شدد الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمجلس المستشارين اليوم الخميس على موقفه “النهائي” بخصوص بعض مقتضيات مشروع قانون 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، خصوصا في ما يتعلق ببعض الجوانب التي اعتبرها “تفتح باب الابتزاز باسم الإضراب” وتكون “ماسّة باستقرار المؤسسات الاقتصادية وحقوق أصحاب العمل، والتي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار لضمان توازن عادل بين حقوق العمال وحقوق المقاولات”.
وبعد مداخلات تناقش المادة الثالثة من المشروع سالف الذكر خلال المناقشة التفصيلية التي انطلقت اليوم بجلنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية والتي نبهت إلى “مشكلة حقيقية” في توظيف “احتلال أماكن العمل في القانون بشكل ملتبس”، أكدت “الباطرونا” على أن “الحق في الإضراب، كما هو منصوص عليه في الدستور، هو حق مكفول للعمال، لكنه يجب أن يُمارس في إطار يحترم القانون ولا يسبب أضراراً جسيمة للمقاولات، التي تُعد عصب الاقتصاد الوطني ومصدراً رئيسياً لتوفير فرص العمل”.
وفي مداخلة تقدم بها المستشار عن ECGM عزيز بوسلخيتن، أورد ما اعتبره أن “عرقلة حرية العمل خلال مدة سريان الإضراب تُعتبر سلوكاً ضاراً بالمقاولة، حيث يؤدي إلى تعطيل سير العمل الطبيعي وإلحاق خسائر مادية ومعنوية بالمؤسسات، ويُضعف أيضاً قدرة المقاولة على الوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها وشركائها الاقتصاديين، فهذا السلوك يهدد استمرارية النشاط الاقتصادي ويؤثر سلباً على سمعة المؤسسة وقدرتها على المنافسة في السوق”، مشيرا إلى “إفلاس مقاولات فلاحية نتيجة الإضراب”.
كما أشار إلى أن “احتلال أماكن العمل يُعد انتهاكاً خطيراً لمبدأ حرية العمل واستقلالية المؤسسات، فمنع دخول وخروج السلع والآليات والأشخاص من وإلى أماكن العمل لا يعيق فقط سير العمل، بل يُعرض المقاولة لخطر التوقف الكلي أو الجزئي عن النشاط، مما قد يؤدي إلى خسائر فادحة وتعريض وظائف العمال للخطر”، معتبرا أن “استمرارية العمل هي ضمانة لبقاء المؤسسات قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية والاجتماعية تجاه عمالها والمجتمع”.
وقال إن “هناك عمليات ابتزاز تتم تحت يافطة الإضراب رغم أن المقاولة تمر حينها في ظروف صعبة (…) موضحا أن “النسيج المقاولاتي يحفّز فرص الشغل في البلد ويتطلب التشجيع لتوفير مناخ للاستثمار، لأنه حاليا هناك إشكالات مع الأبناك والدولة والضرائب والضمان الاجتماعي، ثم تأتي الإضرابات واحتلال أماكن العمل كضربة قاصمة”، وزاد: لذلك، فإننا نؤكد على أهمية أن يتضمن النص آليات واضحة وصارمة تحمي المقاولات من هذه السلوكيات الضارة، والتي تُهدد استقرارها الاقتصادي وقدرتها على الاستمرار”.
وتابع شارحا: “يجب العمل على تعزيز القوانين التي تحمي حق المقاولات في ممارسة نشاطها بحرية، مع ضمان احترام حقوق العمال في إطار قانوني متوازن”، خاتما بالتأكيد على أن “حماية المقاولات من السلوكات الضارة لا يعتبر فقط واجباً قانونياً، بل هو أيضاً ضرورة اقتصادية لضمان استمرارية النمو وتوفير فرص العمل، لذا فإن تحقيق التوازن بين حقوق العمال وحقوق أصحاب العمل هو السبيل الوحيد لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة بهذا الوطن”.
وبعد أن أحدثت هذه الكلمة “جدلا” حين شعر فريق الاتحاد المغربي للشغل أن “الباطرونا” ترد على ما ورد في مداخلات الفريق، نبه رئيس اللجنة عبد الرحمن الدريسي إلى أن “الأمر مستبعد” ومنح الكلمة للوزير السكوري الذي تفاعل باقتضاب مع جميع المداخلات بنبرة مُطمئنة باحثة عن “التوافق”، وقال: “ضروري أننا في قراءتنا للنص سنمر على كل شيء، وهناك مواد إجمالا تتطلب تدقيقا خصوصا المفاهيم.. وسنقوم بذلك طبعا، ولكن الأساسي أن مجموعة من التعريفات موجودة لدى منظمة العمل الدولية”.
وردا على المستشارين الذين استغربوا لتوظيف كلمة “احتلال” في النص بوصفها “استنساخ من تجارب أخرى أو ترجمة غير دقيقة”، لفت الوزير إلى كونها مترجمة عن الكلمة الفرنسية (Occupation)، معتبرا أن “هناك اجتهادات في الأمر”، وزاد: “المهم أننا نعرف أن عرقلة أماكن العمل بما فيها احتلال منافذ ومخارج المقاولة يتضمن إضراراً بحرية العمل، ونحن نعرف أيضا أن الخطاب الملكي حول الموضوع ركز على ثلاثة عناصر، لذلك غاية النص هي إنصاف الشغيلة وحمايتها وإنصاف المشغل وتوفير حرية العمل والمجتمع أيضاً”.
وتابع قائلا: “بنفس منطق العمل وبنفس الحماس وبنفس الحدة وبنفس الحرص، سننصف الأطراف الثلاثة”، وأورد:
“نحن لم نذكر مصالح المجتمع في النص وسنضيفها وفي آخر المطاف العمال سيتضررون إذا لم يحظ المواطنون بالخدمة وسيتضررون من الاقتطاع بشكل أو بآخر”، مشيرا في باب التعريفات إلى “اختيار مفهوم العمال بشكل عام لنوسع حماية الحقوق، لأن العلاقة الأجرية واضحة سواء كانت بالأجرة وبدونها. والعامل كيفما كان نوعه يجب أن يحظى بحق الإضراب”.
0 تعليق