تعزيز التعاون الآسيوي في مواجهة التقلبات التجارية الأميركية
الاثنين 31 مارس 2025 | 02:37 مساءً

واشنطن في مأزق.. هل تدفع سياسات ترامب التجارية حلفاءها نحو الصين؟
في ظل التوترات التجارية المتصاعدة، أعلنت اليابان وكوريا الجنوبية والصين عن تكثيف جهودها لتعزيز التعاون الاقتصادي، في خطوة قد تعيد رسم خريطة التحالفات التجارية العالمية. وجاء هذا الإعلان خلال اجتماع وزراء التجارة والصناعة للدول الثلاث في العاصمة الكورية سيول، حيث أكدوا التزامهم بتسريع المفاوضات للتوصل إلى اتفاق ثلاثي للتجارة الحرة، ما يعكس رغبة متزايدة في تقليل الاعتماد على السياسات الاقتصادية الأميركية المتقلبة.
ضغط الرسوم الأميركية يعيد تشكيل التحالفات التجارية
تتزامن هذه التحركات مع تصاعد الضغوط الناتجة عن الرسوم الجمركية التي تفرضها واشنطن، والتي تؤثر بشكل كبير على الاقتصادات الكبرى في آسيا. وتعتمد الدول الثلاث – اليابان وكوريا الجنوبية والصين – بشكل أساسي على التصدير، مما يجعلها الأكثر تأثرًا بالإجراءات الحمائية التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وخلال الاجتماع، شدد الوزراء الثلاثة، آن دوك-غون من كوريا الجنوبية، ويوجي موتو من اليابان، ووانغ وينتاو من الصين، على ضرورة تعزيز بيئة تجارية مستقرة وقابلة للتوقع، في ظل التقلبات المتزايدة التي تشهدها الأسواق العالمية. وأكدوا في بيان مشترك:
"سنواصل العمل لضمان منافسة منصفة على الصعيد الدولي وتعزيز بيئة تجارية حرة ومنفتحة وغير تمييزية، بما يحقق مصالح اقتصاداتنا المشتركة."
جهود متجددة لإنجاز اتفاق التجارة الحرة الثلاثي
انطلقت مفاوضات اتفاق التجارة الحرة بين الدول الثلاث عام 2013، لكنها شهدت تباطؤًا حتى عام 2019. ومع تصاعد المخاطر الاقتصادية الناتجة عن السياسات التجارية الأميركية، استعادت هذه المفاوضات زخمها في عام 2024، بدعم من قمة استثنائية جمعت قادة الدول الثلاث في سيول.
وأشار البيان المشترك إلى أن الدول الثلاث تعهدت بـ "تعزيز التعاون التدريجي لضمان استقرار سلاسل الإمداد، وتحسين تبادل المعلومات بشأن الصادرات، وتعزيز الشفافية في السياسات التجارية."
دعم منظمة التجارة العالمية والانفتاح على الشراكات الإقليمية
إلى جانب جهودها في مجال التجارة الحرة، أكدت سيول وبكين وطوكيو حرصها على التعاون الوثيق لإصلاح منظمة التجارة العالمية وتعزيز انضمام أعضاء جدد إلى الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP)، التي تعد الصين طرفًا رئيسيًا فيها إلى جانب 14 دولة آسيوية أخرى.
وفي بيان منفصل، حذرت الحكومة الصينية من أن "تصاعد النزعة الحمائية والنهج الأحادي في السياسات التجارية يزيد من حالة عدم اليقين ويؤثر سلبًا على التجارة العالمية"، مشددة على ضرورة تحمل الدول الثلاث مسؤولية "حماية النظام التجاري المتعدد الأطراف وتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي."
الصين واليابان وكوريا.. قوة اقتصادية لا يُستهان بها
تمثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية مجتمعين نحو 20% من سكان العالم، و25% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، و20% من حجم التجارة الدولية. وبالتالي، فإن أي تحركات تنسيقية بين هذه الاقتصادات الكبرى يمكن أن يكون لها تأثيرات بعيدة المدى على النظام التجاري العالمي.
الرسوم الأميركية تهدد صناعة السيارات الآسيوية
تزامن الاجتماع مع فرض واشنطن، منتصف مارس الماضي، رسومًا جمركية بنسبة 25% على الصلب والألمنيوم، وقبيل دخول رسوم إضافية مماثلة على واردات السيارات إلى الولايات المتحدة حيز التنفيذ اعتبارًا من 2 أبريل المقبل.
وتشكل صادرات السيارات من اليابان وكوريا الجنوبية 16% و15% من إجمالي الواردات الأميركية، مما يجعل هذه الصناعة عرضة لتداعيات السياسات الحمائية الأميركية. في المقابل، تواجه الصين رسومًا إضافية بنسبة 20% على صادراتها إلى الولايات المتحدة، ما يزيد من التحديات التي تواجه اقتصادها.
هل تدفع سياسات واشنطن حلفاءها نحو الصين؟
تشير هذه التطورات إلى أن الرسوم الجمركية الأميركية قد تدفع اليابان وكوريا الجنوبية إلى تعزيز علاقاتهما التجارية مع الصين، في محاولة لتخفيف الأعباء الناجمة عن السياسات الاقتصادية الأميركية. وبينما تحاول واشنطن الضغط على شركائها التقليديين، يبدو أن بكين تستغل الفرصة لتعزيز نفوذها الاقتصادي الإقليمي والدولي.
0 تعليق