دراسة: شباب المغرب يتجنبون التفاعل الفيسبوكي مع مناسبات غير المسلمين

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كشفت دراسة علمية حديثة أن غالبية الشباب المغربي لا يتفاعلون مع المناسبات الدينية لغير المسلمين على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، رغم أن جلهم لا يمانع في إظهار المخالفين دينيا لهويتهم الدينية ونشر منشورات تعبر عنها داخل هذا الفضاء الرقمي، فيما يفضل معظم الشبان المغاربة اعتماد أسمائهم الحقيقية في حساباتهم الإلكترونية بعيدا عن التسميات ذات الخلفية الثقافية أو الدينية.

وأظهرت نتائج الدراسة الصادرة بالعدد الحديث (لشهر مارس الجاري) من مجلة الدراسات الإفريقية وحوض النيل، التي يصدرها المركز الديمقراطي العربي، تحت عنوان “الهوية الدينية للشباب المغربي وموقفهم من المختلف دينيا على فيسبوك”، أن 71,3 في المائة من المستجوبين عبروا عن كونهم لا يتفاعلون مع المناسبات الدينية لغير المسلمين على “فيسبوك”، مقابل تأكيد 14,7 في المائة أنهم يتفاعلون، “بينما 14 في المائة الباقية صرحوا بأن الأمر يتم نادرا”.

وشملت عينة الدراسة، المنجزة من طرف حكيمة لعلا، أستاذة التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، والعياشي الدغمي، طالب باحث بسلك الدكتوراه بالجامعة نفسها، بخصوص الملاحظة الافتراضية، 50 حسابا فيسبوكيا. بينما همّت المقابلة الرقمية عيّنة مكوّنة من 146 مبحوثا من الفئة العمرية المتراوحة بين 15 و25 سنة.

وفي تحليل النتائج المذكورة، أفادت الدراسة ذاتها، طالعتها هسبريس، بأن الفئة الأولى، أي غير المتفاعلين، عبرت عن “كون هذا السلوك (التفاعل مع المناسبات الدينية لغير المسلمين) لا ينبغي أن يصدر من المسلم”، الذي “لا يجب عليه أن ينشر أو يدعم أية ديانة أخرى”، تقول إحدى المبحوثات، ولأنه “سلوك يؤثر على المجتمع والعلاقة مع الله والدين”، يؤكد مبحوث آخر، كما أنه “ينم عن نوع من الشرك بالله”.

وأوضح الباحثان أن “هذه المواقف الرافضة لأي تفاعل مع هذه المناسبة تنطلق من اعتقاد مسبق راسخ؛ كون المرء مسلما، فمعناه أنه يعتنق الدين الأفضل والأصّح”.

أما بشأن الفئة الثانية، التي صرحت بالتفاعل مع المناسبات الدينية لغير المسلمين، فقد نقل الباحثان تبريرها “في مجملها هذا السلوك بكونه يندرج في إطار من الانفتاح وحوار الأديان، واحترام حرية التدين: إذ يرى أحد المبحوثين أن كل شخص حر في اختياراته، وذهب آخر لاعتبار الأمر يتعلق بحرية الرأي والتعبير التي تعد جزءا من حقوق الإنسان”.

وفي معطى لافت، بينت نتائج الدراسة عينها أنه رغم نفي غالبية الشباب المبحوثين تفاعلهم مع المناسبات الدينية، إلا أنهم “في المقابل لا يمانعون أن يظهر غير المسلم هويته الدينية وينشر ما يعبر عن انتمائه الديني على فيسبوك”.

وذكرت في هذا الصدد أن “من أصل 109 مبحوثين تفاعلوا مع هذا السؤال، نجد أن عدد الموافقين على نشر غير المسلم ما يعبر عن هويته الدينية بشكل علني على فيسبوك هو 89 مبحوثا، مقابل 15 فقط عبروا عن رفضهم المطلق للفكرة، أما البقيّة، وهم 5 مبحوثين فقد اعتبروا أن الأمر لا يهمهم”.

أما بشأن تعبير المستجوبين المغاربة عن انتمائهم الديني، فكشف المصدر نفسه أن من أصل 50 حسابا شخصيا خضع للملاحظة الافتراضية، “23 منهم يضعون صورا شخصية كصور تعريفية للبروفايل”.

في المقابل، فإن 25 من هؤلاء “يستخدمون صورا غير شخصية، تتضمن في غالبيتها مناظر طبيعية، أو آيات قرآنية، أو أذكارا وأدعية، أو صورا لأماكن يعتبرونها مقدسة، أو لشخصيات دينية، أو رياضية، أو فنية، أو كرتونية. بينما حسابان ترك صاحباهما مكان الصورة فارغا”.

ولاحظ الباحثان في هذا الجانب كذلك أن “65 في المائة صرحوا بكونهم يستخدمون أسماءهم الحقيقية، مقابل 35 في المائة صرحوا بالعكس، أي استخدامهم الأسماء مستعارة”، مبرزين أن هذا “ما يمثل الثلثين من المبحوثين، مقابل الثلث فقط، ولئن كانت الفئة الأولى تشكل الأغلبية”.

هذا الأمر، كما ذكرت الدراسة، “يعبر عن ميل الشباب اليوم نحو مزيد من الإفصاح عن الهوية الذاتية الحقيقية بالعالم الرقمي”، و”يعكس الرغبة في التعبير عن نوع من المصداقية والأصالة، والنحو نحو بناء تطابق بين الهوية الواقعية والهوية الرقمية للمستخدم”.

وبناء على نتائج البحث الميداني، خلص الباحثان إلى أنه “يمكن القول بوجود عقليتين مختلفتين متناقضتين ضمن عينة الشباب بخصوص النظرة للهوية الدينية الذاتية وللدين ذاته وللغير المختلف دينيا”، مفيدين بأن “الفئة الأولى تعتبر أن هويتها الدينية هي الأحق بالظهور وأن دينها هو ‘الحق’، و’الأفضل’؛ مقابل إلغاء هوية الغير الدينية وتجنب أي تفاعل معه، والتي تتمثل الدين كمصدر للتحريم والإقصاء”.

وأكمل المصدر ذاته بأن “الفئة الثانية تعتقد أن التدين حرية شخصية وأن إظهار الهوية الدينية والتعبير عن المعتقد يدخل ضمن الحق في التعبير عن الذات”، معتبرا أنها “بذلك تتمثل الدين كمصدر للتعايش واحترام الاختلاف والحوار والانفتاح”.

وقالت الدراسة العلمية: “هنا بالذات، يأتي دور المؤسسات التربوية والإعلامية في تعزيز ثقافة التعددية وقبول الاختلاف والانفتاح الديني، أخذا بعين الاعتبار التحولات التي باتت تفرضها رقمنة الحياة الدينية للجماعات والأفراد”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق