لم يقف إبداع فنانو محافظة الأقصر، عند حد صناعة التماثيل التي تخطف الناظرين فحسب، خاصة وأن جميع الورش أو مصانع الألباستر بمدينة القرنة ملحق بها معرض صغير لعرض إنتاج هذه الورش من التحف والتماثيل وغيرها، ولكنهم قرروا أن ينفذوا طريقة مبتكرة لعرض ما أبدعته أناملهم، من خلال إقامة أول متحف للتماثيل الفرعونية المقلدة بالألباستر بالأقصر.
"البوابة نيوز" قامت بجولة داخل أول متحف للتماثيل الفرعونية المقلدة التى صنعها نجوم من الصناع الأقصريين المهرة الذين يبهرون سياح العالم خلال زيارتهم الأقصر، حيث تعتبر مهنة صناعة التحف المقلدة بأيادى مصرية مهنة عريقة وتراثية ورثها أبناء الأقصر عن أجدادهم القدماء المصريين على مر العصور حتى احترفوا تلك الصناعة اليدوية.
وعند دخولك لأول مرة هذا المتحف ينتابك إحساس بعبق التاريخ وتشاهد عظمة الفنان المصري، حيث تشاهد التحف المتنوعة والمصنوعة يدويًا "هاند ميد" بأيادى مصريين من أبناء البر الغربي، حيث تصنع تلك التحف من الأحجار التى يتم جلبها من جبل مدينة القرنة الجبل الأشهر فى الحضارة المصرية القديمة، وهى نفس الأماكن التى جلب منها الفراعنة الأحجار لصناعة حضارتهم العريقة على مدار آلاف السنين.
ويضم المتحف، مئات التماثيل من بينها تمثال على شكل رأس رمسيس الثانى وتوت عنخ آمون، وهناك أيضا تحفة فنية على شكل تابوت صغير لا يتعدى طوله 30 سم، ويوجد بداخله مومياء مقلدة أيضا يوجد مركب شراعية من حجر الألباستر القديم وأخرى مصنوعة من الخشب، وهناك تماثيل كاملة مقلدة يصل طولها إلى نصف متر.
وحول هذا المتحف، الذي يعتبر الأول من نوعه كشف الحاج أحمد العترة صاحب أحد مصانع الألباستر غرب الأقصر، إن صناعة التحف الفرعونية المقلدة من حجر الألباستر فى مدينة القرنة، تعتبر أحد أبرز فنون العمل بأيدي مصرية خالصة، ويتم تعليمها للجميع وهو وكافة أشقاؤه من خريجى الكليات وتعلموها أيضًا ليتوارثوها عن أجدادهم فهي المصدر الأول والأهم لهدايا السائحين غرب الأقصر.
وأوضح العترة، أن صناعة الألباستر تعد صناعة يدوية ومصدر رزق للمئات من أبناء مدينة القرنة، وأنه لديه 3 مصانع وورشة لصناعة التحف التاريخية بمختلف أشكالها، فهناك تماثيل تحفر وتنقش من الحجر فتخرج قطعًا فنية لا تكاد تفرقها عن التماثيل الأصلية، وفي بعض الأحيان يستعان بالأتربة والكسر الناتج عن الحفر في صب تماثيل في قوالب جاهزة بعد خلطها بالمواد الكيماوية لمنحها درجةً من الصلابة وتلوينها بألوان لافتة للأنظار.
وأضاف، أن أغلبية المصانع لديها معارض خاصة بها، ولكن فيما يخص المتحف فقد جائتني الفكرة من المتحف المصري الكبير، فقررت إقامة مكان يتم فيه جميع التحف القديمة لنصنع بها متحفًا للنسخ المقلدة لأجدادنا ليقوم السائحون بزيارته مع رفضه لبيع أى قطعة منها لأنها إرث أجداده، وقمت بالتفنن في عمل الديكورات الساحرة لها وعرض القطع بطريقة مثيرة للاهتمام لجذب انتباه الزائرين الأجانب بجانب تنفيذ نوعيات من تكنولوجيا الإضاءة المبهرة لإظهار جمال التحف الفنية المعروضة، مضيفًا أن المتحف يوجد به أقدم النسخ المقلدة التى صنعها أجدادنا منذ سنوات طويلة يصل عمر إحداها إلى أكثر من 100 عام، لافتا إلى أنه على غرار هذا المتحف، أقبل جميع أصحاب مصانع الألباستر على عمل مثله داخل مصانعهم ليجمعوا بداخله القطع الفريدة التى يتم صنعها.
العترة: مهنة الألباستر لا يمكن أن تنقرض
وتابع العترة، أن مهنة الألباستر لا يمكن أن تنقرض فهي مهنة المحترفين الذين لم يتلقوا التعليم فى المدارس ولا الجامعات فأغلبهم توارث تلك المهنة من أجدادهم وفي كل بيت بالقرنة ستجد هذه المهنة، التي يتعاون فيها الجميع من الكبير للصغير، كما أنها مهنة تراثية وتعتبر إحدى أهم الصناعات اليدوية فى المجال السياحي، موضحًا أن السائحين يعشقون منتجات الألباستر والتي من بينها أشكال وأحجام الفازات والتماثيل من الجير والملاكيت وحجر التركواز والأحجار الكريمة والبورسلين الذى يعد الأغلى بين هذه الأنواع، كما يتم صناعة الجعران الفرعونى بأشكاله المختلفة، والذى يلقى إعجابًا وإقبالًا من السياح من حول العالم.
0 تعليق