الشهبي يحفر في "تحت الركام"

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عن دار بسمة للنشر الإلكتروني، صدرت حديثا للكاتب المغربي أحمد الشهبي مجموعة قصصية جديدة موسومة بعنوان “تحت الركام” من 147 صفحة، يطل من خلالها المؤلف على جمهور القراء في عالم تزدحم فيه الأصوات ويعيدنا إلى صمت التأمل وحوار الذات.

عن هذا الإصدار الجديد يقول المؤلف: “ليست هذه المجموعة القصصية مجرد حكايات متفرقة، بل نوافذ مفتوحة على دهاليز النفس البشرية، حيث تتناغم الفرحة مع الألم والأمل مع اليأس في سيمفونية أدبية تطرح أسئلة وجودية تلامس القارئ دون استئذان”.

وعلى مدى 147 صفحة، يحفر الكاتب الشهبي أحمد عميقا في تراب التجارب الإنسانية بأسلوب سردي متفرد، مزاوجا بين شاعرية اللغة وعبثية الواقع، مستخدما استعارات تخلق عوالم متوازية.

يقول الأستاذ جواد هروش في مقدمة الإصدار: “هنا حيث تتحول الكلمات إلى مرايا تعكس شظايا أرواحنا، يصبح الأدب وطنا لكل من فقد اتجاهاته”. هذا التشبيك بين الفلسفة والخيال لا يروي الأحداث بقدر ما يغوص في دوافعها، ماسحا الغبار عن لحظات صغيرة قد تبدو عابرة لكنها تحمل أسرار الوجود”.

ومن بين ركام الحياة اليومية، ينبثق إبداع الكاتب الذي اشتهر سابقا بأعمال كـ “عتمة قمم” و”ياسمين الخريف”، ليؤكد مرة أخرى قدرته على تحويل المألوف إلى استثنائي، هو أستاذ للتاريخ والجغرافيا في تازة، ينسج حكاياته بخبرة الحكيم الذي يقرأ المجتمعات من بين طيات الزمن، مستفيدا من تجربته الصحفية في منصات كـ “مدونات الجزيرة” و”ساسة بوست” لصياغة نصوص تشبه نبض الشارع لكن بروح الفيلسوف.

شخصيات “تحت الركام” ليست مجرد أسماء تتحرك بين السطور، بل كياناتٌ تحمل تناقضاتنا جميعا، امرأة تعيد بناء بيتها من أنقاض طلاقها، طفلٌ يبحث عن أبيه بين خرائب الحرب، عجوز تحمل مفاتيح ذكرياتها كشاهد على زمن مضى. كل حكاية تُروى بلسان مختلف، وكأن الكاتب يسلّط مصباحا على زاوية جديدة من الغرفة ذاتها ليذكرنا بأن الحقيقة ليست سوى مرآة مكسورة، كل قطعة منها تحمل وجها من وجوهنا.

يأتي هذا العمل، في زمن التدفق السريع للمعلومات، كدعوة صامتة لإيقاف الساعة، فليس المطلوب هنا قراءة عابرة، بل مصافحةٌ حميمة بين القارئ والنص. قد يجد القارئ نفسه في إحدى القصص تلملم ذكرياته المنسية، أو تكتشف في أخرى صدى معاناته بين سطورها. هذا هو سحر “تحت الركام” الذي لا يروي حكايات الآخرين بقدر ما يكتب سيرتنا جميعا بحبر من ضوء.

خلف كل حرف في هذه المجموعة ينبض سؤال: ماذا لو توقفنا لحظة لننفض الغبار عن مشاعرنا المدفونة؟ ربما نكتشف أن الأدب، حين يُكتب بصدق، ليس مجرد حروف على ورق، بل يدٌ تمتد من بين الأطلال لتقول: “أنت لست وحيدًا”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق