عانى مشروع محطة أكويو النووية في تركيا من العقوبات المفروضة على روسيا، التي تسببت في تعطيله ووضع أنقرة في مأزق بيئي ومناخي عالمي حال عدم انطلاق المرحلة الأولى في موعدها.
وتسعى تركيا إلى زيادة حصة الطاقة النووية في مزيج كهرباء البلاد، محاولةً لتقليص استعمال الفحم والتغلب على الإنتاج المتقطع للطاقة الكهرومائية.
ووفق خريطة المشروعات النووية العالمية لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تملك أنقرة طموحًا لإطلاق أسطول من المحطات والمفاعلات المعيارية الصغيرة بما يصل إلى 20 غيغاواط، بحلول 2050.
وتهدف أنقرة من هذا التوجّه إلى خفض استهلاك الفحم وانبعاثاته، لكن ثمة تأخيرات تتعلق بنظام المدفوعات تُعطِّل مشروع أكويو؛ ما دفع موسكو لطرح مقترح قد يشكّل طوق نجاة لإنقاذ المشروع النووي التركي.
محطة أكويو النووية في تركيا
تُعدّ محطة أكويو النووية في تركيا أبرز مشروعات القطاع، إذ تصل قدرتها إلى 4800 ميغاواط، وتصنَّف بوصفها ثالث أكبر سلسلة مشروعات نووية عالمية.
ويُخطط لإطلاق المحطة -التي تُقدَّر استثماراتها بنحو 20 مليار دولار- على 4 مراحل، بدءًا من العام الجاري 2025 حتى 2028 (بمعدل مرحلة كل عام، بقدرة 1200 ميغاواط لكل منها).
![من مراسم تركيب في الوحدة الأولى من محطة أكويو للطاقة النووية](https://attaqa.net/wp-content/uploads/2024/12/b946744f6b5ede4bb021c0a7bea9b303-scaled.jpg)
وكانت شركة روساتوم الروسية قد بدأت بناء المحطة عام 2013، وفور التشغيل تسهم المرحلة الأولى منها بنحو 10% من إنتاج الكهرباء في تركيا، حسب معلومات نشرتها رويترز.
وأنجزت الشركة الروسية -حتى الآن- تشغيل بعض معدات المحطة، واختبار الضخ في مفاعل الماء المضغوط، وأنظمة التبريد، والتيقن من اعتبارات السلامة.
وواجهت المحطة تأخيرات متكررة لأسباب مختلفة، من بينها التكلفة المرتفعة؛ ما يجعل الإطار الزمني المُعلَن للتشغيل "محلّ شك".
ولا تعدّ محطة أكويو النووية المرفق الوحيد في أسطول البلاد، إذ تخطط تركيا للتوسع في بناء محطتين إضافيتين ومفاعلات معيارية بما يرفع الإنتاج الإجمالي إلى 20 غيغاواط بحلول منتصف القرن، وعززت ذلك بمشاورات فعلية حول المشروعات مع: "روسيا، والصين، وكوريا الجنوبية".
العقوبات على روسيا.. ومقترح جديد
ألقت العقوبات على روسيا بظلالها على مشروع محطة أكويو النووية، سواء على صعيد تأمين بعض المعدّات أو سداد المدفوعات، ولجأت شركة روساتوم إلى تأمين المعدّات المطلوبة من شركات صينية، بعد رفض شركة ألمانية التعاون.
وتنمو حدّة المخاوف من تعرُّض المشروع للمزيد من التعطُّل حال فرض الرئيس الأميركي عقوبات جديدة.
وعرضت موسكو -أكبر مورّد للغاز إلى تركيا- مقترحًا لتجاوز تداعيات العقوبات على المعاملات المالية العابرة للحدود، باستعمال الغاز الطبيعي.
ويشمل المقترح سداد تركيا جانبًا من تكلفة محطة أكويو بدلًا من "روساتوم"، مقابل دفع الشركة الروسية القيمة ذاتها ضمن الفاتورة الشهرية لواردات أنقرة من إمدادات غاز شركة غازبروم، المقدّرة بما يتراوح بين 300 و800 مليون يورو شهريًا (311.2 و830 مليون دولار أميركي).
ويندرج هذا المقترح تحت اسم "المبادلة أو المقايضة"، وهو وسيلة تستعملها الدول الخاضعة للعقوبات (مثل روسيا وإيران) لضمان عدم تعطُّل أعمالها وتأمين دفع/وتحصيل الالتزامات المالية دون قيود.
وجاء هذا المقترح في إطار عدم خضوع أطراف المبادلة الـ3 (المشروع التركي والشركتين الروسيتين) للعقوبات، وبعد تأخيرات واجهت المدفوعات من بنوك موسكو وإليها.
وكانت محطة أكويو قد شهدت تجميد مليارَي دولار من قيمة المدفوعات الروسية خلال العام الماضي، طبقًا لما نقلته بلومبرغ.
ويتناول الرسم التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- أبرز المعلومات عن محطة أكويو:
مزيج الكهرباء التركي وانبعاثات الفحم
يتأثر مزيج الكهرباء التركي بتأخُّر انطلاق المرحلة الأولى لمحطة أكويو النووية؛ ما يعمِّق مأزق البلاد في توفير بديل لاستهلاك الفحم وخفض الانبعاثات.
وتعدّ تركيا أكبر مُسهِم بملوثات توليد الكهرباء بالفحم في أوروبا، وأكبر مستهلكي الوقود عالميًا، وعوّلت على المحطة النووية لخفض استهلاك الفحم في قطاع الكهرباء، لكن يبدو أن تأخيرات المشروع ستحول دون تنفيذ هذا الطموح.
وبعد تصنيف تركيا ثامن أكبر مستورد للفحم في العالم العام الماضي (باستيراد 26.5 مليون طن متري) لتغذية 55 محطة كهرباء، أسهمت المحطات العاملة بالوقود الملوث بنحو 35% من إجمالي المزيج، بما يعادل 121 تيراواط/ساعة، وأطلقت في الوقت ذاته 114 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.
وحلّ إنتاج الطاقة الكهرومائية في المرتبة الثانية ضمن مزيج العام الماضي بقدرة 75 تيراواط/ساعة، تليها المحطات العاملة بالغاز المُسهِمة بنحو 63 تيراواط/ساعة.
وتشمل توقعات القدرات الجديدة قيد الإنشاء:
- الفحم: 0 ميغاواط
- الغاز: 890 ميغاواط
- الطاقة الشمسية: 250 ميغاواط
- الطاقة الكهرومائية: 160 ميغاواط
- الطاقة الحرارية الأرضية: 20 ميغاواط
وبذلك، يرتفع إسهام الطاقة النظيفة في مزيج الكهرباء التركي من 47 إلى 49.5%، وتنخفض حصة الوقود الأحفوري من 53 إلى 50.5%.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
0 تعليق