مزارعون مغاربة يراهنون على تحسين المردودية بشتلات الزيتون الأجنبية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ينكب هذه الأيام جزء مهم من الفلاحين المغاربة على غرس أراضيهم الفلاحية بشتلات الزيتون، فيما يرتقب أن تبلغ وتيرة الغرس ذروتها في شهري مارس وأبريل، وسط تواصل التصاعد الملحوظ للجوء إلى الأصناف الأجنبية، خصوصا “الأربيكوينا الإسبانية”، في اختيار يفسره فلاحون وخبراء بعوامل متعددة، أبرزها مردودية هذا الصنف الكبيرة مقارنة بالمحلية “البِشولين”، وتكيفه مع نمط السقي بالتنقيط، الذي يعتبر أحد أنماط ترشيد استهلاك المياه.

وعقب موسم تميز بتراجع إنتاجية الضيعات المغربية من الزيتون، ما تسبب في تخطي سعر زيت الزيتون 100 درهم للتر الواحد، يضع المزارعون المغاربة أعينهم على أصناف أجنبية متعددة، ضمنها الأربوصانا والأربيكوينا، من أجل الحصول على مردودية أكبر، خصوصا أن الهكتار الواحد يستوعب من هذه الأصناف ضعف ما بإمكانه استيعابه من الأصناف المحلية.

ويسجل بعض الفلاحين، الذين خبروا زراعة غرس الزيتون، “وجود تراجع في السنوات الأخيرة، للمعروض من شتلات الزيتون الخاصة بالصنف المحلي، خصوصا بفعل توالي سنوات الجفاف”.

إقبال ملحوظ

بمنطقة شيشاوة حيث استقرت نسبة الأراضي المغروسة بالزيتون من مجموع الفضاء المزروع، أفاد ميلود الرماح، فلاح بالمنطقة، بأن “ثمة إقبالا ملحوظا هذه الأيام من قبل الفلاحين غلى غرس شتلات الزيتون، خصوصا الأربيكوينا والأربوصانا الإسبانيين والبِشيلين (البِشيلون) المغربي”، كاشفا أن “الغالبية تغرس صنف الأربيكونيا بالنظر إلى مزاياه المتعددة”.

وأوضح الرماح، ضمن تصريح لهسبريس، أن “الكثير من فلاحي المنطقة يستغلون هذه الفترة، التي يزرعون خلالها القرعيات، من أجل غرس شتلات الزيتون، ما داموا مضطرين لتحمل تكلفة السقي والأسمدة في جميع الأحوال، على أن هذه الشتلات تصبح أشجارا منتجة بعد سنتين فقط، خصوصا صنف الأربيكوينا”.

هذا الصنف الأخير، حسب الفلاح نفسه، “يفضله كثير من المزارعين، نظرا لأنه يتيح لهم الغرس المكثف؛ فبينما يتيح لهم أن يغرسوا 1200 شتلة منه في الهكتار، بالكاد يمكنهم غرس 340 شتلة من النوع المغربي البيشيلين”.

كما كشف الرماح أن “هذا الصنف يتميز كذلك بكونها ذا مردودية أكبر من ناحية زيت الزيتون المستخرجة مقارنة بالأصناف المحلية”، و”بالنسبة لاستهلاك الماء، نجد أن الأربيكوينا بالإمكان سقيها عن طريق الري بالتنقيط، بخلاف الأصناف الأخرى كالبيشيلين، الذي يحتاج الطريقة التقليدية: الغمر”.

المردودية هاجس

رياض أوحتيتا، خبير فلاحي مستشار معتمد، قال إن”اتجاه المزارعين المغاربة نحو غرس الأصناف الأجنبية من أشجار الزيتون، على رأسها الأربيكوينا والأربوصانا، مرده إلى كون إنتاجيتها تبدأ من السنة الثانية بعد الغرس، كما أنها تتيح الغرس المكثف، حيث العدد الذي يمكن غرسه منها داخل الهكتار الواحد يفوق ذلك الذي يمكن غرسه من الشتلات المحلية”.

وشرح أوحتيتا، ضمن تصريح لهسبريس، أنه، بينما يمكن غرس ما بين 400 و500 شتلة محلية في الهكتار يبدأ إنتاجها انطلاقا من السنة الرابعة بعد الغرس، فإنه بالإمكان غرس ما بين 1600 إلى 2000 شتلة أربيوكوينا”، مردفا بأن “كثافة هذه الأخيرة التي تتأقلم مع كافة التغيرات المناخية، ترفع الإنتاج”.

واستدرك المصرح نفسه بأن “صنف الأربيكوينا موجود في المغرب منذ ما لا يقل عن خمس عشرة سنة؛ غير أن الخصاص الذي عرفته المملكة في السنوات الأخيرة على مستوى شتلات الزيتون، دفع الفلاحين نحو الاتجاه أكثر إليه وأصناف أجنبية أخرى، بعضها اليوناني الجو كورونيكي، الذي تقترب جودته من جودة المحلي”.

وأكد الخبير المستشار الفلاحي المعتمد أن “الأربيكوينا والأربوصانا معلوم عنهما أنهما ‘بكريتان’ (أي تنتجان بشكل مبكر)؛ بحيث إنه إذا كانت محاصيل المحلية تجنى ابتداء من أواخر شهر أكتوبر، فإن محصول هذين الشجرتين يجنى ابتداء من أواخر شتنبر”. وزاد بشأن استهلاك المياه أن “الأربيكوينا تستهلك بشكل نسبي أكثر من الصنف المحلي”.

وخلال السنوات الأخيرة، عانى المغرب من التصاعد المستمر لأشجار الزيتون “الميتة”.

وفي هذا الإطار، سبق أن أفاد رشيد بنعلي، رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، في تصريح سابق لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن “آثار الجفاف لم تعد خافية على مختلف أنواع الزراعات”، موردا أن “زراعة الزيتون الموجه أساسا للاستهلاك والمعاصر تشهد موسما فلاحيا قاسيا، خاصة مع انحسار وانخفاض مياه السقي وتوالي موجات الحرارة (…) فضلا عن تأثير ضئيل لعواصف رعدية والبرد ببعض المناطق الشرقية”.

وقال رئيس “الباطرونا الفلاحية” إن “آثار تواتر الجفاف تظهر في احتراق أوراق أشجار الزيتون”، مفيدا في التصريح المذكور بأن المناطق المعنية أساسا هي “قلعة السراغنة، وجهة مراكش-آسفي، وكذا مناطق نواحي كل من بني ملال وصفرو المعروفيْن وطنيا بغرس الزيتون”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق