تساؤلات عديدة تلك التي أعقبت الإهابة الملكية بعموم المغاربة، الأسبوع الماضي، إلى عدم القيام بشعيرة ذبح الأضحية خلال عيد الأضحى الذي يحل بعد أزيد من 3 أشهر؛ تمحورت غالبيتُها حول طريقة تنزيل مضامين هذا التوجيه الملكي وضمان تحقيق أهدافه الاستراتيجية.
ولم يغبِ الجانب القانوني عن تساؤلات عموم المغاربة، إذ استفسر عدد منهم عن مدى كون عدم التزام المواطنين بمضامين هذا التوجيه الصادر عن الملك محمد السادس أمير المؤمنين يمكن أن يُصنّف على أنه مخالفة قانونية تستوجب المساءلة.
وليست هذه المرة الأولى التي لا يحيي فيها المغاربة شعيرة ذبح الأضاحي خلال عيد الأضحى، إذ تم ذلك في 3 مناسبات سابقة خلال سنوات 1963 و1981 ثم 1996، والتي كانت بناء على توجيهات من الراحل الحسن الثاني بفعل توافر مجموعة من الشروط الموضوعية والتي استوجبت ذلك وقتها.
محمد ألمو، خبير قانوني محام بهيئة المحامين بالرباط، قال إن “مضامين الرسالة الملكية التي تخص الإهابة بالمغاربة بعدم القيام بشعيرة ذبح الأضاحي هذه السنة لا تنشئ متابعة جنائية في نهاية المطاف، بما يعني من الناحية الإجرائية أن مخالفة هذا التوجيه لا تمثّل بالضرورة قيامَ جريمة معينة أو متابعة شخص بعينه”.
واستدرك ألمو، في تصريح لهسبريس، بالإشارة إلى أن “فتح المجال أمام مخالفة مضامين هذه الرسالة الملكية من شأنه إحداث عدم توازن بين الأسر المغربية والمساس بالقطيع الوطني من الأغنام، لا سيما أن مقاصد هذه الرسالة أو التوجيه تروم في الأساس إعفاء عدد من هذه الأسر من تكاليف أداء هذه الشعيرة، مع أداء الطقوس الأخرى الذي تتميز به هذه المناسبة”.
كما لفت إلى أن “الإهابة الملكية، باعتبارها قرارا يأتي في إطار ظروف استثنائية ويتماشى مع تطلعات المغاربة الاقتصادية والاجتماعية، تبقى بحاجة إلى قرارات أخرى من قبل السلطات العمومية بغرض ضمان التنزيل السليم لها وعلى أكمل وجه”.
وتابع الخبير القانوني: “عند صدور هذه القرارات، سواء كانت عبارة عن مراسيم حكومية أو قرارات عاملية أو وزارية، فإننا وقتها سنتحدث عن كون مخالفتها من قبل الأسر المغربية تقع تحت طائلة القانون، في وقت لا تشكل مضامين التوجيه الملكي لوحدها نصا قانونيا يمكن مواجهة المخالفين به، ما دام أنها توقفت عند حدود الإهابة”.
وتحدث المحامي بهيئة المحامين بالرباط عن “كون التوجيه الملكي يبقى مرجعا يمكن للسلطات العمومية الحكومية أن تبني عليه قصد إصدار قرارات أو مراسيم تكون ذات أثر قانوني يمكنها أن تكون نصا من الناحية القانونية للاعتماد عليه في تدبير مراقبة عدم إقامة المغاربة لهذه الشعيرة، سعيا إلى تحقيق الغايات التي أتى من أجلها هذا التوجيه”.
وفي إطار دفاعه عن مبدأ أن “لا عقوبة بدون نص”، أوضح المتحدث أن “القرارات التنظيمية، في حالة إصدارها، هي التي ستتضمن جوهر منع نحر الأضاحي، بناء على التوجيه الملكي، وستكون بمثابة نص يفرض العمل بمضامينه ويمكن المحاججة به في إطار تدبير هذه المناسبة الدينية”.
ومن الناحية الرمزية والاستراتيجية، أكد محمد ألمو أن “أيّ مساس بهذا القرار أو التوجيه الصادر عن أمير المؤمنين، الذي يعتبر محقّق الوحدة العقدية والمذهبية للمغاربة، يبقى مساسا بهذه الوحدة التي تنشأ تحت سلطة إمارة المؤمنين الواردِ ضمن اختصاصاتها ضبطُ كل ما يتعلق بالمجال الديني وممارسة العقائد بالمملكة؛ بما فيها كل ما يتعلق بمناسبة عيد الأضحى”.
وأعاد الخبير القانوني التأكيد على أنه “أمام عدم إنشاء التوجيه الملكي لمتابعة جنائية في حق المخالفين له فإن للسلطة العامة أن تتدخل لاعتبارات تتعلق بحماية النظام العام وتمنع إداريا كل المظاهر التي قد تنتج عن إقامة الذبيحة ومخالفة قرار الملك”، موضحا أن “مخالفة التوجيه الملكي الاصطدام بالمكانة الدستورية لشخص الملك وفقا لنص الفصل 46 من الدستور”.
وحسب المتحدث نفسه، فإن “السلطة الحكومية، في إطار سعيها إلى تنزيل ما جاء ضمن التوجيه الملكي، يمكنها أن تستند إلى نصوص موضوعة سلفا؛ بما فيها النص القانوني المنظم للذبيحة، والذي يمنع السرّية منها”.
0 تعليق