شهد إنتاج النفط الإيراني قفزة جديدة مع ارتفاع الإنتاج بمقدار 50 ألف برميل يوميًا من حقل آزادكان العملاق، ما يعكس زيادة بنسبة 35% مقارنة بأرقام يوليو/تموز الماضي.
ووفقًا لبيان طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تحققت هذه الزيادة بعد اكتمال الأعمال التنفيذية في إحدى وحدات الاستخراج بالحقل في 19 مارس/آذار الجاري، عشية العام الإيراني الجديد.
(التقويم الإيراني يتخذ من الاعتدال الربيعي بدايةً له)
وأكد وزير النفط محسن باكنجاد أن هذا التطور يأتي ضمن خطة الحكومة لتعزيز إنتاج النفط الإيراني، مشيرًا إلى استمرار هذا الاتجاه خلال العام الإيراني الجديد 1404 (هـ ش).
وأوضح أن هذه الزيادة تعكس نجاح الجهود الرامية إلى رفع الطاقة الإنتاجية للحقل، مما يسهم بدعم الاقتصاد الوطني في ظل العقوبات المفروضة على البلاد.
ولم يُفْصَح عن إجمالي الإنتاج الحالي للحقل، إلّا أن التقارير الأخيرة تفيد بأن إنتاجه قد بلغ 192 ألف برميل يوميًا على الأقل، متضمنًا الكمية الجديدة المضافة.
وكانت شركة هندسة وتطوير النفط "بيدك" (PEDEC)، المطورة للحقل، قد أعلنت في يناير/كانون الثاني الماضي (2025)، زيادة طفيفة بلغت 2000 برميل يوميًا، في حين تشير التقديرات إلى أن حقل آزادكان النفطي الإيراني لديه إمكانات ضخمة للنمو خلال السنوات المقبلة.
حقل آزادكان النفطي الإيراني
يعدّ حقل آزادكان النفطي الإيراني واحدًا من أكبر الحقول في البلاد، إذ يحتوي على احتياطيات تُقدَّر بنحو 33 مليار برميل من النفط، بحسب البيانات الواردة بموسوعة حقول النفط والغاز لدى منصة الطاقة المتخصصة
ويقع الحقل في محافظة خوزستان، بالقرب من الحدود مع العراق، ما يجعله جزءًا من الاحتياطيات المشتركة بين البلدين، ويزيد من أهميته الإستراتيجية لطهران، التي تسعى إلى تعويض خسائرها الناجمة عن العقوبات الدولية، من خلال تعزيز إنتاجه.
ويمتد الحقل، الذي اكتُشف عام 1999، على مساحة تبلغ نحو 900 كيلومترًا مربعًا، وينقسم إلى قسمين: شمالي وجنوبي، إذ يمثّل القسم الجنوبي الجزء الأكثر أهمية من ناحية حجم الإنتاج والاحتياطيات.

وتسعى إيران إلى تطوير حقل آزادكان النفطي من خلال استثمارات محلية ودولية، إذ تُقدَّر الاستثمارات الموجهة إلى تطويره بـ10 مليارات دولار، بهدف الوصول إلى إنتاج مستقر قدره 550 ألف برميل يوميًا خلال 8 سنوات.
تأثير العقوبات في قطاع النفط الإيراني
يعاني قطاع النفط الإيراني من تحديات كبيرة ناجمة عن العقوبات الأميركية المفروضة على البلاد، التي تعوق الحصول على التكنولوجيا الحديثة والاستثمارات الأجنبية الضرورية لتطوير الحقول النفطية.
وعلى الرغم من ذلك، تمكنت طهران من تحقيق إنتاج قدره 3.23 مليون برميل يوميًا في فبراير/شباط 2025، ما يجعلها ثالث أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك بعد السعودية والعراق، وفقًا لأحدث استطلاع بلاتس لأوبك+، الذي أجرته شركة ستاندرد آند بورز غلوبال كوموديتي إنسايتس.
وقال وزير النفط الإيراني، إن الحكومة تعتزم تنظيم مؤتمر استثماري خلال الشهر المقبل، لعرض فرص الاستثمار في قطاع النفط، بهدف جذب رؤوس الأموال المحلية والدولية، وتعويض النقص الحاصل في التمويل.
وتعدّ هذه المبادرة جزءًا من الجهود المبذولة لتعزيز الإنتاج رغم العقوبات، إذ تعتمد إيران على صناديق التنمية الوطنية والمصارف المحلية لتمويل مشروعاتها النفطية.
زيادة إنتاج حقول النفط الإيرانية
إلى جانب تطوير حقل آزادكان النفطي الإيراني، تسعى طهران إلى زيادة إنتاج النفط من حقول أخرى، مثل حقل يادافاران، الذي يُعدّ جزءًا من خطط استخراج النفط من الاحتياطيات المشتركة مع العراق.
وبحسب تصريحات المدير العام لشركة بيدك، نصر الله زارعي، فإن هناك خطة لحفر 24 بئرًا جديدة في الحقل، بهدف تحقيق إنتاج إضافي قدره 45 ألف برميل يوميًا خلال العامين المقبلين.
كما تشمل الخطط تطوير حقلي سبهر وجفير، المُتوقع لهما أن يسهما في زيادة الإنتاج بمقدار 30 ألف برميل يوميًا خلال العام الإيراني الحالي، إذ أضاف هذان الحقلان 14 ألف برميل يوميًا إلى الإنتاج الوطني خلال شهر مارس/آذار.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل إيران على تنفيذ مشروعات مشتركة مع الشركات الروسية، بهدف تحسين الإنتاج من الحقول النفطية القائمة.
إنتاج النفط الإيراني
على الرغم من العقوبات والتحديات التقنية، تواصل طهران البحث عن وسائل لتعزيز إنتاج النفط الإيراني من خلال شراكات محلية ودولية.
وقد أدى انسحاب الشركات الأجنبية الكبرى مثل "توتال إنرجي" الفرنسية و"سي إن بي سي" الصينية بعد فرض العقوبات الأميركية، إلى دفع طهران نحو تطوير مواردها النفطية، بالاعتماد على التمويلات المحلية والاستثمارات الداخلية.

وتسعى الحكومة إلى توظيف تقنيات جديدة لزيادة كفاءة استخراج النفط من الحقول العملاقة، مع التركيز على تحسين البنية التحتية لقطاع النفط، لضمان استدامة الإنتاج على المدى الطويل.
كما تعمل على استغلال جزء كبير من إنتاج الحقول النفطية العملاقة للتصدير، بهدف تعزيز إيراداتها المالية، في ظل الضغوط الاقتصادية التي تواجهها.
وفي سياق متصل، يشكّل حقل آزادكان النفطي الإيراني عنصرًا محوريًا في خطط إيران لتوسيع إنتاجها النفطي، إذ تواصل الحكومة استثمار مليارات الدولارات لتطويره رغم العقوبات المفروضة.
ومع استمرار هذه الجهود، يبدو أن إيران عازمة على الحفاظ على مكانتها بصفتها لاعبًا رئيسًا في سوق النفط العالمية، مع التركيز على تحقيق الاكتفاء الذاتي والاستفادة القصوى من مواردها النفطية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..
0 تعليق