القاهرة الرائعة.. نهضة وسط البلد

الجريدة العقارية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
العقارية

كانت شوارع المدينة المصممة في حقبة الـ "بيل إيبوك" يومًا ما مركزًا للحياة الثقافية والمجتمعية الكوزموبوليتانية في مصر، إلا أن وهجها خفت بفعل الإهمال الذي أعقب الثورة. واليوم، تتضافر جهود متعددة ومختلفة لإعادة إحياء "باريس النيل" لصالح الأجيال الجديدة.

عندما نُشرت رواية عمارة يعقوبيان للكاتب المصري علاء الأسواني عام 2002، سرعان ما دخلت في مصاف الأدب العربي الحديث. تدور أحداث الرواية بمطلع القرن الحادي والعشرين، حيث تعكس تراجع نمط الحياة المصرية المترفة في العقود التي تلت ثورة 1952، وذلك عبر قصص متشابكة لشخصيات متعددة: أرستقراطي متقدم في العمر يعيش حياة عابثة، ضابط شرطة شاب، رئيس تحرير صحيفة يخفي هويته، وبائعة بأحد المتاجر.

لكن الشخصية الأكثر حضورًا قد تكون تلك التي يحملها العنوان نفسه، والتي تحتضن هذه الأحداث: عمارة يعقوبيان نفسها. شُيّدت البناية عام 1937 بتصميم من مهندس إيطالي، وتقع عند تقاطع شارعي طلعت حرب وعبد الخالق ثروت في قلب وسط القاهرة، وأصبحت رمزًا معماريًا يجسد العصر الذهبي للمدينة.

خلال الفترة ما بين الحربين العالميتين على وجه الخصوص، كانت القاهرة عاصمة العالم العربي الكوزموبوليتانية، وكانت منطقة وسط البلد مركزها الثقافي والاجتماعي. فقد جاءت هذه المنطقة ثمرةً لخطة تحديث طموحة مستوحاة من مشروعات هوسمان في باريس، وضعها حاكم مصر في أواخر القرن التاسع عشر، الخديوي إسماعيل باشا. وتميزت شوارعها بمبانٍ رائعة الطراز من حقبة "بيل إيبوك"، وهو ما منح القاهرة لقب "باريس النيل". في ذروة ازدهارها، كانت هذه الشوارع تضج بالمقاهي وحانات الچاز والمتاجر الأنيقة، بينما كانت الشقق الفاخرة فوقها مسرحًا للصالونات الفكرية، حيث اجتمع المصريون المثقفون ونظراؤهم من المغتربين لعقد الصالونات الثقافية واللقاءات الاجتماعية وإدارة الأعمال.

لكن ثورة 1952 كان إيذانًا بنهاية ذلك العصر. بدأ سكان وسط البلد في مغادرة المنطقة بالتدريج، متجهين إلى جزيرة الزمالك الواقعة على النيل، أو شرقًا إلى مصر الجديدة (هليوبوليس)، أو نحو الضواحي الجديدة؛ وسرعان ما تبعتهم المتاجر والمقاهي الراقية. أدت قوانين خفض الإيجارات وضوابطها الجديدة—المعروفة على نحو متناقض باسم "قانون الإيجار القديم" — إلى تراجع العوائد العقارية، كما أن تأميم الممتلكات الخاصة أضعف جاذبية الاستثمار العقاري. حتى وقت قريب، كانت بعض الشقق في وسط البلد تُؤجر بمبالغ زهيدة تصل إلى 10 جنيهات مصرية (نحو 16 بنسًا) شهريًا. وسعياً وراء عوائد تجارية أكثر ربحية، قام العديد من الملاك بتحويل مباني سكنية بالكامل إلى محال تجارية. ومع مرور الوقت، تسبب التلوث والإهمال في بهتان الواجهات الأرستقراطية وتدهورها.

بعد سبعة عقود، و14 عامًا من ثورة ثانية قلبت أوضاع البلاد، تعمل قوى متعددة ومختلفة على استعادة مكانة وسط القاهرة وإعادتها إلى الواجهة. ولم يكن هذا المسار متوقعًا بالضرورة. فعلى الرغم من أن عدد سكان القاهرة الكبرى اليوم يقارب 22 مليون نسمة—أي ما يعادل ثلاثة أضعاف عددهم في عام 1984—فإن معظم مشروعات التطوير العقاري الحديثة تتركز في مناطق مثل مدن القاهرة الجديدة، الشيخ زايد، والسادس من أكتوبر، وجميعها تقع على أطراف العاصمة. وغالبًا ما تتخذ هذه المشاريع شكل مجمعات سكنية مسوّرة، تجمع بين الإسكان منخفض الارتفاع (شقق وفيلات) والمرافق التجارية والرياضية. أما وسط البلد، فهو يمثل شيئًا مختلفًا تمامًا: بيئة ذات طابع فريد، مبانٍ تراثية، مصادر إلهام إبداعي، وضجيج الحياة الحضرية الحقيقية—أو ما قد يعتبره البعض فوضى سمعية—في واحد من الأحياء القليلة في المدينة التي لا تزال تستوعب تفاعلًا يوميًا بين فئات اجتماعية وديموغرافية متنوعة.

ورغم أن وسط البلد يحمل قيمة عاطفية للكثير من المصريين، فإن إمكانياته الاستثمارية لم تغب عن أنظار الدولة. ففي إطار سعيها لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، عهدت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي بحزمة من المعالم البارزة المملوكة للدولة في وسط القاهرة، بما في ذلك مبنى مجمع التحرير الضخم في ميدان التحرير، إلى صندوق مصر السيادي، الذي تأسس عام 2018. ويجري حاليًا تطوير المجمع ليصبح فندق "أوتوجراف"، أحد العلامات التجارية الفاخرة التابعة لمجموعة ماريوت، ضمن مشروع تبلغ قيمته 200 مليون دولار.

عند التجول في الشوارع الرئيسية لوسط البلد—طلعت حرب، قصر النيل، شريف باشا، محمود بسيوني—تظهر بوضوح ملامح التجديد وسط الواجهات العتيقة: طلاء جديد، زجاج مصقول في الأبواب الفرنسية المزخرفة، وشرفات أُعيد بناؤها وفقًا لصور أرشيفية. أما مبنى القنصلية الفرنسية القديمة، فقد تحول إلى مجمع أنيق مكون من أربعة طوابق يضم مساحات عمل مشتركة. وصارت سينما راديو، التي كادت أن تندثر، وجهة حيوية تحتضن متجراً للقهوة، ومطعماً متميزاً يقدم المأكولات الشامية، وفرعاً لسلسلة مكتبات ديوان، المكتبة التي أسستها سيدات مصريات. كما خضع مسرح السينما الرئيسي لعملية ترميم جزئي، وأصبح يستضيف فعاليات ثقافية منتظمة ضمن أجندة المدينة المتنامية للفنون والإبداع.

بالنسبة لبعض المصريين المنتمين لجيل معين، قد يكون من الصعب استيعاب فكرة نهضة محتملة لوسط البلد، فضلاً عن الاستثمار فيها. تقول المهندسة المعمارية أمنية عبد البر، مديرة التطوير في المؤسسة المصرية لإنقاذ التراث: "أبناء الطبقة العليا من مواليد الثمانينيات يعيشون في المجمعات السكنية (الكومباوندات) والضواحي، ويقضون أوقاتهم في المطاعم والمقاهي هناك". لكنها تضيف: "بينما هؤلاء المطورون الذين يعملون في وسط البلد فهم منخرطون في المشهد. إنهم يشجعون الآخرين على القدوم والإنفاق والاستثمار، وعلى امتلاك الأعمال وبدء المشاريع هنا".

وتضيف: "ما يفعله كريم هو إعادة هذا النوع من الحركة إلى وسط البلد مجددًا. الأمر لا يقتصر على الترميمات، بل يشمل أيضًا الأنشطة التي يدعمها، والمستأجرين الذين يجذبهم، مثل ديوان. كما أنه ساهم في إثراء الأجندة الثقافية، عبر توفير المساحات التي تحتاجها الفعاليات الفنية والثقافية".

خضع مبنى غريب مرقص، الذي يعود إلى حقبة البيل إيبوك، لعملية ترميم رائعة.

كريم المقصود هنا هو كريم الشافعي، رئيس مجلس إدارة صندوق الإسماعيلية للاستثمار العقاري. تأسس الصندوق عام 2008، ويمتلك اليوم 25 عقارًا في وسط البلد، من بينها مجمع سينما راديو، بالإضافة إلى مبانٍ تضم شققًا فاخرة بخدمات متكاملة، ومساحات مكتبية راقية، فضلاً عن استوديوهات وصالات عرض للفنانين والمصممين، بعضها مدعوم جزئيًا. في الشوارع الخلفية الضيقة وراء سينما راديو، وسط ورش الحدادة والمقاهي الشعبية، قامت الإسماعيلية بترميم مسرح ثانٍ، ومستودعين شاسعين لاستضافة الفعاليات والمعارض، وصفٍّ من المحال الصغيرة التي تستقطب مستأجرين متنوعين، من بينهم بائع ملابس قديمة ومصممة أقمشة شابة.

