باتت انبعاثات الشاحنات الثقيلة والمتوسطة من أبرز القضايا البيئية التي تؤثّر في صحة الإنسان واقتصادات الدول حول العالم.
وتُظهر البيانات أن قطاع النقل يسهم بنسبة تقارب 21% من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة على مستوى العالم، ويمثّل قطاع النقل البري وحده نحو 75% من هذه الانبعاثات.
ورغم مساهمة قطاع الشاحنات الثقيلة والمتوسطة في التلوث، فقد نجا من الإجراءات التنظيمية الصارمة؛ ما سمح بارتفاع مستويات الانبعاثات.
وأشار تحليل حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، إلى أن انبعاثات الشاحنات المصنّعة من قبل العمالقة دايملر (Daimler) وتراتون (Traton) وفولفو (Volvo) وباكار (Paccar)، ستؤدي إلى تأثيرات صحية كارثية، وستكبّد الاقتصاد خسائر هائلة.
فخلال السنوات الماضية، طرحت هذه الشركات مئات الآلاف من الشاحنات المتوسطة والثقيلة العاملة بالديزل، التي ما تزال آثار انبعاثاتها تلوّث الهواء وتثقل كاهل الأنظمة في مختلف دول العالم.
أسباب التلوث الناتج عن الشاحنات
تعدّ صناعة الشاحنات من أكبر المساهمين في تلوث الهواء، رغم أنها تمثّل فقط 3% من إجمالي المركبات على مستوى العالم.
وأظهر التحليل الصادر عن مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف أن القطاع يسهم بقرابة 30% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من النقل البري، و86% من انبعاثات أكسيد النيتروجين من المركبات العاملة بالديزل.
وتمثّل الشاحنات 50% من إجمالي انبعاثات أكسيد النيتروجين من جميع القطاعات، مثل النقل والسكن والكهرباء، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وتتعدد العوامل التي تجعل من الشاحنات ملوثًا بيئيًا هائلًا، أبرزها:
- اعتماد الشاحنات على الديزل الذي ينبعث منه ملوثات أكثر مقارنة بالبنزين.
- الشاحنات مصمّمة لنقل أحمال ثقيلة، ما يتطلب استهلاكًا أكبر للوقود وزيادة في الانبعاثات لكل كيلومتر مقارنة بالمركبات الخفيفة.
- السفر لمسافات طويلة يؤدي إلى انبعاث الملوثات على مساحات واسعة ولمدة أطول.
- الشاحنات تتوقف لمدة طويلة خلال التحميل والتفريغ، أو خلال أوقات راحة السائقين، وهذا يؤدي إلى استهلاك غير ضروري للوقود وزيادة الانبعاثات.
- الشاحنات غالبًا ما تسير في -أو بالقرب من- أماكن المجتمعات الفقيرة والمهمّشة؛ ما يزيد من تعرُّض هذه المناطق للانبعاثات الضارة، ويؤدي إلى مشكلات صحّية.

انبعاثات الشاحنات وتأثيرها
تشكّل انبعاثات الشاحنات المصنّعة من قبل شركات دايملر وتراتون وفولفو وباكار تهديدًا بالغ الأثر على مستوى العالم.
وسلّط تحليل مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف الضوء على تأثير هذه الشاحنات خلال العقد الماضي (2014-2023)، بما في ذلك الانبعاثات التاريخية في تلك المدة، وكذلك الانبعاثات المستقبلية المتوقعة بناءً على متوسط عمر المركبات (من 2024 حتى 2040).
وعلى مدار العقد الماضي (2014–2023)، شهدت انبعاثات أكاسيد النيتروجين الصادرة عن شاحنات شركات دايملر، تراتون، فولفو وباكار نموًا مطّردًا.
ونظرًا لعمر الشاحنات الطويل -الذي يتراوح عادة بين 14 و18 عامًا-، فإن التأثير البيئي لا يتوقف عند سنة البيع، بل يمتد ليشكّل عبئًا طويل الأمد على جودة الهواء وصحة السكان.
وبنهاية عمرها التشغيلي، ستُطلق هذه المركبات ما يقارب 6 آلاف و466 كيلوطنًا من أكاسيد النيتروجين، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وأشار التحليل إلى أن انبعاثات الشاحنات من قبل هذه الشركات ستعادل 60 ضعف الانبعاثات السنوية التي يسبّبها البشر في السويد، و8 أضعاف ما تنتجه ألمانيا، و30 ضعف الانبعاثات السنوية للنقل البري في المملكة المتحدة، و10 أضعاف ما تصدره مركبات الطرق السريعة في أميركا.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- أن قطاع النقل يحتلّ المرتبة الثانية ضمن قائمة أبرز القطاعات المسبّبة لانبعاثات غازات الدفيئة في عام 2023:
بالإضافة إلى ذلك، توقَّع التقرير أن الانبعاثات الصادرة عن عمالقة تصنيع الشاحنات الـ4 ستتسبّب في كارثة صحية غير مسبوقة، مع تسجيل أكثر من 307 آلاف حالة وفاة، و217 ألف إصابة جديدة بالربو لدى الأطفال، فضلًا عن إهدار 120 مليون يوم عمل.
وسيمتد تأثير انبعاثات الشاحنات ليُكلّف الاقتصاد العالمي ما يقارب 1.4 تريليون دولار، ويشكّل ذلك عبئًا هائلًا على الأفراد والشركات وأنظمة الرعاية الصحية.
ويرى التقرير أن الفاتورة الاقتصادية تفوق تقديرات كلفة بناء بنية تحتية للشحن الكهربائي، ففي الولايات المتحدة، يمكن باستثمار 66 مليار دولار فقط تجهيز شبكة تدعم 1.4 مليون شاحنة كهربائية بحلول عام 2032، بينما تحتاج أوروبا إلى نحو 40 مليار يورو (43 مليار دولار) لتحقيق التحول الكهربائي الشامل بحلول عام 2040.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
0 تعليق