السل في المغرب .. مشكلة صحية مقلقة رغم الجهود المبذولة بالمغرب

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في اليوم العالمي لمكافحة السل، الذي يصادف الرابع والعشرين من مارس من كل عام، تتجدد الدعوات إلى تكثيف الجهود للقضاء على هذا المرض المعدي الذي لا يزال يمثل مشكلة صحية عامة مقلقة في المغرب، رغم الجهود المبذولة لمكافحته.

ويخلد المغرب اليوم الاثنين، اليوم العالمي لمحاربة داء السل، تحت شعار “نعم! نستطيع القضاء على السل: نلتزم، نستثمر، ونعمل بشكل ملموس”.

جهود المغرب

وذكر بلاغ لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية أن هذا الحدث يشكل فرصة لتعزيز الوعي حول التأثيرات الصحية والاجتماعية والاقتصادية لهذا المرض، وللتعريف بالوسائل المتاحة حاليا للوقاية منه، خاصة العلاجات المخصصة للفئات الأكثر عرضة للإصابة بالمرض.

وأوضح المصدر أنه سيتم التركيز هذه السنة على جانب الوقاية، من خلال تعزيز الكشف المبكر، واعتماد بروتوكولات جديدة للعلاج الوقائي قصيرة المدة، لا سيما لفائدة الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالمرض، مثل الأشخاص المخالطين لمرضى السل الرئوي، والأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري، وذلك لضمان حماية فعالة ضد هذا الداء.

وتابع، في هذا الصدد، أن المغرب يبذل جهودا مكثفة لمكافحة هذا المرض من خلال تعزيز آليات الكشف والتشخيص المبكر، مما يساهم في تحسين رصد الحالات الجديدة لمرض السل بمختلف أشكاله، وعلاجها وفق ا للبروتوكولات المعتمدة، مشيرا إلى أن الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالسل تشمل على وجه الخصوص الفئات العمرية الشابة، خاصة في المناطق الحضرية والتجمعات ذات الكثافة السكانية العالية.

ويعتبر التكفل بحالات عدوى السل الكامن أحد الإجراءات ذات الأولوية التي تسهم بشكل فعال في تحقيق هدف القضاء على مرض السل. وفي هذا السياق، أولت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية اهتماما خاصا لهذا الجانب في إطار المخطط الاستراتيجي الوطني للوقاية ومكافحة السل للفترة 2024-2030، حيث جعلت من العلاج الوقائي إحدى الركائز الأساسية لمكافحة هذا المرض.

وخلص البلاغ إلى أن هذه الإجراءات تكتسي أهمية قصوى، نظرا لكون عدوى السل الكامن تشكل مستودعا للمرض وبالتالي تعتبر مصدرا رئيسيا لظهور حالات السل النشط، مما يجعل الكشف المبكر عنها وعلاجها ضروريين للحد من معدل الإصابات والوفيات الناجمة عن هذا المرض.

ووفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية لعام 2021، يسجل المغرب يوميا 96 حالة سل و9 وفيات؛ في حين بلغ عدد الحالات المسجلة خلال السنة نفسها 35 ألف حالة، بمعدل 94 لكل 100 ألف نسمة، مع 3 آلاف و300 حالة وفاة. كما يُظهر المرض وجهه القاتل، إذ يموت واحد من كل عشرة مرضى مصابين بالسل بسبب مضاعفاته.

تحديات مرض السل

وفي هذا الإطار، قال الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، إن هناك تحديات عديدة تواجه القضاء على مرض السل بالمغرب.

وأوضح حمضي، ضمن تصريح لهسبريس، إن أول تحديات داء السل هو أنه مرض قاتل، إذ يموت يوميا شخص واحد من بين كل 10 أشخاص مصابين، لافتا إلى أنه “يجب تقليل عدد الوفيات، خاصة بين المرضى الذين تم تشخيصهم ويخضعون للعلاج، إذ لا ينبغي أن تكون هناك وفيات بينهم. لذلك، يجب العمل على القضاء على نسبة الوفيات”.

ثاني التحديات التي ذكرها الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية تكمن في أن “تراجع داء السل في المغرب خلال السنوات الماضية لم يتجاوز 1 في المائة، وهذه النسبة غير كافية إطلاقا لتحقيق هدف القضاء على المرض بحلول عام 2030″، مؤكدا أن “هذه النسبة لا تسمح بالوصول إلى الهدف المحدد، لا في 2030 ولا بعدها. لذا، يجب تسريع وتيرة انخفاض معدل الإصابات بالسل في المغرب وفق الهدف المسطر للقضاء عليه”.

ثالث التحديات التي يتحدث عنها المصرح عينه “يتمثل في كيفية تقليل عدد الحالات الجديدة من داء السل. لتحقيق ذلك، يجب الأخذ بعين الاعتبار أن السل مرتبط بالفقر وظروف السكن غير الملائمة، مما يجعله منتشرا في الأحياء الهامشية. لذا، من الضروري تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية وظروف السكن”، مفيدا بأنه “يجب عدم انتظار تحسن هذه العوامل للبدء في مكافحة المرض، بل هناك آليات أخرى يجب اعتمادها، مثل تحسين عمليات التشخيص وضمان الوصول السريع إلى المصابين”.

وأضاف حمضي: “تشير الإحصائيات إلى أن من بين كل 6 أشخاص مصابين بداء السل، هناك واحد لا يتم تشخيصه، أي أن 15 في المائة من الحالات تظل غير مكتشفة، مما يعني أن هؤلاء المرضى يبقون دون علاج، ويواصلون نقل العدوى للآخرين. لذا، يجب تقليص هذه النسبة من الحالات التي لا يتم تشخيصها”.

التحدي الرابع الذي تحدث عنه الباحث في السياسات والنظم الصحية “يتعلق بفعالية العلاج، حيث تبلغ نسبة الشفاء حاليا 88 في المائة؛ لكن يمكن تحقيق نسبة أعلى. لا يزال هناك 12 في المائة من المرضى الذين لا يُشفون لأسباب عديدة؛ من بينها أن 8 في المائة من المرضى لا يستكملون علاجهم، بسبب عدم معرفتهم بالمسار العلاجي أو لعدم توفر آليات متابعة تضمن التزامهم بالعلاج حتى النهاية. وهذا يمثل تحديا آخر يجب العمل على حله”.

أما التحدي الخامس، حسب حمضي، “فهو داء السل المقاوم للأدوية، وهو من أخطر المشاكل، حيث إن المصابين به ينقلون نوعا من السل الذي لا يستجيب للعلاجات المعتادة. في المغرب، لا يتم تشخيص ثلثي الحالات المصابة بالسل المقاوم للأدوية، مما يعني أن هناك عددا كبيرا من المرضى الذين يواصلون نقل العدوى دون أن يتم اكتشافهم”.

وأكد الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية أن هناك تحدي التشخيص السريع، حيث يجب تعميم استخدام التقنيات الحديثة لضمان اكتشاف الحالات في أسرع وقت ممكن. كما يجب توفير العلاجات السريعة، والتي هي متاحة لكنها تحتاج إلى تعميم”، مؤكدا أنه “من المهم أيضا العمل على تشخيص وعلاج الأشخاص المخالطين للمصابين بسرعة، وتوفير العلاج الوقائي للفئات الأكثر عرضة للإصابة، كما توصي منظمة الصحة العالمية؛ وذلك للحد من انتشار المرض وضمان الوقاية الفعالة منه”.

وختم حمضي بالقول إن من الظواهر المثيرة للقلق في المغرب أن نسبة السل خارج الرئة (الذي يصيب الغدد الليمفاوية، الغشاء الجنبي، العظام والمفاصل…) قد ارتفعت من 28 في المائة عام 1990 إلى 49 في المائة عام 2021، مما يعني أن نصف الحالات المسجلة اليوم تتعلق بهذا النوع من السل؛ وهو معدل يتجاوز المتوسطات المتوقعة عالميا. ويطرح هذا الارتفاع تساؤلات حول أسباب انتشاره؛ بما في ذلك نقص الفحص والتشخيص، أو انتقال المرض عبر منتجات حيوانية مثل الحليب ومشتقاته.

للقضاء على السل، يتطلب الأمر استراتيجية شاملة تعزز من برامج الفحص المبكر، وتضمن توفير العلاجات الفعالة، وتحسن من متابعة المرضى لمنع الانقطاع عن العلاج، بالإضافة إلى معالجة العوامل الاجتماعية المرتبطة بالمرض؛ مثل الفقر وسوء التغذية والاكتظاظ السكاني.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق