رغم أن اندماج شل وبي بي لم يتخطَّ كونه مجرد فكرة لا تستند إلى أساس؛ فإنها نجحت في إثارة خيال كثير من المراقبين حول الفرص والسيناريوهات المحتملة.
وبعد انخفاض سعر السهم والشكوك التي تنتاب حملة الأسهم، تتزايد الضغوط على شركة النفط البريطانية بي بي للاندماج مع شل لتشكيل ما سيكون عملاقًا جديدًا ينافس الشركات الدولية مثل شيفرون وإكسون موبيل الأميركيتين وتوتال إنرجي الفرنسية.
كما انضمت شركات الطاقة الخليجية -على رأسها أرامكو السعودية وأدنوك الإماراتية وقطر للطاقة- لسباق المشترين المحتملين لشركة بي بي.
يأتي ذلك بعدما سجّلت بي بي تراجعًا كبيرًا في الأرباح بنسبة 35.5% على أساس سنوي خلال العام الماضي (2024)؛ وهو ما دفع رئيسها التنفيذي موراي أوشينكلوس، للتعهد بإعادة ضبط الإستراتيجية لزيادة التدفقات النقدية، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
مميزات اندماج شل وبي بي
من شأن اندماج شل وبي بي أن يوجِد شركة بقيمة سوقية تصل إلى 300 مليار دولار قادرة على منافسة الشركات الأميركية والعالمية العملاقة.
ويزيد ذلك على حجم القيمة السوقية لشركة شيفرون الذي يصل إلى 270 مليار دولار، وعلى 470 مليار دولار هي القيمة السوقية لشركة إكسون موبيل.
كما سيعزز كفاءة العمليات التشغيلية ويرشد التكاليف ويقلل المخاطر الاستثمارية المشتركة في قطاع تحول الطاقة.

وبناء على ما سبق، يرى مدير شركة الاستشارات "هايلاند ساستينابيليتي" (Highland Sustainability) جون ماك آرثر، في اندماج شل وبي بي "مكسبًا كبيرًا" وسيوجِد منافسًا أوروبيًا لإكسون موبيل الأميركية.
ولذلك، يحمل الاندماج فرصة لإعادة تشكيل مشهد أسواق النفط والغاز الطبيعي والغاز المسال عالميًا من خلال إقامة "شركة عملاقة حقًا قادرة على المنافسة".
ويتّفق معه الشريك في معهد الأبحاث الأذربيجاني "كاسبيان باريل" (Caspian Barrel) إلهام شعبان، الذي يقول إن سعر سهم بي بي انخفض بنسبة 2% خلال العام الماضي (2024)، كما انخفضت قيمة الشركة السوقية إلى 74 مليار يورو في مقابل 164 مليار يورو لشركة شل.
ولذلك، فمن شأن الاندماج بين الشركتين أن يسمح بتشكيل قوة جديدة تتجاوز شيفرون من حيث القيمة السوقية.
وبحسب شعبان؛ فتلك ليست المرة الأولى التي تُطرح فيها فكرة اندماج شل وبي بي؛ إذ طُرحت فكرة استحواذ شركات مثل إكسون موبيل وشل على "بي بي" في عام 2012، لكن حتى الآن لم ترد أي معلومات "مؤكدة" عن تحويل تلك الافتراضات لحقيقة.
وفي ظل عدم وجود تصريحات رسمية أو مصادر موثوقة بشأن اندماج شل وبي بي، من العسير -بحسب شعبان- تقييم احتمالات ذلك الاستحواذ.
فرص شل في بحر قزوين
إذا استحوذت شل على بي بي سيكون لذلك الاندماج تأثير كبير في إنتاج النفط وصادراته بحوض بحر قزوين، خاصة صادرات النفط القازاخستاني المنقولة عبر أراضي أذربيجان.
وإذا تحقق الاندماج فعلًا، ستسرّع شل مشروع إنتاج النفط والغاز في دوستلوغ على الحدود بين أذربيجان وتركمانستان (Dostlug)، علاوة على توقيع عقد جديد لتطوير حقل قرة باغ النفطي في أذربيجان داخل بحر قزوين (Karabakh).
يُشار هنا إلى أن قازاخستان أكبر الدول الحبيسة في العالم، وبحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة توصّلت شركة قازموناي غاز (KazMunayGas) لاتفاق مع شركة النفط الوطنية الأذربيجانية "سوكار" (SOCAR) في عام 2022 لنقل النفط القازاخستاني، كما اتفقت الجارتان في مارس/آذار (2024) على زيادة النفط المنقول إلى 2.2 مليون طن سنويًا.
وتشمل قائمة الفرص المحتملة -أيضًا- تنفيذ المرحلة الثالثة من توسعة حقل "شاه دنيز" (Shah Deniz-3) بوتيرة أسرع بالنظر لامتلاك شركة شل المال الكافي والحلول التقنية المتطورة لتطوير حقول الغاز البحرية.

وعلاوة على كونها أكبر المستثمرين الأجانب بقطاع النفط والغاز في قازاخستان، تمتلك شل أصولًا منتجة في قازاخستان على رأسها حصة بنسبة 16.81% في المشروع المشترك المشغل لحقل كاشاغان (Kashagan) و29.25% من مشروع حقل "كاراشاغاناك" (Karachaganak).
وبالإضافة إلى ذلك، سيمنح الاندماج قوة إضافية لشركة شل في بحر قزوين وخاصة لو ركزت على تطوير طرق تصدير بديلة للنفط الخام، كما سيُحكم سيطرتها على طرق تصدير النفط الرئيسة في بحر قزوين، وهو ما سيمنح قازاخستان الفرصة لزيادة الصادرات عبر أذربيجان وتقليل الاعتماد على خطوط الأنابيب الروسية.
تحديات استحواذ شل على بي بي
يتوقّع الخبير جون ماك آرثر أن تتعرّض خطة استحواذ شل على بي بي -إذا حدثت- لمعركة شاقة بالنظر إلى القوانين التي تستهدف منع الاحتكار وتعرقل الاندماجات القادرة على تحجيم المنافسة بشكل كبير.
كما يقول إن ثمة حاجة ملحّة للنظر في إستراتيجيات النهوض من جديد ولا سيما دراسة خيارات الاندماج.
وعلى نحو خاص، لفت إلى أن تحوّل الطاقة يخضع لمرحلة إعادة التوازن، وهو ما يتيح الفرصة أمام "بي بي" للبت في القرارات ذات الصلة، مؤكدًا دعمه لاستغلال الفرص التي يجلبها التحول الأخضر مع جني أرباح النفط والغاز التي تموّل ذلك التحول.
ويتوقع بعض المسؤولين بالصناعة أن يكون الاندماج بين شل وبي بي جزئيًا على غرار ما حدث بين شل وإكوينور في الجرف القاري للمملكة المتحدة (UKCS)، لكن آخرين يرون أنه قد يشمل دمج كل الأصول أو عدم الدمج على الإطلاق.
بدوره، نفى المتحدث باسم شركة شل طرح أي استحواذات كبرى للنقاش في الوقت الحالي، مؤكدًا أن الشركة تركيزها منصبّ على تحسين الأداء والانضباط المالي.
وأضاف: "تمثل أسهمنا فرصة استثمارية جاذبة بشدة؛ لذلك سنخصص رأس المال لها وليس لمكان آخر".
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
0 تعليق