقع أن يصل النمو في المغرب إلى 3,2 في المائة بحلول متم عام 2025”. وبينما جاء هذا الرقم عاكسا لدينامية “انتعاش محدود”، إلا أنه دليل أيضا على الاستقرار الاقتصادي في “بيئة عالمية تتسم بالتوترات الجيوسياسية والتضخم المستمر وارتفاع مستويات الديون”، حسب توصيف اقتصاديّي وخبراء المنظمة الأممية.

وعند استحضار “استمرار الأداء الضعيف للنمو العالمي في ظل استمرار حالة عدم اليقين”؛ وهو ما أفرد له التقرير الأممي حيزا كبيرا، فإن توقعات نسبة نمو بـ3.2 في المائة تشهَد لاقتصاد المملكة بـ”مرونة وصمود في مواجهة التباطؤ العام المسجل في ديناميات الاستثمار وانخفاض الإنتاجية”.

وبالمقارنة مع مناطق أخرى من العالم، فإن النمو في المغرب لسنة 2025 يبقى “متماشيا ومتسقا” مع الأداء الإفريقي لعموم اقتصاديات القارة، حيث من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للقارة بنسبة 3,7 في المائة في عام 2025.

ضمن أبرز خلاصاته العامة وملامح الاقتصاد خلال السنة الراهنة، علَّق معدو التقرير بأن “انخفاض التضخم وسياسات رفع القيود النقدية يبعثان مشاعر الاطمئنان؛ غير أن التوقعات يكتنفها الغموض نتيجة التوترات التجارية وأعباء الديون الثقيلة والمخاطر الجيوسياسية”، في إشارة واضحة إلى آثار استمرار التوترات والحروب العسكرية في كل من أوكرانيا ومناطق متفرقة من الشرق الأوسط.

وبينما سجل أن انخفاض التضخم واستمرار سياسات رفع القيود النقدية (تَيْسير السياسات النقدية) في العديد من الاقتصادات من شأنه أن يوفر “دفعة متواضعة” للنشاط الاقتصادي العالمي في عام 2025، استدرك الخبراء في التقرير أنه “لا تزال حالة عدم اليقين ماثلة بدرجة كبيرة، بالإضافة للمخاطر الناجمة عن النزاعات الجيوسياسية، وتصاعد التوترات التجارية، وارتفاع تكاليف الاقتراض في العديد من أجزاء العالم”.

حدة هذه التحديات تزداد بشكل خاص في البلدان منخفضة الدخل والضعيفة، إذ “يهدد النمو الهش ومعدله دون المستوى المتوسط بمزيد من تقويض التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق