الانفتاح المغربي على شركات الدفاع التركية يدعم الصناعة العسكرية المحلية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

زار إرهان أولجن، مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة الدفاع التركية “ASELSAN”، التي تُعد من بين أفضل شركات التصنيع الحربي على المستوى العالمي، المغرب بهدف مناقشة فرص التعاون مع المملكة، حسبما أفاد به بيان صادر عن سفارة أنقرة في الرباط.

وتتمتع الشركة التركية المذكورة بسجل حافل في تصنيع مجموعة من الأنظمة والأسلحة المتقدمة؛ بما في ذلك أنظمة الدفاع الصاروخي، والأنظمة الكهروضوئية الأرضية، وأنظمة الاتصالات والحروب الإلكترونية. كما تمتلك “ASELSAN” خبرة واسعة في مجال التصنيع الدفاعي الجوي، حيث تُصنع مجموعة من الأنظمة على هذا المستوى؛ مثل نظام “كوركوت” المدفعي ذاتي الحركة ونظام صواريخ الدفاع الجوي “هيسار” متوسط ومنخفض الارتفاع، وغيرها من الأنظمة.

وأكد خبراء استراتيجيون تحدثوا لجريدة هسبريس الإلكترونية في هذا السياق أن انفتاح المغرب على تركيا وتعزيز تعاونه معها واستفادته من خبرات شركاتها الدفاعية يخدم الورش الاستراتيجي الذي أطلقته المملكة، والمتمثل في تطوير صناعة عسكرية ذاتية وبناء قاعدة صناعية عسكرية محلية لتحقيق الاستقلالية الدفاعية وتقليل الاعتماد على موردي السلاح الخارجيين.

وأشار هؤلاء الخبراء في الوقت ذاته إلى أن أنقرة توفر للرباط فرصة مهمة للحصول على حلول دفاعية متطورة تلبي احتياجات مؤسستها العسكرية.

انفتاح مغربي وورش استراتيجي

تفاعلا مع هذا الموضوع، أورد عبد الرحمن مكاوي، خبير في الشؤون العسكرية، أن “زيارات وفود وممثلي شركات الدفاع التركية إلى المغرب والتباحث مع المسؤولين المغاربة تخدم أهداف الاستراتيجية التي وضعتها الدولة المغربية والعقيدة الدفاعية الوطنية المتمثلة في توطين الصناعة العسكرية وتحقيق الاستقلالية الدفاعية”.

وأضاف مكاوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “تحقيق هذا الهدف يتطلب بالضرورة توطيد العلاقات والتعاون وتبادل الخبرات مع مجموعة من الدول والشركات الدفاعية في العالم؛ ومن ضمنها الشركات التركية التي تعد المملكة المغربية من أبرز زبائنها في منطقة شمال إفريقيا”، لافتا إلى أن “هذه الشركات قد تكون مهتمة هي الأخرى بالاستثمار في المغرب من خلال تشييد وحدات إنتاجية داخل المملكة”.

وأوضح الخبير العسكري ذاته أن “تركيا استطاعت أن تضع نفسها ضمن نادي المصنعين العسكريين العالميين في ظرف عقود فقط؛ وهو ما يمكن أن يشكل مدخلا للمغرب للاستفادة من التجربة والخبرات التركية، سواء من حيث التزود ببعض أنواع الأسلحة أو من حيث إقامة شراكات مع هذه الدولة تضمن نقل التكنولوجيا وتبادل الخبرات في هذا المجال”.

وأبرز المتحدث أن “الأسلحة التركية أظهرت فعاليتها في العديد من مسارح العمليات؛ كالحرب الأوكرانية الروسية، والحرب بين أرمينيا وأذربيجان، وكذا في ردع الجماعات الإرهابية في شمال مالي التي يستخدم جيشها عتادا حربيا تركيا”، لافتا إلى أن “تركيا استفادت كثيرا على هذا المستوى من الخبرات الإسرائيلية ومن الوجود الأمريكي في تركيا من خلال قاعدة إنجرليك، التي تعد من أكبر القواعد الأمريكية وتضم مخازن أسلحة ضخمة ووحدات تصنيعية أيضا”.

