إسرائيل تضغط والمصريون يرفضون.. هل يسعى الاحتلال لتهجير الفلسطينيين قسرًا؟

الرئيس نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يشهد قطاع غزة، وبصفة خاصة مدينة رفح الفلسطينية في جنوب القطاع، تصعيدًا عسكريًا ملحوظًا من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال الساعات الأخيرة الماضية، الأمر الذي  يثير تساؤلات حول نوايا إسرائيل الحقيقية وراء هذه العمليات. 

وفي يوم الإثنين، 31 مارس 2025، أصدرت قوات الاحتلال الإسرائيلية تحذيرًا لسكان رفح والمناطق المجاورة لها، داعية إياهم إلى إخلاء منازلهم فورًا والتوجه إلى مخيم المواصي في منطقة إنسانية مخصصة، وفقًا لتقرير نشرته شبكة تليفزيون الصين الدولية. 

وقالت الشبكة الصينية إن هذا التحذير، الذي أعلنه المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي باللغة العربية، أفيخاي أدرعي، أشار إلى أن الجيش "يعود للقتال بقوة كبيرة للقضاء على قدرات حماس في هذه المناطق". 

ولكن، هل هذه التحركات العسكرية مجرد عملية للضغط على حماس، أم أنها جزء من خطة أوسع لتهجير السكان الفلسطينيين قسريًا؟ تجدر الإشارة إلى أن السياق الحالي يعزز الشكوك حول أهداف إسرائيل.

فقد ذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أن هذه الخطوة قد تكون بمثابة ضغط إضافي على حركة حماس وسط تقارير عن فجوات كبيرة في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن، حيث وافقت حماس على إطلاق سراح خمسة رهائن أحياء مقابل هدنة لمدة 50 يومًا، بينما تطالب إسرائيل بـ11 رهينة على قيد الحياة مع نصف جثامين المتوفين.

وفي الوقت نفسه، أشارت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية إلى أن إسرائيل أصدرت أوامر إخلاء شاملة تغطي معظم رفح، مما يشير إلى احتمال شن عملية برية كبرى قريبًا، بعد توسيع عملياتها البرية خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وأضافت صحيفة "هآرتس" العبرية في مقال بتاريخ 26 مارس 2025 أن إسرائيل قد تكون تستعد لهجوم "يميني متطرف" يهدف إلى طرد سكان غزة، مما يعكس مخاوف داخلية من أجندة سياسية أوسع.

منذ استئناف الهجوم في 18 مارس 2025، بعد هدنة استمرت منذ 19 يناير، أفادت وكالة "وفا" بأن الضربات الجوية والبرية الإسرائيلية قتلت العشرات، بينهم أطفال، في اليوم الثاني من عيد الفطر.

ونقلت "الإندبندنت" عن مسؤولين فلسطينيين أن 921 شخصًا استشهدوا خلال 12 يومًا منذ انتهاء الهدنة، بينما أحصت سلطات الصحة في غزة، عبر وكالة "شينخوا" الصينية، استشهاد 50،277 فلسطينيًا وإصابة 114،095 منذ أكتوبر 2023، مع أكثر من 900 قتيل و2000 جريح منذ مارس 2025 وحده. 

وأشارت صحيفة الجارديان البريطانية اليوم الاثنين الموافق 31 مارس 2025 إلى أن "جيش الاحتلال  أصدر أوامر إخلاء واسعة تغطي معظم رفح"، مع نزوح جديد إلى خان يونس، بينما لفتت صحيفة ميامي هيرالد الأمريكية إلى أن هذا التصعيد قد يهدف إلى دفع السكان نحو الحدود المصرية، مما يضع القاهرة تحت ضغط لفتح معبر رفح.

في سياق متصل، أثارت تحركات عسكرية أمريكية قرب الحدود المصرية مخاوف حول تنسيق أمريكي – إسرائيلي محتمل؛ فذكرت موقع ديفنس نيوز "Defense News " في أواخر مارس 2025 أن طائرة MQ-4C Triton رُصدت تحلق بمحاذاة الحدود المصرية، مع قدرات رصد تصل إلى 926 كم، مما يشير إلى جمع بيانات عن التحركات المصرية وسط رفع الجيش المصري حالة الاستعداد، وكانت رويترز  قد أضافت أن هذه الطلعات قد ترتبط بمراقبة التوترات في غزة ومعبر رفح. 
وتحدثت تقارير أمريكية عن أن إسرائيل، بدعم ضمني من واشنطن، قد تسعى لإجبار مصر على فتح حدودها عبر تكثيف القصف في رفح وفرض شروط تعجيزية في المفاوضات. 

ونقلت صحيفة يورنتو ستار الكندية عن دبلوماسيين أن مصر رفضت مثل هذه الضغوط، محذرة من أن النزوح إلى سيناء تهديد لأمنها القومي. في الوقت نفسه، ذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل أن الحكومة اليمينية في تل أبيب تستهدف الضغط على مصر لقبول "خطة انتقالية" تتضمن استقبال النازحين في سيناء، لكن القاهرة هددت برد حاسم إذا تم خرق سيادتها.

من منظور أوروبي وروسي، أضافت تقارير فرنسية أن باريس حذرت من أن تصعيد إسرائيل في رفح قد يدفع مصر إلى تعليق دورها كوسيط في المفاوضات، مشيرة إلى أن القاهرة تواجه ضغطًا متزايدًا لاستيعاب نازحين رغم رفضها القاطع لأي تهجير جماعي، مما قد يعرض اتفاقية السلام مع إسرائيل للخطر. 

وأشار موقع دويتش فيله الألماني، إلى أن برلين ترى في الضغط على مصر مخاطر إقليمية كبيرة، حيث قد يؤدي إجبار القاهرة على فتح حدودها إلى زعزعة استقرار شرق المتوسط، مع تأكيد أن مصر تتمسك بموقفها الرافض لأي خطة تهجير تحت ستار "الحلول الإنسانية" والحديث الفارغ عن الهجرة الطوعية، وفي الأثناء، تنتقد موسكو الدور الأمريكي في دعم إسرائيل، معتبرة أن الضغط على مصر جزء من استراتيجية غربية لإعادة رسم التوازنات في المنطقة، وحذرت من أن ذلك قد يدفع القاهرة إلى تعزيز تحالفاتها مع روسيا والصين كرد فعل.

ويبدو أن التاريخ يدعم هذه الفرضية. ففي مايو 2024، أمرت إسرائيل بإخلاء شرق رفح إلى المواصي، التي تعرضت للقصف لاحقًا، حسب "الإندبندنت". هذا النمط يتكرر اليوم، مع توجيه السكان إلى المواصي مجددًا. 

وفي 30 مارس 2025، نقلت أسوشيتدبرس  عن نتنياهو زعمه أن إسرائيل ستتولى الأمن في غزة وتنفذ اقتراحًا أمريكيًا بـ"إعادة توطين" السكان في دول أخرى، وهو ما رفضه الفلسطينيون كطرد قسري، ويعتقد عددد من المراقبين أن هذا المقترح قد يُفسّر كمحاولة لتجاوز مصر، بينما يرى أخرون أنه يضع القاهرة في موقف حرج أمام شعبها.

على الجانب الآخر، قد تُعتبر هذه التحركات عملية عسكرية تقليدية لأهداف أمنية، كما يدعي الاحتلال. لكن التصعيد المستمر، مع الحصار ومنع المساعدات، ويعزز الاعتقاد بأن إسرائيل تسعى لخلق ظروف أكثر صعوبة تجبر الفلسطينيين على المغادرة. 

وأشارت شبكة تليفزيون الصين الدولية إلى تزامن التصعيد مع عيد الفطر، بينما لفتت "الإندبندنت" إلى نزوح الفلسطينيين إلى خان يونس يوم الأحد. وكتب محلل في "هآرتس" بتاريخ 18 مارس 2025 أن "الهجوم المتجدد يكشف هدف نتنياهو الحقيقي: البقاء السياسي عبر حرب لا نهائية"، بينما حذرت تقارير روسية من أن الضغط على مصر قد يشعل مواجهة إقليمية إذا استمر.

وتبقى نوايا الاحتلال محل جدل. لكن الأدلة، من أوامر الإخلاء عبر "الإندبندنت" والجارديان إلى الخسائر الهائلة، ومراقبة الحدود المصرية كما ذكرت تقارير أمريكية وكندية وإسرائيلية وفرنسية وألمانية وروسية عن الضغط على مصر، وتشير إلى أن التهجير القسري قد يكون هدفًا ضمنيًاـ لذا يبدو المجتمع الدولي مدعوَا لمراقبة هذه التطورات لمنع نزوح جماعي جديد من المنطقة ومنع نكبة جديدة قبل فوات الأوان.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق