آخر شئ طلبته زينات صدقي قبل وفاتها هو حبات الكريز، وحين أحضروا لها طبقا منه، طلبت من كل الذين حولها أن يغادروا حجرتها باستثناء أبناء شقيقتها: طارق وعزة، وظلت زينات صدقي تأخذ من الطبق وتطعمهم منه وهي تقول: لما انتوا تاكلوا كأنى أكلت، ثم أمسكت أيديهم وهي توصيهم: "خلوا بالكم من بعض ومن أمكم، وانت ياطارق كفاية غربة علشان اختك ماتقعدش لوحدها".

بعدها طلبت زينات صدقي من طارق وعزة أيضا الخروج لتظل بمفردها: "اخرجوا عاوزة أرتاح" وبمجرد أن وصلا إلى منتصف الغرفة خرجت منها تنهيدة، وماتت، كان ذلك يوم 2 مارس 1978.
قبل عامين من وفاتها كرمها الرئيس أنور السادات فى عيد الفن 1976، وكانت في غاية السعادة، لأن الدولة تعترف بالفنانين، والرئيس شخصيا يقوم بتكريمهم، ما جعل زينات صدقي تعبر عن غضبها المكتوم تجاه أهلها الذين رفضوا التحاقها بالفن، وكادوا أن يتبرأوا منها حين أصبحت ممثلة.
يتم وزواج مبكر
بحي الجمرك المطل على بحر الإسكندرية ولدت زينات صدقي يوم 4 مايو 1912، عانت اليتم مبكرات برحيل والدها، ما جعل أسرتها تدفع بها للزواج مبكرا (في الرابعة عشر من عمرها) من اين عمها الطبيب الذي يكبرها بأكثر من 10 أعوام.
لم يستمر الزواج أكثر من عام واحد بسبب الخلافات بينهما، حيث كانت زينات مشغولة بعشقها للتمثيل، وتحلم بالوقوف على خشبة المسرح، في الوقت الذي كان الطبيب يبحث فيها عن زوجة لا يجدها.

انفصلا الزوجان، لتتخذ حياة زينات مسارا آخر، قيل إنها سافرت إلى لبنان مع والدتها، واشتهرت في بيروت بالرقص والغناء، وقيل أنها اتجهت مباشرة إلى القاهرة مع صديقة لها تدعى خيرية والتحقت بفرقة بديعة مصابني.
لقاء نجيب الريحاني
بسبب مشاجرة بين زينات صدقي وعامل في المسرح، لفتت نظر نجيب الريجاني الذي توقف ليفرج عليها، ويقرر بعد انتهاء المشاجرة أن يضمها إلى فرقته، ليس هذا فقط، ولكنه أيضا أسند إليها أدوارا رئيسية، وذكر الفنان الراحل فؤاد المهندس في لقاء تلفزيوني، أن نجيب الريحاني لقب زينات صدقي بـ "قيثارة المسرح"، لتتحول في ثلاثينيات القرن الماضي إلى نجمة على خشبة المسرح، وتقفز من المسرح إلى السينما، وتشارك فيما يقارب من 200 فيلم على مدار مشوارها الفني الطويل.

الزواج الثاني لزينات صدقي
الزوج الثاني للفنانة زينات صدقي ضابط، وكان والده عمدة إحدى قرى المنوفية، لكن الزواج أيضا لم يصمد طويلا، لأن الزوج طلب أن يظل الزواج سرا، فقررت الانفصال عنه.
زينات صدقي والارتجال
ولم تكن زينات صدقي كعادة الممثلين تقرأ السيناريو وتحفظ الحوار، كل ما كانت تقوم به أنها تفهم طبيعة الشخصية، وترتجل الحوار.

في نهاية حياتها جلست زينات صدقي في البيت ونسيها المخرجون، فتراكمت عليها الديون، وباعت مصاغها، ولم تشعر بالفرج إلا مع تكريم الدولة لها وصرف معاش استثنائي لها.
أصيبت زينات صدقي بمياه فوق الرئة، وفي الأيام الأخيرة أغلقت على نفسها، ولم تكن تفعل شيئا سوى قراءة القرآن الكريم والصلاة، وتمكنت من شراء مدفن صغير وهبته للصدقة وكتبت عليه "عابر سبيل" ، ودفنت فيه.
0 تعليق