وتشمل قائمة داعمي الإسماعيلية رجل الأعمال سميح ساويرس، الرئيس السابق لمجموعة أوراسكوم العملاقة للتطوير العقاري والإنشاءات (والذي يملك مشاريع عقارية في أندرمات السويسرية، ولوستيكا باي في الجبل الأسود، والجونة على ساحل البحر الأحمر بمصر) إلى جانب مجموعة من المستثمرين السعوديين. (وقد شهدت الشراكة الاستثمارية الحديثة بين مصر والسعودية تدفق مليارات الدولارات إلى البلاد، وُجه معظمها إلى قطاعات السياحة والعقارات). يقول الشافعي إن مهمة الصندوق تتمثل في إعادة إحياء وسط البلد، وجعل المنطقة تعكس نسخة حديثة ومعاصرة من مصر. ومثله مثل أي قاهريّ صميم، فهو لا يخفي إعجابه بسحر الوجهات القديمة التي لا تزال تحافظ على طابعها المميز رغم مرور الزمن. خلال جولة طويلة في الحي، نتوقف عند إستوريل (افتُتح عام 1962، ولا تزال اللوحات المعروضة على جدرانه معروضة للبيع)، ثم لو جريون (الذي كان في الماضي حانة شهيرة مفتوحة في الهواء الطلق ووجهة مفضلة لنجوم السينما المصرية في الخمسينيات)، ونتأمل مصير مقهى جروبي، المخبز والمقهى العريق الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 100 عام، والمُطل على ميدان طلعت حرب.

تطوير وسط البلدتطوير وسط البلد

لكن "ما نقوم به لا يتعلق بالحنين إلى الماضي، إنه ليس مشروعًا فولكلوريًا"، يقول الشافعي، الذي وُلد ونشأ في الدقي، على الضفة الأخرى من النيل، والذي ظل وسط البلد يشكل بالنسبة له مصدر جذب شبه أسطوري منذ حضوره مهرجانًا فنيًا هناك عام 2000. "نريد أن يكون وسط البلد مكانًا تجتمع فيه كل فئات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية، حيث يمكن للفنانين أن يعيشوا ويعملوا بتكاليف معقولة".

لم يكن الطريق خاليًا من العقبات. فعلى مدار سنوات، بعد ثورة 2011، تراجعت التغطية الأمنية في وسط البلد، ما سمح بانتشار الباعة الجائلين وإحداث اختناقات مرورية كارثية. ثم جاءت جائحة كورونا. وخلال تلك الفترة، كانت عمليات الاستحواذ على المباني معقدة، إذ تضمنت في كثير من الأحيان مستأجرين متعددين بعقود إيجارية زهيدة، ما استلزم التفاوض الدبلوماسي لإخلائهم واحدًا تلو الآخر، وهي عملية استغرقت أحيانًا سنوات. تقول أمنية عبد البر: "قد ترى مبنىً فخمًا بشقق رائعة، لكن ربما كان هناك فقط اثنان أو ثلاثة منها مأهولة بالفعل".

وتضيف: “أعتقد أننا، كقاهريين، تساءلنا أحيانًا: كيف سيحدث ذلك؟ لم يكن الأمر سهلًا أبدًا عليهم (أي شركة الإسماعيلية)، لكن بطريقة ما، خلال السنوات الثلاث الأخيرة مثلًا، بدأنا نرى النتائج تتحقق بالفعل. والرؤية أكبر بكثير مما كان يتوقعه الكثيرون".

جزء من هذه الرؤية الأوسع يتمثل في الإسهام الفعلي في المشهد الثقافي القاهري، الذي شهد أيضًا ازدهارًا خلال السنوات القليلة الماضية. فقد احتفل معرض آرت كايرو بنسخته السادسة قبل أسبوعين، مستقطبًا جامعي الأعمال الفنية من مصر والخارج. إلى جانب فعاليات أخرى مثل أسبوع القاهرة للتصميم، ودي-كاف (مهرجان الفنون المعاصرة في وسط البلد، الذي يحتفل بعامه الثاني عشر) وآرت دي إيجيبت، والتي تستضيف جميعها معارض وندوات وفعاليات في وسط البلد.

