أعلنت وزارة الدفاع السورية، السبت، عن تشكيل لجنة طارئة لمتابعة المخالفات التي ارتُكبت خلال العملية الأمنية والعسكرية في الساحل السوري. ووفقًا لمصدر في الوزارة، فإن اللجنة ستعمل على رصد المخالفات وإحالة المتجاوزين للمحكمة العسكرية، في محاولة لإعادة ضبط الوضع الأمني ومنع أي تجاوزات مستقبلية، حسبما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وأكد المصدر أن المحاكمات ستشمل عناصر أمنية وعسكرية تورطت في تجاوز التعليمات الصادرة عن القيادة، مع التشديد على أنه "لن يكون هناك أي تهاون مع من يثبت ضلوعه في ارتكاب جرائم أو تجاوزات خلال العمليات الأخيرة".
إغلاق الطرق المؤدية إلى الساحل السوري وتشديد الرقابة الأمنية
بالتزامن مع هذه الإجراءات، أصدرت وزارة الدفاع بالتنسيق مع إدارة الأمن العام قرارًا بإغلاق الطرق المؤدية إلى مدن الساحل السوري، بهدف ضبط الأوضاع الأمنية ومنع تسلل العناصر المسلحة.
وانتشرت قوات الأمن بشكل مكثف في شوارع طرطوس واللاذقية وجبلة، حيث أقيمت نقاط تفتيش جديدة، وتم وضع إجراءات رقابية مشددة لضمان عودة الهدوء تدريجيًا.
ضبط أسلحة وملاحقة فلول النظام السابق في اللاذقية
أعلنت إدارة الأمن العام أنها تمكنت من ضبط كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر في مدينة اللاذقية، كانت بحوزة مجموعات وصفتها بأنها من فلول النظام السابق.
وقال المقدم مصطفى كنيفاتي، مدير إدارة الأمن العام في اللاذقية، إن "الأجهزة الأمنية لن تتهاون مع أي عناصر تحاول زعزعة الأمن"، مؤكدًا أنه تم القبض على العشرات من المشتبه بهم، بينهم ضباط سابقون في النظام البائد.
وأضاف كنيفاتي:
"لن نسمح بأي أعمال انتقامية تحت أي ظرف. سنحاسب كل من يثبت تورطه في الاعتداءات سواء من فلول النظام السابق أو من العناصر الخارجة عن القانون. سيادة القانون هي الضامن الوحيد لتحقيق العدالة".
الجامعة العربية تدين العنف وتحذر من التدخلات الخارجية
أصدرت جامعة الدول العربية بيانًا رسميًا، السبت، أعربت فيه عن قلقها البالغ إزاء تصاعد العنف في الساحل السوري، داعية جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب مزيد من التصعيد.
وشدد البيان على أن "استمرار أعمال العنف في سوريا يهدد الأمن والسلم الأهلي، ويزيد من تعقيد الأزمة"، داعيًا إلى "الحفاظ على وحدة الأراضي السورية ومنع أي تدخلات خارجية تؤجج الأوضاع".
اشتباكات دامية وفرض حظر تجول في طرطوس واللاذقية
شهدت مدن اللاذقية وطرطوس خلال اليومين الماضيين اشتباكات عنيفة بين القوات الأمنية ومجموعات مسلحة، يُعتقد أنها تابعة للنظام السابق.
وبحسب مصادر أمنية، فإن المواجهات اندلعت بعد تعرض دوريات تابعة للأمن العام لكمائن مسلحة في ريف اللاذقية، ما أدى إلى تصعيد الاشتباكات وانتشارها إلى مناطق أخرى، أبرزها مدينة القرداحة، مسقط رأس عائلة الأسد.
وفي محاولة لاحتواء الوضع، أعلنت وزارة الدفاع فرض السيطرة الكاملة على طرطوس واللاذقية، إلى جانب تمديد حظر التجول حتى إشعار آخر، لضمان استقرار الأوضاع ومنع حدوث أي أعمال انتقامية.
استعادة المسروقات والقبض على منفذي أعمال النهب
في ظل الفوضى التي شهدتها بعض مناطق الساحل، انتشرت عمليات النهب والسرقة، ما دفع إدارة الأمن العام إلى تنفيذ عمليات مداهمة واسعة.
وقال مسؤول أمني إن القوات نجحت في استعادة كميات ضخمة من المسروقات، وتم القبض على عدد من المشتبه بهم الذين استغلوا حالة الفوضى لتنفيذ عمليات نهب واسعة النطاق.
اجتماع لدول الجوار السوري في الأردن لمناقشة الأزمة الأمنية
في ظل تصاعد الأزمة، أعلنت المملكة الأردنية عن استضافة اجتماع طارئ لدول الجوار السوري، الأحد، لمناقشة الوضع الأمني في سوريا، وبحث آليات التعاون لمكافحة الإرهاب وعمليات تهريب الأسلحة والمخدرات.
وسيشارك في الاجتماع وزراء الخارجية والدفاع، ورؤساء أجهزة المخابرات في كل من الأردن، تركيا، سوريا، لبنان، والعراق، وفقًا لما أوردته قناة "المملكة".
وأكد السفير سفيان القضاة، الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية، أن الاجتماع سيركز على "سبل مساعدة الشعب السوري في إعادة بناء وطنه، وضمان وحدة أراضيه، مع تأمين عودة اللاجئين بشكل آمن وطوعي".
هل تنجح الحكومة السورية في إعادة الاستقرار إلى الساحل؟
في ظل هذه الإجراءات الأمنية المشددة، يطرح المراقبون تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة السورية على فرض الاستقرار الكامل.
ومع استمرار العمليات العسكرية، وبدء محاكمة المخالفين أمام المحكمة العسكرية، يرى البعض أن الأزمة في الساحل السوري لا تزال مفتوحة على احتمالات متعددة، خاصة مع التحديات الإقليمية والتدخلات الخارجية المستمرة.
0 تعليق