انطلاق انتخابات تشريعية في ألمانيا تحت ضغط اليمين المتطرف وترامب

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بدأ الناخبون الألمان الإدلاء بأصواتهم، الأحد، في انتخابات تشريعية تتصدرها المعارضة المحافظة بفارق كبير، بعد حملة شهدت بلبلة مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وسجلت تقدما لليمين المتطرف.

وتجري الانتخابات التي يتابعها العالم بأسره في وقت تواجه فيه أكبر قوة اقتصادية في أوروبا تحديات تهز نموذجها للازدهار الاقتصادي المتبع منذ الحرب العالمية الثانية، وتثير مخاوف الألمان.

وقال دانيال هوفمان الذي التقته وكالة فرانس برس عند خروجه من مركز اقتراع في برلين: “إننا نعيش مرحلة من انعدام اليقين”.

وتابع خبير التخطيط المديني، البالغ 62 عاما، بأن البلاد بحاجة إلى “تغيير، تحول”، مبديا قلقه حيال “الأمن الأوروبي” على خلفية الحرب الروسية على أوكرانيا.

فبين الانكماش الاقتصادي والتهديد بحرب تجارية مع واشنطن وإعادة النظر في الرابط الأطلسي و”المظلة” الأميركية التي كانت برلين تعول عليها حتى الآن لضمان أمنها، بات “مصير” ألمانيا على المحك، حسبما أكد، السبت، زعيم المحافظين، فريدريش ميرتس، الذي يرجح أن يكون المستشار المقبل.

ويبدو ميرتس في موقع متقدم للفوز في الانتخابات وتحويل مسار البلاد إلى خط يميني بعد الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتس. وتشير استطلاعات الرأي إلى فوزه بحوالي 30% من نوايا الأصوات.

وأدلى الزعيم المحافظ بصوته في أرنسبرغ في معقله في غرب ألمانيا حيث بدا مرتاحا وكان يبتسم ويصافح الناس.

من جانبه، كان شولتس واجما عند حضوره إلى بوتسدام (شرق) للإدلاء بصوته.

وتتواصل عمليات التصويت لأكثر من 59 مليون ناخب حتى الساعة 18:00 (17:00 ت غ)، على أن تصدر بعدها أولى استطلاعات الرأي لدى الخروج من مراكز الاقتراع.

اعتداءات

وقالت يانين فيرمر (32 عاما) التي حضرت إلى فرانكفورت حاملة طفلها بين ذراعيها للإدلاء بصوتها: “ما أخشاه خصوصا هو أن يصبح البديل من أجل ألمانيا أقوى بكثير”.

وتمنح التوقعات “البديل من أجل ألمانيا” ما لا يقل عن 20% من الأصوات، وهي نسبة قياسية لهذا الحزب اليميني المتطرف، تبلغ ضعف ما حققه في الانتخابات الأخيرة.

وفرض الحزب المعادي للهجرة والمؤيد لروسيا أجندته على الحملة الانتخابية بعد عدد من الاعتداءات التي نفذها أجانب في ألمانيا.

ووقع آخر هذه الاعتداءات مساء الجمعة حين أصيب سائح إسباني بجروح بالغة طعنا عند النصب التذكاري للهولوكوست (محرقة اليهود) في برلين. وقبضت الشرطة على مشتبه فيه، وهو شاب سوري كان يريد “قتل يهود”، وفق ما أفاد القضاء.

وحظي “البديل من أجل ألمانيا” بدعم كبير على مدى أسابيع من أوساط ترامب.

ولم يدخر مستشاره المقرب إيلون ماسك جهدا للترويج لزعيمته أليس فايدل، التي تتصدر قائمة مرشحيه على منصّته “إكس”. وكتب ماسك ليل السبت الأحد: “البديل من أجل ألمانيا”، مرفقا منشوره بأعلام ألمانية.

وقال كريستيان الذي لم يكشف اسمه كاملا، وهو مهندس في الـ49 من العمر كان يشارك في تجمع للحزب، السبت، إن فايدل “امرأة جريئة” و”تتكلم في مواضيع تجاهلتها الأحزاب الأخرى”.

وتجري هذه الانتخابات المبكرة عشية الذكرى الثالثة للغزو الروسي لأوكرانيا الذي كان له وقع الصدمة في ألمانيا، ولا سيما مع وقف إمدادات الغاز الروسي للبلد واستقباله أكثر من مليون أوكراني.

وإلى مخاطر سلام تتفاوض واشنطن بشأنه مع موسكو حصرا مستبعدة منه كييف والأوروبيين، تخشى ألمانيا كذلك التبعات الاقتصادية لرسوم جمركية مشددة أعلن ترامب أنه يعتزم فرضها على الأوروبيين.

وسئل الرئيس الأميركي عن الانتخابات الألمانية، فرد أنه يتمنى “حظا سعيدا” لهذا الحليف التاريخي للولايات المتحدة، مشيرا إلى أنه يواجه “مشكلاته الخاصة”.

وتعمق الشقاق بين واشنطن وبرلين مع الخطاب شديد النبرة التي ألقاه نائب الرئيس الأميركي، جاي. دي. فانس، في ميونيخ ودعا فيه الأحزاب التقليدية الألمانية إلى التخلي عن رفضها التحالف في الحكم مع اليمين المتطرف، وهي مسألة تعتبر من المحرمات في هذا البلد.

ورأى ميرتس، الجمعة، أنه “حتى بدون الأميركيين، يبقى موقعنا في قلب أوروبا”، داعيا إلى منحه “تفويضا قويا من الناخبين” حتى تتمكن ألمانيا من “الاضطلاع بدور قيادي” في أوروبا.

ضبابية

ومن المحتمل في ظل النظام البرلماني الألماني أن تستغرق المفاوضات أسابيع أو حتى أشهرا قبل تشكيل حكومة جديدة.

وفي سعيها لتشكيل ائتلاف حكومي، قد تتجه كتلة محافظي الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد المسيحي الاجتماعي، التي تستبعد تحالفا مع البديل من أجل ألمانيا بالرغم من إبداء بوادر تقارب معه حول مسألة الهجرة خلال الحملة، إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي.

وتمنح استطلاعات الرأي هذا الحزب 15% من نوايا الأصوات، ما يجعل منه شريكا محتملا.

وستكون هذه النسبة أسوأ نتيجة للحزب في فترة ما بعد الحرب، وستشكل على الأرجح نهاية مسار شولتس في السياسة، غير أنه يتحتم عليه تولي مهامه خلال الفترة الانتقالية.

وقال ميترس مبديا تفاؤله: “آمل أن يتم إنجاز تشكيل الحكومة بحلول عيد الفصح” في 20 أبريل.

وسيكون من الصعب تحقيق هذا الهدف في حال عجز الحزبان المهيمنان على الحياة السياسية الألمانية منذ 1945 عن الحصول معا على غالبية برلمانية، ما سيرغمهما على البحث عن شريك ثالث.

ويتوقف الأمر إلى حد بعيد على نتائج التشكيلات السياسية الصغيرة. فإن تخطت عتبة 5%، ستكون ممثلة في البرلمان، ما سيزيد من صعوبة تشكيل ائتلاف من حزبين.

وقال ميكايل لينتس (39 عاما)، خلال مشاركته في مسيرة “معادية للفاشية”، إنه يخشى أن تضطر ألمانيا إلى تنظيم انتخابات جديدة إن لم تتمكن الأحزاب من “التوافق”، معتبرا أن هذا الاحتمال “سيعزز البديل من أجل ألمانيا” لأن “الثقة في المؤسسات ستضعف أكثر”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق