“نصوص حرة”، يقدمها الناقد البارز أحمد اليبوري في ديوان صدر بعنوان “رؤيا إبداعية” عن مكتبة النشر والتوزيع المدارس، تقرّب القارئ من شعر رائد من رواد “النهضة الأدبية الحديثة” بالمغرب، وأحد العمداء البارزين للجامعة المغربية، الذين أدخلوا المناهج والنصوص الحديثة في المقررات الجامعية بالمملكة، علما أنه كان من المنتبهين الأوائل أكاديميّاً للمتن الأدبي المغربي المكتوب باللغة العربية، خاصة الحديث منه.
وفي تقديم المنشور الجديد، كتب اليبوري أن هذا “الكتاب” يضم “مجموعة من النصوص، ذات طابعٍ شعريّ، كتبتها بين الخمسينيات والستينيات، أغلبها لم يتم نشره؛ ما عدا ‘الشهيد الأول يتحدث’ في جريدة ‘العلم’ سنة 1960، و’الشعب’ سنة 1962، و”بروموثيوس’ سنة 1963، بصحيفة ‘المحرّر’، موقعة باسم أحمد الدمناتي، أو بالحرفين (أد.د)”.
وتابع: “كنت أجد في محاولة كتابة إبداعية، في شبابي، متعة وجدانية، أعيشها بكل جوارحي، دون طموح لأن أكون شاعرا؛ إنها ممارسة يمتزج فيها الحلم والخيال باللغة، في تشعباتها المختلفة، وتلاوينها المتميّزة، وأساليبها المتبرجة”.
ثم أردف قائلا: “وقد ترددت كثيرا في نشر هذه النصوص، لكن بعد انصرام السنين، واقتراب لحظة المغيب، قررت أن أقدمها للقارئ العزيز، بعد حذف وغربلة وتنقيح”.
وفي “عملات مزيَّفة”، يقرأ القارئ:
كذبا نُسقى صباحا ومساءْ
بين تَغريد، هُتافٍ ونُواح
وزغاريدِ نساءْ،
وأمانٍ باسمات
وحُظوظ عاثراتْ
ونجومٍ نيّرات
فوق أكواخ الأسى والموبقات.
***
كَذبٌ في كُلّ شِبرٍ مِن بلادي:
في ابتسام الماكرين.
في بكاء الناقمين.
في وعود الحاكمين
شيَّدوا في كلّ شبرٍ من بلادي
ناطحات للسحابْ
من كفاح الأبرياءْ
مِن عناء الشُّهداء
***
وطني! في أرضك الأقزام أَضحوا آلهة
يتباهَون بدُور وعَقار
وحِليّ ونُضار
وسيارات طهيمَهْ
وقُدودٍ وغنيمة
يتعنّونَ جميعا بالبناء!
آه قد هُدّ البناء!
آه ما أحلى الغناء!
أما آخر قصائد المنشور الجديد فعنوانها “يا رفاقي!”، ونصّها:
ذاكَ أمسي
ولكَم كان بعيدا عنه
رمسي.
ضاع أمسي
بين أنقاضِ السنينْ
وبدا الحاضر نورا
ثم نارا في تلابيبِ الوجودْ
ورمادا،
فوق رمسي.
***
بعد حينٍ سوف أفنى
يذبُل الحبّ بقلبي
يجمُد النور بلحظي
ستصير الكلمهْ
صخرة فوق ضلوعي.
كلّ شمس ستغيبْ
لم يعد للنور معنى
لم يعد في الزهر مغنى
***
بعد حينٍ سيموتُ
اليأسُ
والخوفُ الدفينْ
بفؤادي
جارتي الصخرةُ لا تنكرني،
آه منكم يا رفاقي!
***
هكذا كنا وصرنا،
وسنَفنى هكذا رغم هوانا.
نَبذُر الوهم
ونجني الوهم
في باقي الدُّهورْ.
0 تعليق