قلق أردني من تصاعد دعوات الانفصال والفوضى الأمنية في سوريا

الرئيس نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أبدت مستويات إقليمية، وبصفة خاصة أردنية عليا، قلقًا متزايدًا إزاء التطورات المتسارعة في مدينة السويداء السورية، التي تبعد نحو 60 كيلومترًا فقط عن الحدود الأردنية، وتقع على مقربة من مدينة الأزرق الأردنية، التي تضم مكونًا درزيًا، وفقًا لصحيفة الإندبندنت البريطانية.

يرجع هذا القلق إلى تصاعد دعوات الانفصال وما قد يرافقها من اضطرابات أمنية في المناطق المحاذية للحدود الأردنية، القريبة أيضًا من مدينة المفرق. ويؤكد مراقبون أن هذه التطورات تمثل تهديدًا مباشرًا للأردن، الذي لطالما أكد التزامه بوحدة الأراضي السورية ودعمه لاستقرارها، خاصة بعد 14 عامًا من تداعيات الحرب، التي أثرت بشكل مباشر على المملكة، من خلال تهريب المخدرات والأسلحة، مما جعل حدوده الشمالية بؤرة توتر دائمة.

التغييرات الجيوسياسية وأثرها على الأردن

أي تصعيد في السويداء قد يؤدي إلى تداعيات أمنية، اقتصادية، وحتى سياسية على الأردن، مما يدفع المملكة إلى مراقبة الأوضاع بحذر، والتنسيق مع القوى الدولية والإقليمية لتجنب انفلات الأمور قرب حدوده. ويرى خبراء أن على الأردن الاستفادة من علاقاته القوية مع دروز سوريا لحماية مصالحه وسط هذه التغيرات الجيوسياسية، التي تشهد محاولات لإعادة تشكيل النفوذ في المنطقة.

تشكل دعوات انفصال دروز سوريا، خصوصًا في محافظة السويداء، مصدر قلق للأردن لعدة أسباب، أبرزها الخشية من زعزعة استقرار حدوده الشمالية، وإمكانية تفكك سوريا، مما قد يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي، ويفتح الباب أمام تدخلات إقليمية ودولية، مثل إسرائيل وإيران وروسيا.

السويداء.. ممر تهريب ذو أهمية أمنية للأردن

تمثل محافظة السويداء نقطة استراتيجية على صعيد الأمن الإقليمي، حيث تعد ممرًا تقليديًا لعمليات تهريب المخدرات والأسلحة، مما يثير مخاوف الأردن من تحول المنطقة إلى بؤرة أكثر اضطرابًا.

تحليل استراتيجي للمخاوف الأردنية

أكد المحلل العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد، في حديثه إلى الإندبندنت، أن هناك قلقًا رسميًا أردنيًا بشأن التطورات في السويداء، لأن أي تهديد لوحدة الأراضي السورية سينعكس سلبًا على المملكة، بالنظر إلى التشابك الأمني والاقتصادي بين البلدين. لكنه أوضح أن هذا القلق لم يصل بعد إلى مرحلة المخاوف الحقيقية، مشيرًا إلى أن قرب مدينة الأزرق ذات المكون الدرزي من السويداء يعزز الحاجة إلى متابعة دقيقة للأوضاع.

دروز الأردن وسوريا.. انقسام في المواقف

من العوامل التي قد تخفف من حدة القلق الأردني، بحسب أبو زيد، هو تأكيد شيخ دروز الأردن، عجاج مهنا عطا، أن دروز الأردن منفصلون تمامًا عن دروز السويداء، وليس لديهم التوجهات ذاتها. كما أوضح أن دروز السويداء أنفسهم منقسمون إلى تيارين رئيسيين:

  1. الفريق المؤيد للنظام السوري، بقيادة حكمت الهاجري، الذي يمثل حوالي 25% من دروز السويداء، وهو داعم للنظام السوري ويطرح طروحات انفصالية لا تمثل الغالبية.
  2. الفريق المعارض للنظام، بقيادة ليث البلعوس، الذي يمثل نحو 75% من دروز السويداء، وهو لا يزال يحدد موقفه من الإدارة الجديدة في دمشق، لكنه قد يكون منفتحًا على اتفاق مشابه لما وقعته قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مع الحكومة السورية.

قلق الأردن من استغلال إسرائيل للوضع

يرى نضال أبو زيد أن هناك مخاوف من أن يؤدي تصاعد النزعة الانفصالية في السويداء إلى استغلال إسرائيل للوضع، بهدف تطويق الأردن ووضعه بين "فكي كماشة" من الغرب والشمال، ضمن مشروع "ممر داوود"، الذي تسعى تل أبيب إلى تنفيذه، وهو مشروع اقتصادي قد يضر بالمملكة. كما أن لإسرائيل أهدافًا أخرى تتعلق بالسيطرة على الموارد المائية في الجنوب السوري، مما قد يؤثر على الأمن المائي الأردني.

الأردن واستغلال علاقاته مع دروز سوريا

لا يُستبعد أن يستغل الأردن علاقاته الجيدة مع دروز سوريا، خاصة أن تلك العلاقات تعززت عام 2014، عندما طالب الدروز بفتح معبر جديد مع الأردن، وتحديدًا من منطقة دير الكهف. ويرى أبو زيد أن هذه العلاقات الإيجابية، رغم عدم شمولها لجميع الأطياف الدرزية، قد تساعد عمان في لعب دور يساهم في فرض الاستقرار في سوريا، من خلال التوصل إلى اتفاق مع جناح ليث البلعوس.

الأزرق.. مدينة استراتيجية ضمن الحسابات الأردنية

تعد مدينة الأزرق الأردنية، المجاورة للسويداء، منطقة استراتيجية وبيئية ذات تركيبة ديموغرافية متنوعة، تشمل مكونًا درزيًا صغيرًا لكنه متجذر في المجتمع الأردني، ومنسجم مع باقي المكونات كالبدو والشركس والشيشان. هذه الخصوصية الديموغرافية تضع الأزرق ضمن الحسابات الأمنية والسياسية للأردن في ظل تطورات الملف الدرزي في سوريا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق