تداعيات رسوم ترامب الجمركية على اقتصادات الخليج والشرق الأوسط

الجريدة العقارية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الاحد 06 ابريل 2025 | 11:45 مساءً

رسوم ترامب الجمركية

رسوم ترامب الجمركية

العقارية

أثارت الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب موجة من القلق في أوساط المستثمرين حول تداعيات هذه الرسوم على اقتصادات وأسواق الخليج والشرق الأوسط، خصوصًا في ظل الترابط القوي مع الأسواق العالمية. فالعديد من دول الخليج، مثل الإمارات والبحرين، تُصدّر منتجات مثل الألمنيوم والحديد إلى الولايات المتحدة، وهو ما يجعل هذه الصادرات معرضة لقيود مباشرة قد تؤثر على إيراداتها ونمو صناعاتها التحويلية. كما أن أي تباطؤ في الاقتصاد العالمي نتيجة لتلك الرسوم قد يؤدي إلى تراجع الطلب على النفط، ما يُشكل ضغطًا إضافيًا على موازنات الدول المنتجة للنفط في المنطقة.

 اضطرابات بسبب القيود التجارية

إلى جانب ذلك، قد تشهد سلاسل التوريد الإقليمية اضطرابات بسبب القيود التجارية، خاصة في ظل اعتماد بعض الصناعات في الخليج على مكونات مستوردة تُعيد تصديرها بعد التصنيع.

أيضا تراجع الدولار أو اضطراب الأسواق المالية العالمية قد يؤثر على تدفقات رؤوس الأموال والاستثمارات في الشرق الأوسط. ومع أن بعض دول الخليج تحاول تنويع اقتصاداتها بعيدًا عن النفط، فإن التوترات التجارية العالمية تضيف تحديات جديدة أمام هذه الخطط التنموية.

يقول ناصر السعيدي، رئيس شركة ناصر السعيدي وشركاه، إن النظام التجاري العالمي يشهد اليوم ما يمكن وصفه بـ"زلزال اقتصادي"، مع رفع الولايات المتحدة للرسوم الجمركية إلى أعلى مستوياتها منذ عام 1909.

وأوضح السعيدي "قد تجاوز متوسط الرسوم المفروضة على الواردات من مختلف الدول حاجز 24%، مع تفاوت النسب بين دولة وأخرى. هذا التصعيد من شأنه أن يُلقي بظلاله السلبية ليس فقط على الاقتصاد العالمي، بل أيضًا على الاقتصاد الأميركي نفسه.

انكماش الاقتصاد العالمي

"تشير التقديرات الأولية إلى أن ارتفاع الرسوم الجمركية قد يؤدي إلى انكماش الاقتصاد العالمي بنسبة تتراوح بين 1% و2%، إلى جانب تراجع كبير في حجم التجارة العالمية. هذه الإجراءات تُعد صدمة للأسواق وللمشهد الاقتصادي الكلي، حيث بدأت مؤسسات مالية بارزة بالفعل في تعديل توقعاتها بشأن أداء الاقتصاد الأميركي، وتزايد الحديث عن احتمال الدخول في حالة "ركود تضخمي". وقد يكون هذا أحد الأسباب وراء تردد رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في خفض أسعار الفائدة، بسبب الغموض حول تأثير هذه الرسوم على معدلات التضخم".

تجدر الإشارة إلى أن هذه التعريفات الجمركية تمثل في جوهرها ضرائب غير مباشرة على الاستهلاك، ما يعني تأثيرًا مباشرًا على المستهلك الأميركي، إضافة إلى سلاسل التوريد التي تعتمد بشكل كبير على السلع الوسيطة المستوردة، والتي تُستخدم في الصناعات والخدمات داخل الولايات المتحدة. نحن فقط في بداية الطريق، لكن رد الفعل العنيف الذي شهدته الأسواق المالية الأميركية والعالمية خلال الأيام الماضية يعكس المخاوف العميقة من التداعيات المحتملة.

تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد المصري

أكد محمد قاسم، رئيس مجلس إدارة جمعية المصدرين المصريين "إكسبولينك"، أن الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها الإدارة الأميركية لن تُشكل تهديداً كبيراً للصادرات المصرية، نظراً لأن نسبة الـ10% المفروضة على مصر تُعد من الأدنى مقارنة بدول منافسة فُرضت عليها رسوم تصل إلى 40%.

وأوضح قاسم أن نحو 50% من الصادرات المصرية للولايات المتحدة هي من الصناعات النسيجية، وهي تتمتع بميزة تنافسية كبيرة، خصوصاً أن الرسوم المفروضة على منافسي مصر في هذا القطاع كانت أعلى بكثير.

وأشار إلى أن الطلب الأميركي على المنتجات المصرية قد يشهد ارتفاعاً نتيجة الرسوم المخفضة، لافتاً إلى أن انخفاض قيمة الجنيه يُعزز التنافسية السعرية.

تأثيرات على بعض صادارات دول المنطقة

ولفت السعيدي "على صعيد آخر، فإن أسعار الذهب شهدت تراجعًا مفاجئًا رغم التوترات، ويُعزى ذلك جزئيًا إلى اضطرار صناديق التحوط لبيع الذهب بعد أن كانت قد راهنت على تحسن الأوضاع الاقتصادية في حال فوز ترامب. إلا أن التطورات جاءت بعكس التوقعات، ما دفع هذه الصناديق لإعادة تموضعها وبيع أصولها، ومنها الذهب".