وأكد مكاوي أن “انفتاح المغرب على التجربة التركية يفيد المملكة كثيرا في تسريع الأوراش الاستراتيجية المرتبطة بالتصنيع الدفاعي، حيث إن المغرب في الوقت الحالي حقق اكتفاء ذاتيا على مستوى تصنيع العديد من الذخائر والمقذوفات وقطع الغيار”، مبرزا أن “هناك اهتماما ملكيا بهذا الورش والرهان الوطني، الذي يحقق فيه المغرب خطوات مهمة في إطار التعاون مع مجموعة من الدول والشركات المهتمة بالتعاون مع الرباط؛ نظرا لما تتمتع به من استقرار سياسي وتوفر بيئة مواتية للاستثمار”.

نموذج تركي ومشاريع مشتركة

من جهته، قال هشام معتضد، باحث في الشؤون الاستراتيجية، إن “تعزيز الشراكة مع شركات الدفاع التركية مثل ASELSAN يشكل خطوة استراتيجية تدعم جهود المغرب في تطوير قدراته العسكرية والتقنية”.

وفي هذا الصدد، سجل معتضد، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “الصناعات الدفاعية التركية تمثل، بفضل كفاءتها العالية وتكلفتها التنافسية، نموذجا مثاليا لشراكة توازن بين الفاعلية الاقتصادية والتقدم التكنولوجي”، لافتا إلى أن “هذه العلاقة تتيح للمغرب الاستفادة من الخبرات التركية الناجحة في مجالات الأنظمة الإلكترونية والحلول الذكية؛ وهو ما ينسجم مع رؤية المغرب لتطوير بنية دفاعية ذاتية”.

وأكد الباحث في الشؤون الاستراتيجية أن “الحلول التقنية التركية، من الطائرات المسيرة إلى أنظمة الحرب الإلكترونية، توفر أدوات مبتكرة تلبي الاحتياجات المتزايدة للقوات المسلحة المغربية بشكل مباشر وفعال”، معتبرا أن “نقل التكنولوجيا العسكرية يمثل ركيزة أساسية في هذه الشراكة، إذ تفتح استفادة المغرب من المعرفة التقنية التركية آفاقا لتطوير قدراته الإنتاجية محليا، مع تدريب كوادر وطنية على تشغيل الأنظمة المتقدمة”.

وشدد المتحدث على أن “رغبة المغرب في تأسيس صناعة دفاعية محلية تعكس إدراكه لأهمية تعزيز سيادته في مجال الدفاع. وعليه، فإن التعاون مع شركات متقدمة مثل ASELSAN يمكن أن يساهم في بناء قاعدة صناعية متكاملة تعزز الاقتصاد الوطني وتوفر فرص عمل في قطاعات تقنية متقدمة؛ مما يرفع مناعته الاقتصادية والعسكرية في مواجهة التحديات”.

وأضاف الباحث في الشؤون الاستراتيجية أن “التوجه نحو تنويع الشركاء الدفاعيين يعكس إدراك المغرب لأهمية كسر الاعتماد الحصري على حلفائه التقليديين؛ ذلك أن الانفتاح على قوى صاعدة مثل تركيا يمكن أن يتيح تنويع مصادر التكنولوجيا والأسلحة، مما يعزز مرونة المملكة في اتخاذ قرارات سيادية تتماشى مع مصالحها الوطنية بعيدا عن التبعية”، مبرزا أن “التقاطع في المصالح الاستراتيجية بين المغرب وتركيا يظهر بوضوح في هذا التعاون، حيث يملك البلدان فرصا لبناء شراكة تتجاوز المجال الدفاعي لتشمل التكنولوجيا الذكية والأمن السيبراني، مما يعزز من استقرارهما وأمنهما”.

وخلص هشام معتضد إلى أن “امتلاك المغرب تكنولوجيا دفاعية متقدمة من تركيا سيعزز من موقعه كقوة إقليمية فاعلة، خاصة في ظل تحديات المنطقة الأمنية مثل الإرهاب وتأمين الملاحة البحرية”، معتبرا في الوقت ذاته أن “الشراكة مع ASELSAN قد تمثل انطلاقة واعدة لتطوير مشاريع مشتركة؛ بما في ذلك مراكز أبحاث متخصصة في الصناعات الدفاعية. وهذا ما يعكس مفهوم “الاعتماد المتبادل”، حيث يتم تبادل الخبرات والموارد لبناء علاقات استراتيجية طويلة الأمد تخدم استقرار البلدين وتعزز مصالحهما المشتركة”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق