تدريس الأمازيغية يعيش "مخاض البدايات الأولى" بالمؤسسات العمومية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

خلصت دراسة أكاديمية حديثة الصدور إلى أن “المخطط الذي كان وضعه المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية سنة 2002 ـ 2003 وتبنّته وزارة التربية الوطنية، وكان يتوخى تحقيق تعميم تدريس اللغة الأمازيغية عموديا وأفقيا بجميع أسلاك التعليم الابتدائي في أفق سنة 2008 ـ 2009، وتعميم تدريسها بمستويات التعليم الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي في حدود سنة 2010 ـ 2011، لم يتحقق إلى حد اليوم”.

وقالت الدراسة المنشورة مؤخرا بموقع المجلات المغربية “Revue imist” إن “هذا الورش الوطني الكبير الذي افتتحه جلالة الملك محمد السادس منذ الخطاب السامي بأجدير سنة 2001 لم يُستكمل، بل ومازال يعيش مخاضات البدايات الأولى رغم مرور أكثر من عشرين سنة على التجربة؛ فلا الأمازيغية تم تعميمها بمستويات التعليم الابتدائي، ولا هي تم إدارجها بالتعليم الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي”.

وبحسب الوثيقة التي أعدّها عبدالسلام الخلفي، أستاذ جامعي إطار بمعهد “إيركام”، فإن “أكثر من 80 في المائة من التلاميذ الذين يدرسون حاليا بالتعليم الابتدائي لا يستفيدون من هذا الدرس الذي لا تتجاوز عدد حصصه الأسبوعية ثلاث ساعات، فضلا عن أن جميع تلاميذ التعليميْن الإعدادي والثانوي لا يستفيدون منه، يُضاف إليهم تلامذة التعليم الأولي الذي لم تدرج الأمازيغية به، بشكل كلي”.

“أما بالنسبة للتعليم الخصوصي الذي لم يتخذ أربابه أي مبادرة في هذا الاتجاه” فتوضح الوثيقة نفسها أن “الوزارة رغم إصدارها دورية مؤخرا إلا أنها أفرغتها من محتواها عندما نصّت على تدريس هذه اللغة بصفة تدريجية وبشكل اختياري”، وتابعت: “إذا كان الخطاب الملكي السامي بأجدير بتاريخ 17 أكتوبر 2003 شكل بداية التحول السياسي في المقاربة الرسمية للثقافة الوطنية، وذلك بإعلانه القطيعة مع المقاربة التأحيدية التي ظلت لأكثر من ستين سنة تختزل الهوية المغربية في بعديها العربي والإسلامي، فإن المعطيات الميدانية التي تدلل على هذا التحول في مجال التعليم مازالت تؤكد أن المقاربة السياسية التقليدية ذات التوجه التأحيدي هي المهيمنة”.

مشروع متأخّر

أوضحت الدراسة المذكورة أن “تعثر ورش تعميم تدريس اللغة الأمازيغية أفقيا وعموديا لاعتبارات لها علاقة بأولويات الحكومات المتعاقبة أخّر هذا المشروع الحضاري والتاريخي لأكثر من عشرين سنة؛ ورغم كل المجهودات التي بُذلت على المستوى التشريعي، وعلى مستوى وضع المناهج والبرامج وإنجاز الحوامل البيداغوجية وتكوين الآلاف من الأطر التربوية، إلا أن الوزارة الوصية لم تتمكن بعد من تعميم الأمازيغية على جميع المؤسسات التعليمية، نظرا لقلة المناصب السنوية المخصصة لها”.

وبيّن المصدر نفسه أن “الرقم الذي صرح به وزير التربية الوطنية بتاريخ 13 يناير 2025 بقبة البرلمان، إذ أعلن أن عدد التلاميذ الذين يستفيدون من درس الأمازيغية لا يتجاوز 650 ألفا و936 تلميذا، يشكل دليلا قاطعا على أن سياسة إدراج وتعميم هذه اللغة لم تبدأ بعد بشكل جدي”.

وبناء على ذلك نبّه معدّ العمل ذاته إلى ما اعتبرها “إكراهات” تواجه تعميم تدريس اللغة الأمازيغية، من بينها “ضعفَ الالتزام بالمرجعيات القانونية السياسية والدستورية، فضلا عن قلّة الأطر التربوية الأكاديمية المؤهلة”.

إيقاع الجامعات

اختارت الدراسة الأكاديمية المعنونة بـ”لمحة عن تطور تدريس اللغة الأمازيغية بالمغرب 2003 ـ 2025″، التي جاءت في 22 صفحة، الإشارة كذلك إلى واقع تدريس هذه اللغة بالجامعات المغربية، موردة أن “شروع الجامعات في إدارجها وثقافتها بكليات الآداب والعلوم الإنسانية منذ سنة 2006 تمخّض عنه إحداث عدد من المسالك والماسترات، وصل عدد المسجلين بها في 30 سبتمبر 2014 إلى 2814 طالبا على الصعيد الوطني (..)”، ومستعرضة في السياق نفسه أسماء الكليات التي قالت إنها “عرفت إقبالا فاق كل التوقّعات”.

وفي وقت استعرضت معطياتٍ إحصائية حول عدد الطلبة الذين تسجّلوا في تخصص اللغة الأمازيغية بالنسبة للتعليم الابتدائي على مستوى المدارس العليا للأساتذة، ما بين 2023 و2025، توقّعت الدراسة نفسها “أنْ يكون لهذه الموارد المؤهلة دور أساسي إذا ما تم استثمارها بالشكل الأنجع في توفير الأطر الكافية، ليس فقط لتحقيق تعميم تدريس اللغة الأمازيغية، وإنما لسد النقص الكبير الحاصل في أغلب القطاعات الإدارية والإعلامية والثقافية وغيرها”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق