في تصريحات مثيرة، عبّر مستشار الرئيس الروسي أنطون كوبياكوف عن قلقه العميق حيال التوجهات الحالية في أوروبا ورفضها قبول الواقع الجديد في مجال الأمن.
مع تصاعد التوترات بين روسيا والدول الغربية، أطلق كوبياكوف تصريحات حادة حول دور حلف شمال الأطلسي "الناتو" وضرورة إعادة النظر في سياسات أوروبا تجاه روسيا.
بينما تواصل المواجهات العسكرية في أوكرانيا، أصبح الحديث عن المفاوضات والمستقبل الأمني للمنطقة محطًا للأنظار. فما الذي يقوله المسؤول الروسي حول هذا الوضع المعقد؟ وما هي رسالته لأوروبا والغرب؟
أوروبا في صراع مع الواقع الجديد:
في تعليقه، أشار مستشار الرئيس الروسي إلى أن أوروبا "لا تتقبل الواقع الجديد" الذي فرضته التطورات الأخيرة في أوروبا الشرقية، معتبرًا أن القارة "أسيرة لأساطير غير حقيقية عن الأمن".
كما أكد مستشار الرئيس الروسي أن الحديث في أي مفاوضات مع الغرب يجب أن يكون في المقام الأول حول "أمن روسيا"، حيث اعتبر أن قوى الغرب لم تعد تدرك التحديات الأمنية الحقيقية التي تواجهها روسيا.
هل انتهت مبررات وجود "الناتو"؟
من الواضح أن مستشار الرئيس الروسي لا يرى مبررًا لاستمرار وجود حلف "الناتو" بعد انتهاء الحرب الباردة.
فقد نصح مستشار الرئيس الروسي دول أوروبا بأن "تجد أسبابًا جديدة لإبقاء الناتو على قيد الحياة" بعد أن اعتبر أن مبرر وجوده قد انتهى منذ وقت طويل.
وتعد هذه الرسالة تحديًا مباشرًا للدور الذي يلعبه الحلف في الشؤون الأمنية الأوروبية والعالمية.
العواقب الوخيمة لمحاولة انضمام أوكرانيا إلى الناتو:
على الرغم من محاولات الغرب الحثيثة لدمج أوكرانيا في حلف الناتو، يصر مستشار الرئيس الروسي على أن هذه المحاولة كانت "سببا رئيسيا في عواقب وخيمة"، مؤكدا أن ذلك أسهم بشكل كبير في اندلاع الحرب. وقد أكد على أن المفاوضات بشأن أمن المنطقة، بما في ذلك أوكرانيا، يجب أن تستند إلى احترام الحقائق التي فرضها الوضع الحالي على الأرض.
التفاوض مع أوكرانيا والمستقبل الأمني:
من جانبه، أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في تصريحات سابقة أن "الأعمال العسكرية ستتوقف فقط إذا وصلت المفاوضات إلى نتيجة توافق عليها روسيا".
وهو ما يعكس تمسك موسكو بمواقفها الصارمة بشأن عدم انضمام أوكرانيا للناتو.
وأضاف أن روسيا قدمت ضمانات لأوكرانيا من قبل في المفاوضات مقابل عدم سعيها للانضمام إلى الناتو، إلا أن أوكرانيا تراجعت عن تلك الضمانات.
روسيا مستعدة للتفاوض ولكن بشروط صارمة:
وشدد لافروف على أن موسكو مستعدة للتفاوض مع أوكرانيا وأوروبا، لكن "الأعمال العسكرية لن تتوقف إلا إذا كانت النتيجة مرضية لروسيا"، مشيرًا إلى أن احترام "الحقائق على الأرض" هو أحد الشروط الأساسية لأي مفاوضات مستقبلية.
مبادئ "اتفاقيات إسطنبول" كأساس للتسوية:
في هذا السياق، شدد لافروف على أن "مبادئ اتفاقيات إسطنبول" قد تكون الأساس لتسوية النزاع، مع التأكيد على أنه لا يمكن وقف الحرب دون معالجة الأسباب الرئيسية التي أدت إليها، بما في ذلك تراجع أوكرانيا عن وعدها بعدم الانضمام إلى الناتو.
موقف روسيا من الحوار مع الولايات المتحدة وأوروبا:
وفي تعليقه على العلاقات بين روسيا والغرب، رحب الكرملين باستعداد الولايات المتحدة لإعادة صياغة نهج الحوار مع موسكو، ولكنه أشار إلى عدم وجود مقدمات واضحة لاستئناف الحوار مع أوروبا في الوقت الحالي.
كما أشار إلى أن الصين، التي تتمتع بعلاقات قوية مع روسيا، أعربت عن دعمها للحوار الروسي-الأمريكي وأبدت استعدادها للمساعدة في إيجاد حلول بشأن الأزمة في أوكرانيا.
بينما لا يزال النزاع في أوكرانيا يشكل نقطة اشتباك بين الشرق والغرب، يظهر الموقف الروسي بقيادة الرئيس بوتين بمزيد من الحزم والتصميم على تحقيق أهدافها الأمنية.
هل ستتمكن روسيا من فرض شروطها على الغرب؟ وهل ستتمكن الدول الغربية من إعادة النظر في استراتيجياتها الأمنية؟ تبقى الأسئلة مطروحة مع تصاعد التوترات في المنطقة.
0 تعليق