تقول مي الديب: "القاهرة تنمو بشكل لا يُصدق". كانت الديب، التي شغلت سابقًا منصب المديرة الأولى لمنطقة الشرق الأوسط في دار مزادات سوذبيز، قد عادت إلى مصر الصيف الماضي بعد سنوات من العيش في لندن، حيث تقيم الآن في الزمالك، لكنها تشعر بالتفاؤل تجاه الانتعاش الذي تشهده منطقة وسط البلد. وتضيف: "أتمنى أن يصبح وسط البلد مكانًا حيًا متجددًا ونابضًا بالحياة، وأن أتمكن من الجلوس في أحد مقاهيه على الرصيف".

ثم تبتسم قائلة: "إلى أن يتحقق ذلك، سأكتفي بالجلوس على أحد الأسطح". كنا في "مزيج بلد"، وهو فندق صغير (بوتيك) افتُتح الشهر الماضي في الطابقين العلويين من مبنى لا فينواز، الذي يعود تاريخه إلى عام 1896 وتملكه شركة الإسماعيلية، على بُعد شارعين فقط من ميدان التحرير. يضم الفندق خمس أجنحة مليئة بالفن ومطعماً على السطح، حيث كنا نجلس نشرب الشاي تحت مظلات ذات حواف مزخرفة. على بعد أقدام قليلة، يوجد بار رخامي بسقف قابل للسحب، بينما تتناثر الفوانيس فوق البلاط المزخرف بالألوان، وسط نخيل مزروع في أوانٍ فخارية. عبر الشارع، تتدلى الملابس المنشورة من أحد الشرفات، فيما تزدحم الأسطح بأطباق "الدِش".

ترى الديب أن قوة وسط البلد تكمن في أولئك "الذين يبحثون عن حياة مدينة حقيقية— شخص عاش في الخارج لفترة، فنان، مبدع. إنه مكان في متناول الكثير، وأصيل للغاية"، وتتابع قائلة: "لذلك لا أرى سببًا يمنع أي شخص من المجيء".

تطوير وسط البلدتطوير وسط البلد

تدير "مزيج بلد" شركة GnK Group، وهي شركة مصرية متخصصة في تنظيم الفعاليات. يقول كريم نبيل، الشريك المؤسس للشركة، والذي أنهى مؤخرًا صفقة شراء شقة قريبة من الفندق: "أردنا حقًا أن نكون جزءًا من إعادة الحياة إلى وسط البلد. فهذا واحد من الأماكن القليلة في القاهرة التي تتمتع بهذه الكثافة من العمارة المتميزة. إنه فعليًا المكان الوحيد، إلى جانب الزمالك، حيث يمكنك المشي تقريبًا إلى أي وجهة تريدها. ولا يمكن إعادة خلق هذا الإحساس بالتاريخ في القاهرة الجديدة أو السادس من أكتوبر".

ومع ذلك، يتساءل بعض السكان المحليين عما إذا كان "إحياء" وسط البلد يأخذ منحى التحسين الطبقي (gentrification)، وما إذا كانت المسارات الطموحة—لا سيما تلك التي تتبناها شركة الإسماعيلية—قد تؤدي في الواقع إلى ارتفاع الأسعار أو طمس بعض العناصر التي تمنح الحي طابعه الفريد. يقول المهندس المعماري طارق شما، الذي يعمل بين القاهرة وباريس: “هذا واحد من أكثر الأحياء تنوعًا اجتماعيًا في المدينة بأكملها". شما، الذي يعمل حاليًا على تجديد شقة تطل على المتحف المصري، يتخذ مكتبه في المبنى نفسه. وعندما سألته عما إذا كان يعمل على أي مشاريع أخرى لعملاء محليين، ضحك قائلاً: "لا". وأضاف المهندس البالغ من العمر 42 عامًا: "أصدقائي يجدون اختياري غريبًا، ويفضلون الانتقال إلى المجمعات الملائمة للعائلات في السادس من أكتوبر أو تجمعات القاهرة الجديدة".

لكن قبل فترة وجيزة، تواصلت معه شركة كوتري، وهي شركة تطوير عقاري مقرها الإسكندرية، دخلت مؤخرًا سوق وسط البلد في القاهرة من خلال مشروعين لإعادة توظيف المباني التراثية. المشروع الأكثر إثارة للاهتمام هو مبنى أوزونيان المكوّن من 14 طابقًا، والذي سيشمل ثمانية طوابق مخصصة لشقق الاستوديو، مع توفير خدمات الكونسيرج، والمرافق الصحية والرياضية، إلى جانب متاجر ومساحات عمل مرنة في الطوابق السفلى من المبنى.

تطوير وسط البلدتطوير وسط البلد

يؤكد شما أن وسط البلد لا يزال أحد الأماكن القليلة التي يمكن أن تتمتع بتسعير مرن، لأن الإيجارات ما زالت في متناول اليد. ويشير إلى أن المئة جنيه مصري—أي ما يعادل نحو 1.60 جنيه إسترليني—التي أنفقها على كوب كابتشينو في سينما راديو، تُعد مبلغًا كبيرًا في مدينة يبلغ متوسط الراتب فيها حوالي 300 جنيه إسترليني شهريًا.

لا يُشترط امتلاك إقامة كاملة لشراء منزل في مصر، ولكن هناك قيودًا على عدد العقارات التي يمكن للأجانب امتلاكها. ومع ذلك، تبقى تكاليف التجديد أقل بكثير مقارنةً بالمملكة المتحدة وأوروبا، حيث إن العمالة في مصر منخفضة التكلفة، والحرفيون المتخصصون في الترميم يتمتعون، في معظم الأحيان، بمهارات عالية.

العثور على عقار قديم بحاجة إلى ترميم ليس بالأمر السهل بالنسبة للمشتري العادي. لكن هناك طرقًا أخرى لتجربة الحياة في وسط البلد. توفر Lemon Spaces، وهي شقق فندقية تابعة لمجموعة الإسماعيلية في مبنى فخم بشارع عدلي، أسقفًا عالية ومساحات واسعة وتصاميم داخلية أنيقة وعصرية. كما توفر خدمة الحراسة، وإنترنت عالي السرعة. وتشير أمنية عبد البر أيضًا إلى تزايد عدد الشقق المعروضة للإيجار في وسط البلد عبر منصة Airbnb.

شقق الإيموبيليا تعد خيارًا أكثر تميزًا—أربع شقق أعيد ترميمها بعناية فائقة داخل المبنى الذي يحمل الاسم نفسه، والذي بُني عام 1939 ويُشار إليه غالبًا باعتباره أول برج سكني فاخر في القاهرة. كان نجم السينما عمر الشريف من بين العديد من الشخصيات البارزة التي سكنت فيه. تتراوح الشقق بين غرفة نوم واحدة وثلاث غرف، وهي مليئة بالتحف المصرية والأوروبية التي جُمعت من تجار في القاهرة والإسكندرية، إلى جانب مطابخ مجهزة بالكامل وشرفات منسقة بعناية. كما يتوفر طاقم خدمة خاص للشقق وسائقين عند الطلب.

في مكان آخر داخل المبنى، الذي يشغل نصف مربع سكني، يتم إعادة تصميم مساحة كبيرة لتصبح نادي الإيموبيليا، حيث يمكن للسكان الاسترخاء واستقبال الضيوف والعمل. كما سيتم تجهيز ثلاث أجنحة إضافية، أصغر من الشقق ولكنها لا تزال مجهزة بمرافق الخدمة الذاتية، بالقرب من مدخل البناية. حاليًا، تتوفر هذه الشقق للإيجار اليومي مع خدمة كاملة، بأسعار تبدأ من 400 دولار لليلة، مع إمكانية التفاوض على فترات إقامة أطول.

يمتلك المحامي فلوريان أمريلر، المقيم بين القاهرة وفلورنسا، شقق الإيموبيليا، وهو أيضًا مالك فندق "المديرة" في الأقصر. يجسد المشروع الإيموبيليا روح الحنين إلى الماضي بكل وضوح، على الأقل في الطوابق العليا حيث تقع الشقق. أما في المدخل الواسع للمبنى، الذي يبدو وكأنه جزء من فيلم الخيال العلمي Blade Runner، حيث تومض الأضواء الفلورية أحيانًا وتتجمع مجموعة صغيرة من القطط الضالة الصاخبة ولكن غير المؤذية، فإنه يعكس بلا شك ملامح وسط البلد في عام 2025.

لكن هذا التداخل بين الطابع الخام والزخم المتسارع هو ما يمنح البعض إحساسًا بأنهم يشهدون "لحظة" فارقة. أليس داونت، مؤسسة Daunt Travel في لندن، التي تقيم بانتظام في إحدى شقق الإيموبيليا منذ عام 2023، تفكر الآن في شراء وحدة في المبنى. وتقول: "وتيرة الحياة والطاقة والإبداع في وسط البلد تذكرني بتلك اللحظة منذ عقود عندما كانت مراكش على أعتاب التغيير. إنه ذلك الشعور بالإثارة الحسية، ولكن مضاعفًا." 

تطوير وسط البلد
تطوير وسط البلد
تطوير وسط البلد
تطوير وسط البلد
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق