شددت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب على تضمين مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب “ديباجة”، رغم أن وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات تمسك في كافة مراحل المسطرة التشريعية للنص بأن “القضاء الدستوري حاسم في مسألة القوانين التنظيمية بوصفها مكملة للدستور ولا تحتاج إلى ديباجة”.
ووفق التعديلات التي تقدمت بها النقابتان، كما وُضعت في مكتب لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، فإن مجموعة الـCDT تقترح أن تنص الديباجة على أن “الحق في ممارسة الإضراب يشكل أبرز تجليات الحرية النقابية باعتباره وسيلة للدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمهنية والمعنوية للطبقة العاملة ولكل فئات المجتمع كالمهنيين والطلبة”؛ بالإضافة إلى كونه “حقا من حقوق الإنسان الأساسية وحقا دستوريا، كما ينص على ذلك الفصل 29 من الدستور، واستنادا إلى المواثيق الدولية التي تضمن الحق في ممارسة الإضراب، خاصة العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقيات منظمة العمل الدولية، وعلى رأسها الاتفاقيات رقم 87 و98”.
وزادت إحدى كبريات النقابات العمالية في تعديلها: “يعتبر حق ممارسة الإضراب مضمونا، ويمارس وفق أحكام هذا القانون التنظيمي. ويعد باطلا كل تنازل أو مس بالحق في الإضراب”، مضيفة أنه “في حالة تنازع القوانين تعطى الأولوية في التطبيق للمقتضيات القانونية الأكثر فائدة للمضربين”.
الطرح نفسه دافعت عنه نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، مقترحة أن تنص الديباجة على أن “لحق ممارسة الإضراب أهمية بالغة كوسيلة مشروعة في إطار الحريات العامة وحقوق الإنسان، لتحقيق التوازن بين الأجراء بمختلف فئاتهم، من جهة، والمشغلين، سواء في القطاع العام أو الخاص، من جهة أخرى”.
وذكرت الـUNTM أنه “حرصًا على تنظيم ممارسة هذا الحق بما يحقق العدالة الاجتماعية والسلم الاجتماعي وضمان التعاقد الاجتماعي، ويكفل احترام الحقوق الدستورية والقانونية لجميع الأطراف، صدر هذا القانون ليحدد ضوابط وشروط ممارسة حق الإضراب، مع الالتزام بالمصالح العامة والخاصة، وحماية النظام العام”.
وتابعت النقابة ذاتها في تعديلها: “كما يأتي هذا القانون التنظيمي لتعزيز وتوسيع مجال الحريات عبر ممارسة حق الإضراب استنادا إلى الدستور، وانسجاما مع المواثيق والمرجعيات والمبادئ الدولية ذات الصلة، وتثمينا للرصيد التاريخي للممارسة الوطنية لهذا الحق الدستوري”، وزادت: “لذلك فإن هذا القانون التنظيمي يُعدّ إطارًا تنظيميًا لتحقيق التوازن في صون حقوق المضربين وتكريس حرية العمل، في ارتباط مع ممارسة حق الإضراب وطنيا أو جهويا أو محليا”.
وعللت النقابة تمسكها بالديباجة مستندة إلى “أهمية هذا القانون التنظيمي الذي يكتسي طابعا خاصا وينظم مجالا أساسيا يتعلق بحق من حقوق الإنسان الأساسية”، مشيرة كذلك إلى أن “المحكمة الدستورية سبق لها أن أقرت بأنه لا يوجد في الدستور ما يحول دون تصدير قانون تنظيمي بديباجة له في قرار يخص القانون التنظيمي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي”.
وبخصوص احتلال أماكن العمل، الوارد ضمن تعريفات المادة الثالثة، التي تشير إلى أنه “كل فعل يؤدي إلى عرقلة حرية عمل العمال غير المضربين أو استمرارية نشاط المقاولة عبر منع دخول وخروج السلع والآليات والأشخاص من وإلى أماكن العمل”، فالنقابتان المتواجدتان في معارضة الغرفة الثانية شددتا على الحذف التام لهذا التعريف من المشروع.
وفي المادة السابعة من النص التي تورد أن “حرية العمل أثناء ممارسة حق الإضراب مضمونة بمقتضى هذا القانون، ويمنع كل فعل يؤدي إلى عرقلتها أو احتلال أماكن العمل”، اقترحت النقابتان تضمين الصياغة التالية: “(…) تؤدي إلى عرقلتها بالقوة أو العنف المثبت بوسائل الإثبات القانونية”، وذلك لـ”تفادي أي تأويل لهذه الفقرة من شأنه التضييق على حق الإضراب”.
وفي ما يتعلّق بالجهة الداعية للإضراب طالبت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمنح هذا الحق “لكل نقابة مؤسسة طبقا للتشريعات والقوانين الجاري بها العمل”، ولـ”لجنة الإضراب وفق ما هو منصوص عليه في المادة 11 من المشروع”، بالإضافة إلى “كل نقابة أو هيئة تمثل المهنيين”، وكذا كل “تنظيم نقابي يمثل العاملات والعمال المنزليين وكل شخص يدافع عن حقوقه أو حقوق غيره”.
أمّا “نقابة الإسلاميين” فطالبت بالتنصيص على أن الدعوة للإضراب ممكنة لـ”كل نقابة مؤسسة طبقا للتشريعات والقوانين الجاري بها العمل”، وكذا “لجنة الإضراب وفق ما هو منصوص عليه في المشروع”، ولكل “نقابة أو هيئة أو جمعية تمثل المهنيين مؤسسة طبقا للقوانين والتشريعات الجاري بها العمل”، بالإضافة إلى “أي نقابة تمثل العاملات والعمال المنزليين مؤسسة طبقا للقوانين والتشريعات الجاري بها العمل”؛ ناهيك عن “مندوبي الأجراء على صعيد المقاولة”، وكذا “كل شخص طبيعي يدافع عن حقوقه أو حقوق غيره”.
وفي المادة السادسة من المشروع التي تتضمن فقرة تشير إلى أن “كل عامل يشارك في الإضراب يعد في حالة توقف مؤقت عن العمل لا يؤدى عنه أجر” طالب التنظيمان النقابيان معاً بحذف المقتضى، لأن “الإضراب حق مشروع، ولأنه يكون في غالب الأحيان دفاعا عن حق الأجير في الأجر أو التصريح لدى مؤسسات الضمان الاجتماعي أو من أجل ضمان توفير شروط الصحة والسلامة داخل مقر العمل أو غيرها من الحقوق؛ ولذلك لا تجوز معاقبته بالاقتطاع من أجره”.
0 تعليق