من أجل سد “الفراغ” التشريعي الحاصل في تأطير التعمير بالقرى والمناطق الجبلية في المغرب، ولفك “عقدة البناء بهما، وتجنيب القرويين تعسف “الإدارة” والبيروقراطية التعميرية، تقدم فريق حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب بمقترح قانون “يتعلق بالتعمير والبناء في المجال القروي والجبلي”، يدعو إلى السماح “بالقيام بالبناء المخصص للسكن الفردي والعائلي دون الحصول على رخصة لمباشرة ذلك في المجال القروي والجبلي”، الذي يوجد خارج الدوائر المنصوص عليها في قانون التعمير.
وسجل أعضاء فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، الذين تقدموا بالمبادرة التشريعية المذكورة، أن المجال القروي والجبلي “يعاني”، منذ الاستقلال، “من فراغ كبير متعدد الأبعاد: غياب التشريع وغياب التهيئة وغياب العدالة المجالية”، مُستبعدين إمكانية “النهوض بالعالم القروي وتنميته بصورة جدية دون استراتيجية طموحة ومتعددة الأبعاد تنفذ بتأطير قانوني كاف وملائم، ومؤسسات تعميرية متخصصة”.
وأورد نواب “البام”، في المذكرة التقديمية للمقترح الذي توصلت به هسبريس، أن “التشريع الوطني الوحيد المتعلق بتنمية التكتلات العمرانية القروية يعود إلى 25 يونيو 1960؛ حيث أحدث هذا القانون وثيقة تعمير خاصة بالعالم القروي والجبلي تسمى “تصاميم التنمية”، وتهدف إلى تنظيم وتخطيط المراكز القروية الصغرى ومراقبة توسعتها”.
واستدرك المصدر نفسه بأن “مجال تطبيقها ظل دائما محدود جدا، فهو لا يغطي إلا القليل من المجال القروي والجبلي، على الرغم من التطور الديمغرافي القروي وبروز ظاهرة استقلال الأبناء عن الآباء في السكن، وبروز مشاريع تنموية قروية وجبلية، ناهيك عن تعقد المساطر الإدارية المتعلقة بالترخيص بالبناء وإحداث التجزئات وغيرها”.
وأكد نواب الأصالة والمعاصرة بالغرفة الأولى أنه “أصبح من الضروري إصدار تشريع متطور وملائم خاص بالعالم القروي والجبلي”، مقرين بأن “مشاكل تنمية المجال القروي لا تكفي فيها القوانين نظرا لكم ونوع مشاكل هذا المجال”؛ غير أن “للمساهمة الملموسة على الأقل في معالجة إحدى المعضلات الإنسانية بالمجال القروي، ألا وهي تمكين الأسر من الاستقلال بمنازلها وتوفير سكن لائق لأفراد عائلاتها، وذلك عن طريق الترخيص بالبناء والتوسعة”، تقدم الفريق بهذا المقترح، وفقهم.
“بناء بلا رخصة”
يتضمن المقترح، الذي اطلعت عليه هسبريس، 21 مادة موزعة على 3 أبواب، خصص ثالثها للمقتضيات الانتقالية والختامية. ويهم الباب الأول “مبادئ أساسية في التعمير والبناء القروي والجبلي”؛ فيما تكرس المادة الأول منه حق القرويين في التعمير والتنمية، إذ تقضي بأنه “تطبيقا لمقتضيات الدستور، ولاسيما الفصل 31 منه، المجال القروي جزء من التراب الوطني، ولِسكانه حق أساسي في التعمير وفي التنمية القروية والتنمية المستدامة”.
وتلزم المادة الثانية من المبادرة التشريعية “الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، وكل في وسطه، من الحق في السكن اللائق الفردي أو العائلي، ومن الحق في الحصول على الماء والكهرباء والعيش في بيئة سليمة”.
وفق مقترح القانون، “لسكان المجال القروي والجبلي حق أساسي في التعمير والبناء وشغل الأراضي بغرض تلبية حاجة الأفراد والعائلات من السكن اللائق، والرفع من جاذبية المجال، وتعزيز الدينامية الاقتصادية به، وذلك دون الإخلال بالتوازن بين المؤهلات الفلاحية للمجال القروي والجبلي وبين الحاجيات التعميرية والسكنية للقاطنين به”، كما نصت المادة 3 منه.
أما الباب الثالث فيحدد “القواعد الخاصة بتأطير التعمير والبناء في المجال القروي والجبلي”، وينقسم إلى فرعين: أولهما يتعلق بـ”تقليص نطاق تطبيق رخصة البناء”، حيث تجيز المادة 5 من مقترح القانون “القيام بالبناء المخصص للسكن الفردي أو العائلي دون الحصول على رخصة لمباشرة ذلك في المجال القروي والجبلي الذي يوجد خارج الدوائر المنصوص عليها في المادة 40 من القانون رقم 012.90 المتعلق بالتعمير”.
وأكدت المادة 5 من المقترح المذكور أنه “خلافا لمقتضيات المادة 40 من القانون رقم 012.90 المتعلق بالتعمير، يجوز القيام بالبناء دون حاجة إلى رخصة البناء في حالة إدخال تغييرات على المباني القائمة، إذا كانت التغييرات المزمع إدخالها تتعلق بإقامة بناء مخصص للسكن الفردي أو العائلي”.
غير أن المادة السادسة منه توجب إقامة “المبنى على بعد 10 أمتار من حد الطريق العام الجماعي المجاور و5 أمتار من الحدود الفاصلة بينه وبين غيره من العقارات و500 متر من السكك الحديدية ومن الملك العام البحري و100 متر من الطريق العام الوطنية”.
ضوابط ومسطرة
في الصدد ذاته، يتعلق الفرع الثاني من الباب الثاني من مقترح القانون بـ”تبسيط ضوابط البناء ومسطرة تسليم شهادة صلاحية السكن”، حيث نصت المادة الثامنة على عدم إمكانية “الشروع في إنجاز البناء إلا بعد مرور شهر كامل من تاريخ وضع ملف طلب رخصة البناء بالجماعة الترابية المعنية”، فيما تدع المادة 10 “الاستعانة بمهندس معماري أو مهندس مساح طبوغرافي مسألة اختيارية”.
وتوجب المادة نفسها على الجماعة الترابية المعنية “تقديم المساعدة التقنية لحاملي مشاريع البناء في المجالين القروي والجبلي، من خلال نماذج من التصاميم المعمارية يتم إعدادها من طرف الوكالة الحضرية بشراكة مع الجماعة الترابية المعنية”، كما تؤكد وجوب “مراعاة الخصوصية الجهوية في إعداد التصاميم المعمارية النموذجية” على أن تحدد “بنص تنظيمي مسطرة إعداد التصاميم المعمارية النموذجية وكذا طريقة تقديم المساعدة التقنية والمعمارية بالعالـم القروي والجبلي”.
ويتيح مقترح القانون ” للجماعة أن تبدي داخل الأجل المنصوص عليه في المادة 9 أعلاه اعتراضها أو تحفظها على البناء المزمع القيام به، وخاصة فيما يتعلق بالموقع وبالمساحة الدنيا للبقعة الأرضية المزمع إقامة البناء فوقها وبالمساحة المسموح ببنائها وبعلو المبنى وبشروط الصرف الصحي والتزويد بالماء طبقا للمقتضيات التشريعية الجاري بها العمل”، كما نصت المادة 11.
تعرض الجماعات
وفق المبادرة التشريعية ذاتها، فإن “كل اعتراض أو تحفظ من جانب الجماعة الترابية المعنية يجب أن يكون مكتوبا ومعللا، ويبلغ قرار الجماعة في الموضوع إلى المعني بالأمر بالطرق القانونية”، وفق المادة 13؛ بينما قضت المادة الموالية بأنه “يترتب عن اعتراض الجماعة أو تحفظها بشأن مشروع البناء المزمع إنجازه، والذي تـم تبليغه لصاحب المشروع، توقيف البناء المذكور”.
“خلافا لمقتضيات الفقرة الأولى من المادة 47 من القانون رقم 012.90 المتعلق بالتعمير فإن عدم ربط البقعة المزمع بنائها بشبكة الصرف الصحي أو شبكة توزيع الماء الصالح للشرب لا تحول دون إنجاز البناء، متى كانت طريقة الصرف الصحي والتزويد بالماء تتوفر فيها الضمانات التي تستلزمها متطلبات النظافة والصحة حسب رأي المصالح المختصة في ذلك”، وفق المادة 16 من المقترح نفسه.
0 تعليق