أثارت الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجة من الاضطرابات الاقتصادية أثرت بشكل مباشر على حسابات التقاعد لملايين الأمريكيين، خاصة ممن اقتربوا من سن التقاعد أو تقاعدوا حديثاً، وفقاً لما نقلته شبكة "NBC News".

وتسببت هذه الرسوم في تراجع حاد بأسواق الأسهم الأمريكية، حيث أغلق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» على انخفاض بنسبة 6%، وهبط مؤشر ناسداك بنسبة 5.8%، بينما خسر مؤشر داو جونز الصناعي أكثر من 2200 نقطة، أي ما يقرب من 5.5% من قيمته، مما أدى إلى انخفاض حاد في صناديق التقاعد المرتبطة بالأسواق.

وأعرب العديد من المتقاعدين عن قلقهم العميق من تأثير تلك التقلبات على استقرارهم المالي وخططهم المستقبلية، حيث اضطر بعضهم إلى تقليص الإنفاق على السلع الفاخرة وتأجيل أو إلغاء مشاريع شخصية مثل تجديد المنازل أو السفر.

ووفقاً لاستطلاع أجرته الرابطة الأمريكية للمتقاعدين (AARP)، فإن واحداً من كل خمسة أمريكيين فوق سن الخمسين لا يمتلك أي مدخرات تقاعدية، في حين يشعر 61% من هذه الفئة بالقلق من عدم كفاية أموال التقاعد لتغطية احتياجاتهم الأساسية.

وتأتي هذه الأزمة على خلفية تنفيذ ترامب وعده الانتخابي بفرض رسوم جمركية واسعة النطاق تشمل أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، في خطوة اعتُبرت بمثابة تصعيد لحرب تجارية عالمية، لاسيما بعد الرد الصيني بفرض رسوم مضادة على المنتجات الأمريكية.

وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة من المستثمرين وخبراء الاقتصاد بشأن الآثار السلبية لهذه السياسات على الاقتصاد والأسواق المالية، والارتفاع المتوقع في الأسعار للمستهلكين، دافع ترامب عن قراراته بشدة، مدّعياً أنها ضرورية لـ"استعادة حقوق أمريكا" وإنهاء ما وصفه بـ"النهب الاقتصادي" من قبل دول أجنبية.

الخبراء يرون أن رسوم ترامب الجمركية تعد من أكثر الرسوم شمولاً في التاريخ الأمريكي الحديث، وربما تفوق في تأثيرها الكارثي الرسوم التي فُرضت عام 1930، والتي ساهمت آنذاك في تعميق الكساد الكبير.

وتشير هذه التطورات إلى تحديات متزايدة أمام الفئات السكانية الأكبر سناً في الولايات المتحدة، وسط بيئة اقتصادية غير مستقرة، وتحوّل السياسات التجارية إلى أداة محورية في الصراع الجيوسياسي العالمي.