مسار متميز بصمت عليه هدى حيضر، الباحثة المغربية في علوم الفلك والفيزياء الفلكية بسلك الدكتوراه بجامعة نيوكاسل في بريطانيا، بعد حصولها على فرصة مذهلة لرصد ودراسة سلوك الغبار بالقرب من الثقوب السوداء الهائلة (supermassive black holes) مع تلسكوب ‘جيمس ويب’ الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا NASA).
ومُنحت هدى حيضر “وقتا للرصد على تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST) لدراسة سلوك الغبار بالقرب من الثقوب السوداء الهائلة”، وفق ما أعلنته الجامعة البريطانية ذاتها المُحتضنة والمشرفة على أبحاثها في هذا المجال العلمي.
ويُعرف هذا التلسكوب بأنه “أكثر المرافق الفلكية تنافسية في التاريخ، حيث إن الحصول على وقت الرصد على هذا التلسكوب له معدل قبول أقل من 10 في المائة”، تَشرح الباحثة في تواصل مع جريدة هسبريس، مؤكدة بالقول: “سيُتيح مشروعي الذي حصلت به على الجائزة إجراء عمليات رصدٍ رائدة لأربعة ثقوب سوداء فائقة الكتلة، بهدف فهم كيفية تصرف الغبار تحت تأثير النفاثات القوية. ويمكن لهذه النتائج أن تعزز فهْمَنا البشري لكيفية تأثير الثقوب السوداء الهائلة على مَجرّاتها”.
وتعد حيضر طالبة دكتوراه في كلية الرياضيات والإحصاء والفيزياء بالجامعة ذاتها؛ بينما كانت قد أعدّت مُقترحها بالتعاون مع “GATOS”، وهو فريق دولي من الخبراء الذين يدرُسون الثقوب السوداء الهائلة القريبة باستخدام ‘JWST’ (تلسكوب الفضاء جيمس ويب). كما تم دعمُ مقترح الباحثة المغربية، أيضا، “من قبل مجموعة AGN في جامعة نيوكاسل”، بمن فيهم علماء الفيزياء الفلكية ديفيد روزاريو، وكريس هاريسون، وتياغو كوستا، وفيكي فوسيت، وديفانغ ليا، وستيف كامبل.
كما سيتيح اقتراحها الذي حصل على الجائزة بعنوان “الغبار في الصدمات: الحلقة المفقودة في ردود فعل الثقوب السوداء النشطة” إجراءَ أبحاث رائدة حول كيفية بقاء الغبار في وجود الصدمات؛ في وقت ما زال يُعتقد أن مثل هذه الصدمات، التي تولدها نفاثات قوية من الثقوب السوداء النشطة فائقة الكتلة، هي “السبب الرئيسي في تدمير الغبار”.
وتوضح هدى، حسب ما نقلته عنها جامعة “نيوكاسل”، في بيان منشور على الموقع الرسمي للجامعة: “عندما تواجه حُبيبات الغبار الصدمات، فإنها تُحدث فرقعة تحت الحرارة الشديدة، وتطلق عناصر حرارية مثل الحديد الذي كان محتجزا بداخلها سابقا”، متابعة بالشرح: “ومع ذلك، فإن النتائج التي توصلنا إليها مؤخرا، والتي نُشرت في الصيف الماضي، تُظهر أن الغبار يمكن أن يتعايش مع هذه الصدمات، بل وربما يتم تسخينه بواسطتها”.
ويثير وجود الغبار في الصدمات عادة، بالنسبة لباحثي وعلماء الفضاء والفلك، العديد من الأسئلة: كيف يعيش الغبار في مثل هذه الظروف القاسية؟ وهل يمكن رؤية ذلك في أنظمة أخرى أيضا؟ وماذا يخبرنا ذلك عن تأثير الثقوب السوداء الهائلة على مجراتها؟ وللإجابة عن ذلك، حصل الفريق على ما يقرب من 14 ساعة من وقت رصد JWST، مما سمح لهم بدراسة الغبار والصدمات في أربعة ثقوب سوداء فائقة الكتلة قريبة بتفاصيل غير مسبوقة.
كما نقل المكتب الإعلامي لجامعة نيوكاسل البريطانية عن الباحثة المغربية تعليقها: ”إنه لأمر مثير للغاية أن أتابع دراسة الدكتوراه في عصر JWST هذا – لم يكن هناك وقت أفضل من هذا لدراسة الغبار”.
كما أبرزَت أهمية إنجازها بالنسبة لباقي الفتيات والباحثات المغربيات، في مجالات علمية مختلفة، ضمن تعليق قدمته لجريدة هسبريس الإلكترونية: “أعتقد أن تسليط الضوء على نجاح عالِمة مغربية – وخاصة امرأة – يمكن أن يُلهم الشباب المغاربة، وخاصة الفتيات، بشكل كبير للتفكير في العمل في مجال العلوم وعِلم الفلك، على وجه الخصوص”، مبدية “سعادتها العارمة بتحقيق ذلك إثر رحلتها وأبحاثها وبأهمية تمثيل المغربيات وإلهامِهنَّ في ميادين العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات”.
0 تعليق