عند سماعي لخطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي، في حفل إفطار القوات المسلحة وحديثه عن الدراما المصرية والإعلام ومطالبته أساتذة علم الاجتماع وعلم النفس بالتدخل لإنفاذ الدراما وإعطاء أهل الإعلام والفنّ روشته المجتمع المصري وطبيعته وكيف يمكن تطوير المجتمع وكيف يؤثر الفن على الوعي المجتمعي، فقولت لنفسي نعم يا ريس احنا معاك وأساتذة علم الاجتماع كلهم هيلبوا النداء فنحن أهل لها .
جاءت هذه الدعوة في أعقاب الانتقادات الواسعة التي طالت بعض الأعمال الدرامية الرمضانية، المذاع حاليا والتي أثارت حالة من الاستياء بين الجمهور المصري، خاصة تلك التي لا تعبر عنه وتفسد الذوق العام.
حديث الرئيس، الذي كان بمثابة نداء لكل المعنيين بالشأن الثقافي والفني، ومن بينهم علماء الاجتماع الذين تقع على عاتقهم مسؤولية تحليل الواقع الدرامي وتقديم رؤى تطويرية، جاء في توقيت عصيب يمر به المجتمع المصري.
هذا النداء يُعد شرفًا كبيرًا ومسؤولية ثقيلة، تتطلب تضافر جهود الخبراء وأصحاب الرؤى لإحداث نقلة نوعية في الدراما المصرية.
فالدراما، كصناعة، تقوم على أسس اقتصادية تستهدف تحقيق الأرباح، ولكن هذا لا يعني إغفال البعد القيمي والمجتمعي. فنجاح أي عمل درامي لا يتعارض مع تقديم محتوى رصين وهادف، بل يمكن أن يكون الإثنان متلازمين إذا ما تم توظيف الأدوات الدرامية بذكاء دون الإخلال بالسياق الثقافي والمجتمعي.
كما أن المواضيع المؤثرة والمواكبة لقضايا المجتمع باتت كثيرة ومتنوعة، ما يتيح للمنتجين فرصًا هائلة لتقديم أعمال درامية تحقق التوازن بين الترفيه والفائدة، بعيدًا عن المبالغة في استعراض مشاهد العنف والجريمة، التي قد تؤدي إلى تآكل منظومة القيم لدى بعض الفئات، خاصة النشء.
قد حان التدخل ليس عبر الشعارات أو المزايدات، وإنما من خلال وضع خطط علمية وعملية لإصلاح واقع الدراما المصرية. فتصريح الرئيس السيسي يجب أن يُنظر إليه على أنه تكليف وطني لكل المسؤولين عن تشكيل الوعي، من إعلاميين ومثقفين وصناع محتوى، للمساهمة في ترشيد دور الدراما وتعزيز تأثيرها الإيجابي على المجتمع.
لذلك أعلن عن البدء في إعداد دليل إرشادي لمتابعة ورصد الأعمال الفنية، يتضمن معايير علمية لكيفية توافق المحتوى الدرامي مع الواقع، مع تعزيز القيم الوطنية والأصيلة. كما يسعى إلى تقديم مقترحات عملية لتحفيز الإبداع الدرامي بأساليب جديدة، والاستفادة من التجارب العالمية في استخدام الدراما كأداة مؤثرة في تشكيل الوعي الجمعي.
وأتوجه بدعوة إلى زملائي من علماء النفس والاجتماع، للمشاركة في هذه المبادرة، والمساهمة في بناء وعي مجتمعي رصين يليق بمصر وتاريخها الثقافي العريق. فالمسؤولية لم تعد تقع على عاتق صناع الدراما وحدهم، بل هي مسؤولية مجتمعية تتطلب تكاتف الجميع، لضمان أن تكون الدراما المصرية في المستقبل أكثر وعياً، وأشد تأثيرًا في بناء الإنسان والمجتمع.
حفظ الله مصر، وحمى شعبها، وجعل الفن وسيلة للنهوض والارتقاء، لا للهدم والانحدار.
د.عمرو غنيم استاذ علم الاجتماع المساعد بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية
0 تعليق