فيما يخص المنطقة العربية، قال السعيدي إن هناك تأثيرًا مباشرًا على صادرات الألمنيوم والحديد، خصوصًا من دول مثل الإمارات والبحرين. ولكن التأثير الأعمق قد يظهر من خلال أسعار النفط، إذ أن أي تراجع في الاقتصاد العالمي سيقود حتمًا إلى انخفاض في الطلب على النفط، ما سينعكس سلبًا على أسعاره. كما أن تراجع الدولار قد يؤثر على عائدات صادرات النفط والغاز.

أما بالنسبة للصين، فرغم أن الولايات المتحدة ليست الشريك التجاري الأول لها، إلا أن أي تراجع عالمي سيؤثر على شركائها الرئيسيين في آسيا، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، وبالتالي فإن الأثر السلبي سيكون واسع النطاق.

وأوضح أنه لا يمكن إغفال الطابع التفاوضي لسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يستعد لزيارات قريبة إلى السعودية. ورغم أن فرض الرسوم يتم بشكل أحادي، فإن بعض الزيادات مثل الـ10% الجديدة تبدو مرشحة لأن تكون دائمة، ما قد يُحدث تحولًا جذريًا في قواعد التجارة العالمية خلال المرحلة المقبلة.

تراجع أسواق الخليج

وقال خبير الأسواق المالية، تركي فدعق، إن اليوم الأحد هو أول يوم للتداول في السوق المالية السعودية بعد إجازة عيد الفطر المبارك، وتم فرض الرسوم والتعريفة الجديدة يوم الخميس الماضي، ردت عليها مباشرة الصين وفرضت رسوما على السلع المتوجهة إلى السوق الأميركية، ما أدى إلى تراجع في الأسواق الأميركية يومي الخميس والجمعة بينما كانت السوق السعودية مغلقة.

أشار " إلى انخفاض مستويات أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ 3 سنوات تقريبا، وانعكست هذه الأمور جميعها في جلسة تداول اليوم بالسوق السعودية التي استوعبت المتغيرات التي حدثت في آخر 3 أيام عمل من فرض الزيادة في التعرفة الجمركية الأميركية والرد عليها من الصين.

وأوضح أن المفوضية الأوروبية أيضا فرضت رسوما منتقاة حسب الولايات التي فيها أغلبية جمهورية للتأثير في مؤيدي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وشهدت ولايات أميركية مظاهرات ضد هذه التعرفة الجديدة.

وقال فدعق إن الانخفاض بالنسبة للسوق السعودية جزء كبير منه راجع لعوامل نفسية، وتشير البيانات الصادرة من الممثل التجاري الأميركي إلى أن إجمالي التجارة ما بين الدول العربية والولايات المتحدة الأميركية في عام 2024 بلغ 140 مليار دولار تمثل الصادرات الأميركية 80 مليار دولار والواردات إليها كان 61 مليار دولار.

أسهم البنوك في الكويت

قال المستشار السابق لوزير المالية الكويتي محمد رمضان، إن الكويت مرتبطة بالاقتصاد العالمي، وبعد الأزمة المالية العالمية صار الارتباط وثيقا أكثر، وحينما يتعرض الاقتصاد العالمي أو الأسواق العالمية لهزة وتهبط أسعار النفط، تحدث تراجعات كبيرة في بورصة الكويت، وهذا أمر طبيعي خاصة على الأسهم القيادية وهي أسهم البنوك، وهو ما حدث اليوم بعد الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي ترامب الأسبوع الماضي.

وأضاف أن الفوضى الحاصلة حاليا بعد الرسوم التي فرضتها إدارة ترامب على الاتحاد الأوروبي والصين وغيرها من الدول أثرت سلبا على الأسواق الأميركية أكثر من 8% خلال أسبوع وبأكثر من 10% على النفط، وبالتالي بطبيعة الحال هناك مخاوف ووضع ضبابي من الصعب جدا أن أي مستثمر يكون متفائلا بالأوضاع الحالية، لأن الآثار غير معلومة ولكن من الصعب أيضاً التفاؤل.

وتابع أن المحافظ أو الصناديق أو المستثمرين الأجانب أو غيرهم، تتركز استثماراتهم في البنوك الكويتية، لأنها الأفضل بطبيعة الحال من بين الشركات المدرجة، وما يحدث من تراجعات في قطاع البنوك ببورصة الكويت اليوم ناتج عن أن المحافظ أو الصناديق أو المستثمرين يخفضون ملكياتهم.

حالة من الهلع في الأسواق

أكد الكاتب الاقتصادي بندر الجعيد، أن التراجع الحاد في السوق السعودية جاء نتيجة مجموعة من العوامل العالمية، أبرزها الانخفاض الكبير في الأسواق الأميركية بعد فرض تعريفات جمركية على أكثر من 180 دولة، إلى جانب انخفاض أسعار النفط بسبب زيادة إنتاج "أوبك بلس" وتشاؤم المحللين تجاه النمو العالمي في 2025.

وأضاف الجعيد ": "التعريفات الجمركية خلقت حالة من الهلع في الأسواق، رغم أن بعض القطاعات المحلية غير متأثرة بشكل مباشر، لكنها تأثرت نفسيًا بالمخاوف العالمية"، مشيرًا إلى أن الخلاف بين الرئيس الأميركي ورئيس الفيدرالي حول السياسة النقدية زاد من الضغوط.

وأوضح أن استمرار هذه السياسات قد يدفع نحو تشكيل تكتلات اقتصادية جديدة بقيادة "البريكس"، مما قد يغيّر خارطة التجارة العالمية.

ولفت الجعيد إلى أن المملكة قد تستفيد من جذب الاستثمارات الآسيوية، بفضل الحوافز والمناخ الاستثماري الحالي. 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق