في خطوة تعكس تصعيدًا دبلوماسيًا عربيًا ضد خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول قطاع غزة، عقد وزراء الخارجية العرب، الإثنين، اجتماعًا مغلقًا في القاهرة، قبل القمة الطارئة لجامعة الدول العربية المقررة الثلاثاء.
الاجتماع، الذي وُصف بأنه "تحضيري وتشاوري"، يهدف إلى بلورة موقف موحد لمواجهة الاقتراح الأمريكي الذي يتضمن السيطرة على قطاع غزة وتهجير سكانه، وهي الخطة التي أثارت غضبًا عالميًا ورفضًا قاطعًا من الدول العربية.
خطة عربية لإعادة إعمار غزة دون تهجير السكان
بحسب مصادر داخل جامعة الدول العربية، فإن الاجتماع المغلق شهد مناقشات معمقة حول خطة عربية لإعادة إعمار قطاع غزة، تركز على التنمية والاستقرار دون أي مساس بحقوق السكان الفلسطينيين أو تهجيرهم.
وقال مصدر دبلوماسي، طالبًا عدم الكشف عن اسمه، إن "الخطة العربية ستُعرض على القادة العرب خلال القمة يوم الثلاثاء للموافقة عليها، في خطوة تهدف إلى قطع الطريق أمام أي محاولات لفرض تغييرات ديموغرافية في القطاع".
وتشمل الخطة، التي تم إعدادها بمشاركة عدة دول عربية، مشاريع "إنعاش مبكر" تهدف إلى تحسين البنية التحتية وإعادة بناء ما دمرته الحرب الأخيرة، دون أي حديث عن إفراغ القطاع من سكانه الفلسطينيين، وهو ما تحاول بعض الأطراف الدولية الدفع به عبر مقترحات غير مقبولة عربيًا.
اجتماعات مكثفة لمصر مع الدول العربية لحشد التأييد للخطة
قبل انطلاق الجلسة المغلقة، عقد وزير الخارجية بدر عبد العاطي سلسلة اجتماعات منفصلة مع نظرائه من الأردن والبحرين وتونس والعراق واليمن، بالإضافة إلى وزير الخارجية الفلسطيني، في محاولة لتنسيق المواقف قبيل القمة.
وأفاد بيان وزارة الخارجية بأن عبد العاطي شدد خلال الاجتماعات على أهمية المضي قدمًا في مشاريع إعادة إعمار غزة، مع رفض أي حلول تفرض تهجير السكان الفلسطينيين.
وأكد عبد العاطي أن "أي جهود لإعادة الإعمار يجب أن تأتي في إطار الحفاظ على وحدة الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره، بعيدًا عن أي مخططات لإعادة تشكيل القطاع ديموغرافيًا".
غضب عربي من خطة ترامب.. ورفض قاطع لمخطط التهجير
أثارت خطة ترامب للسيطرة على قطاع غزة وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" مع تهجير سكانه إلى مصر والأردن، موجة انتقادات حادة من العواصم العربية والعالمية، واعتُبرت انتهاكًا خطيرًا للحقوق الفلسطينية.
وفي رد فعل سريع، استضافت السعودية الشهر الماضي اجتماعًا تشاوريًا لزعماء عرب في الرياض، لمناقشة "الجهود المشتركة لدعم القضية الفلسطينية" ورفض أي محاولات لفرض تسويات مجحفة على الفلسطينيين.
وأكدت القاهرة وعواصم عربية أخرى أنها لن تسمح بتمرير أي خطة تفرض على الفلسطينيين التنازل عن أرضهم أو حقوقهم التاريخية.
ترامب يتراجع.. لكنه لا يتخلى عن فكرته
مع تصاعد الضغوط العربية والدولية، بدا ترامب وكأنه يتراجع عن فرض خطته المثيرة للجدل، حيث صرّح مؤخرًا: "أعتقد أنها خطة ناجحة، لكنني لن أفرضها. سأكتفي بالتوصية بها".
إلا أن المراقبين يرون أن تصريحات ترامب لا تعني تخليه عن الفكرة تمامًا، بل قد تكون محاولة لإعادة صياغة المقترح بطريقة أخرى يمكن تسويقها دوليًا، خاصة في حال عودته إلى البيت الأبيض في الانتخابات المقبلة.
ما المتوقع من قمة القاهرة؟
القمة العربية الطارئة في القاهرة ستركز بشكل أساسي على تبني موقف موحد ضد أي محاولة لفرض حلول غير عادلة في غزة، ومن المتوقع أن تشمل مخرجات القمة:
الإعلان رسميًا عن الرفض القاطع لأي مخطط يهدف إلى تهجير سكان قطاع غزة.
تبني خطة عربية شاملة لإعادة إعمار القطاع، وتقديم الدعم المالي والسياسي للفلسطينيين.
التأكيد على أن أي حل للصراع يجب أن يكون وفقًا للشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
إرسال رسالة واضحة للإدارة الأمريكية والجهات الدولية بأن القضية الفلسطينية ليست قابلة للمساومة أو التفريط.
0 تعليق