تُشبه غزة مدينة أشباح، تحكى شوارعها قصص المعاناة، وراء كل جدار قصة مخبأة، تجسد أبشع ما رصده التاريخ، فلم يعد حلم الحياة الهادئة سوى ذكرى باهتة فى تلك المدينة المناضلة منذ فجر ولادتها، أصبح البقاءُ على قيد الحياة هدفاً وحيداً لسكانها الذين اعتادت أنظارهم على صور الدمار المنتشر فى أرجاء القطاع المنكوب، معاناة يومية يعيشها الأطفال والنساء، حياة مفعمة بالخوف والقلق، وفى تلك الظروف غير الإنسانية، يُحاول الأهالى التمسك بالأمل والتصدى للصعوبات بكل ما أوتوا من قوة، فالحياة فى غزة تُشبه سفينة توشك على الغرق فى بحر عاصف، لكنّها تقاوم.
تُعد غزة اليوم منطقة منكوبة، تنتشر الأنقاض فى كل أرجائها محتضنة آلاف الجثامين التى لم تصل إليها أيدى ذويهم، بحسب محمد يوسف حجازى، الذى روى لـ«الوطن»، تفاصيل المعاناة الكبيرة التى تواجه المنطقة، فلم تتوفر معدات لرفع الأنقاض وإنقاذ المحاصرين.
ويحاول الجيران والدفاع المدنى مساعدة المصابين بإمكانيات محدودة: «يطلق المواطنون صرخات ونداء للتأكد من وجود أحياء تحت الأنقاض، (هل يوجد أحد هنا؟) فى حالة سماع صوت للضحية، تجرى محاولات رفع الأنقاض وإنقاذه فوراً، لكن الواقع أليم فلا تتوفر الظروف المناسبة لطالما لم تتوفر معدات تناسب تلك الظروف، وتُرك العديد من الشهداء تحت الأنقاض انتظاراً لتوافر الظروف المناسبة للإنقاذ، ويحاول الأقارب والمقربون من الشهداء إخراج جثامينهم بمعدات صغيرة فتتزايد المعاناة بسبب عدم توفر الوسائل والمعدات المناسبة فى المنطقة».
«تصبح غزة اليوم أرضاً محطمة تعانى من الدمار وعدم توفر الاحتياجات الأساسية للإنقاذ والتعافى، فى سعى يائس لإنقاذ مَن بقى على قيد الحياة فى غابة من الركام والدمار، فأصبح القطاع يشبه مدينة أشباح، فقد اختفى كل شىء، من شبكات الكهرباء والمياه والاتصالات وحتى الإنترنت، استوت المنازل بالأرض بشكل كامل، وسط تقديرات بشأن إعادة إعمار القطاع تؤكد أنها ستستغرق 50 عاماً»، حسبما وصف «حجازى» لـ«الوطن».
ولفت إلى أن الأوضاع فى غزة كارثية للأسف: «عشنا العديد من الحروب لكن لم نعش مثل هذه الأوضاع، النزوح والقتل الجماعى لا يدلان إلا على شىء واحد وهو الإبادة والتطهير العرقى».
0 تعليق