يعد المطرب ماكسيم كاروتشي من أبرز الرواد الذين حملوا مشعل الأغنية اليهودية المغربية، وظلوا متشبثين بتقديم التراث المغربي واللون “الشكوري” على مدار سنوات طويلة، رغم التطور الذي تشهده الساحة الفنية وظهور جيل جديد من الأغنية المغربية.
في الحوار التالي مع هسبريس، يتحدث ماكسيم عن سر حفاظه على النمط التراثي، وكيف تخلى عن مهنته الأولى لعيون الفن، إضافة إلى مواضيع أخرى.
ما الذي جعلك حريصًا على التشبث بالأغنية التراثية رغم التطور الموسيقي؟
هذا تراث بلادنا توارثته أبا عن جد، فأنا أنتمي إلى الجيل السادس من الموسيقى المغربية، وجدي الراحل كان أمين الموسيقيين في مدينة الدار البيضاء، ووالدي أيضًا اشتغل في الموسيقى.
وصراحة، والدي رحمه الله كان ضد دخولي الميدان الفني. لذلك، تكونت أكاديميًا في البداية وحصلت على شهادة مهندس في الميكانيك، اشتغلت بها؛ لكن بعد ذلك عدت إلى الأصل تيمّنا بمقولة “حرفة بوك لا يغلبوك”.
هل كان من الصعب أن تتخلى عن مجال تكوينك من أجل احتراف الموسيقى؟
صراحة، الدراسة ساعدتني في الساحة الفنية؛ لأن الإنسان المكون أكاديميًا يتمتع بوعي وثقافة وفكر. لذلك، انطلقت بالاشتغال في مجال تكويني، ثم انتقلت للاحتراف الموسيقي وشرعت في الغناء وتسجيل الأعمال وتلحينها بكل سهولة.
ألم تندم، في إحدى فترات مشوارك الفني، على ترك عملك كمهندس من أجل الموسيقى؟
لا، أبدًا، هذا الميدان عطاء من رب العالمين، وهو مهنة تدخل الفرح والسرور على قلوب الناس. وعند لقائي بالجمهور، أكون سعيدًا لأنهم يتذكرون لحظات الفرح معي، وهذا هو الربح الأهم بالنسبة لي.
والموسيقى تنسي الإنسان في الكثير من المشاكل والهموم، على غرار فترة كورونا؛ الراديو والتلفزيون والسهرات المسجلة كانت ترفه على المغاربة.
ما رأيك في الانتقادات التي تطال الجيل الجديد من الفنانين الذين يقدمون الأغنية التراثية؟
قبل جيلي، قيل إن العصرنة ستؤثر على الموسيقى التراثية؛ لكن دائمًا كل واحد كان يترك بصمته. ففي أيام نعيمة سميح وعبد الوهاب الدكالي وإبراهيم العلمي وناس الغيوان، كانت هناك ألوان مختلفة جاءت في سياق ذلك الوقت، وهذا جارٍ به العمل. لكن ما يجب أن يعرفه من يحترف هذه المهنة هو قوانينها وليس الغناء فقط؛ لأن الفنان يمثل بلده، ولا يحق له الخروج عن النطاق. مثل أي مهنة أخرى، الغلط غير مسموح فيها لأنك تحمل لقب “المغربي” في جميع المحافل.
كيف يكون لقاؤك بالجمهور المغربي فوق الخشبة وتفاعله مع الأغاني التراثية؟
المغاربة شعب يحب النشاط، وأنا ألبي النداء في كل فرصة يتم استدعائي لإحياء الحفلات والمهرجانات بالمغرب لكي أدافع عن تراث بلادنا وموسيقاه بصفة عامة من مكاني كمطرب.
انطلاقًا من تجربتك، ما هي نصيحتك للفنانين الشباب؟
لا تسقطوا في فخ “الميديا”، لأن كل لون غنائي من الشعبي والأندلسي والملحون له قوانينه. ومن سيمثلها يجب أن يتحلى بالثقافة والوعي، مثلما تربينا عليه نحن الجيل السابق.
من هو الفنان الشاب الذي ترى أنه سيحمل مشعل الأغنية المغربية التراثية في الجيل الحالي؟
آخر موهبة أتابعها وأستمع لها حاليا هو سامي الشرايطي، وأتوقع له مستقبلا زاهرا.. صوته يطربني، وأرى أنه سيصل إلى مراتب عليا؛ فبعيدا عن الغناء هو شاب خلوق جدا، ويحرص على دراسته بشكل كبير. كما يتحلى بالرزانة وكل مقاومات النجاح رغم صغر سنه، ومثقف بشكل كبير؛ لأن الثقافة هي الأساس.
كلمة أخيرة
شكرا للجمهور المغربي، واللهم اجعلنا دائما في سعادة ونشاط، واللهم أبعد الحساد عن بلادنا العزيزة من طنجة إلى الكويرة.
0 تعليق