كشفت دراسة حديثة بعنوان “أسعار المنازل وفعالية السياسة النقدية في المغرب وفق نموذج DSGE” عن التأثير المهم للسياسة النقدية على أسعار المساكن في المملكة، مع تسليط الضوء في الوقت نفسه على تعقيدات هذه العلاقة والمخاطر المحتملة المرتبطة بسوق الإسكان.
وتسلط الدراسة الضوء على المخاطر المرتبطة بزيادة الاقتراض العقاري، حيث تطيل هذه الزيادة الفترة الزمنية اللازمة لاستقرار الاقتصاد؛ مما قد يغذي فقاعات الإسكان، وهي ظاهرة تتميز بارتفاع غير مبرر في أسعار العقارات.
وقالت الدراسة إن تطبيق سياسة نقدية تقييدية، والتي تتضمن رفع أسعار الفائدة، قد أدى بالفعل إلى تقليل المقترضين المغاربة لديونهم وكذلك طلبهم على السلع السكنية؛ مما نتج عنه انخفاض ملحوظ في الأسعار النسبية للإسكان في المغرب.
وحذر الباحثون من الاعتماد على سعر الفائدة كأداة وحيدة للتحكم في أسعار المساكن، حيث يكشف التحليل التاريخي للصدمات التي تؤثر على تضخم أسعار المساكن أن سعر الفائدة يفسر جزءًا صغيرًا فقط من تقلبات الأسعار، مما يشير إلى وجود عوامل أخرى مؤثرة يجب أخذها في الاعتبار.
وأشارت الدراسة أيضًا إلى أن زيادة نسبة المقترضين في سوق الرهن العقاري تطيل الفترة الزمنية التي تستغرقها المتغيرات الاقتصادية والمالية للعودة إلى حالة التوازن؛ وهو ما يسلط الضوء على المخاطر المحتملة لتغذية فقاعات الإسكان من خلال التوسع الكبير في الائتمان، الأمر الذي يستدعي الحذر في إدارة سياسات الإقراض.
يذكر أن فقاعات الإسكان هي ظاهرة اقتصادية تتميز بارتفاع سريع ومستمر في أسعار العقارات إلى مستويات تفوق قيمتها الجوهرية.
ويأتي هذا في سياق الديناميكية التي يشهدها قطاع الإسكان في المغرب، والتي تتميز ببرامج حكومية عديدة، وزيادة في عدد الوحدات السكنية المنتجة، وارتفاع في تضخم أسعار المساكن، بالإضافة إلى الزيادة الكبيرة في قروض الرهن العقاري المستحقة، والتي ارتفعت بنسبة 32 في المائة بين عامي 2012 و2021، حيث تمثل قروض الإسكان حوالي 80 في المائة من هذه القروض في عام 2021، بقيمة 232.82 مليار درهم.
وشدد الباحثون على الدور الحيوي الذي يلعبه قطاع العقارات في الاقتصاد المغربي، حيث يؤثر الاستثمار في هذا القطاع على الإنتاج والتوظيف واستهلاك العاملين فيه، فضلاً عن تأثير تقلبات أسعار العقارات على ثروة الأفراد وقراراتهم الاستهلاكية والادخارية.
وفي هذا الصدد، أكد هؤلاء الباحثون أن الزيادة في سكان المغرب الحضريين وتدفقات الهجرة تعتبر من العوامل التي تزيد من حدة التحدي المتمثل في معالجة العجز في الإسكان؛ وهو الأمر الذي يستدعي سياسات إسكانية فعالة ومتوازنة.
0 تعليق