أوصت ورقة، تناولت بالدراسة والتحليل الآثار المحتملة لتطبيق القانون رقم 83.21 المتعلقة بالشركات الجهوية متعددة الخدمات، بالإبقاء على مفهوم التعريفة الاجتماعية للماء والكهرباء، بغرض حماية القدرة الشرائية للساكنة الهشة، مُطالبة بـ”عدم التسرع في فتح رأسمال الشركات الجهوية أمام الفاعلين الخواص، وتأهيل الجماعات الترابية لتكون فاعلا حقيقيا في المشروع”.
قدّمت الورقة المنشورة من قبل المعهد المغربي لتحليل السياسات تحت عنوان “الشركات الجهوية متعددة الخدمات.. هل يوجد المستهلكون في مأمن؟”، ضمن توصياتها كذلك، “تكريس مبدأ المساواة الاجتماعية بين مستخدمي الشركات الجهوية في الحقوق والالتزامات”.
وشددت الورقة، التي طالعتها هسبريس، على “ضرورة التشاور مستقبلا مع الفاعلين الاجتماعيين في كل مراحل تنزيل القانون (سالف الذكر)، مقترحة “ضرورة استحضار الأبعاد الاجتماعية، وأهمية التشاور الواسع مع مختلف الفاعلين الاجتماعيين أثناء تنزيل المشروع”.
وأكد الدكتور سفيان الكمري، الذي أعد هذه الورقة، أن “موضوع حماية الأبعاد الاجتماعية (يعد) محورا للجدل المجتمعي القائم حول قانون الشركات الجهوية منذ أكثر من سنة”، موضحا أن سبب ذلك “التخوف من التخلي عن مفهوم “التعريفة الاجتماعية”، الذي كان سائدا من ذي قبل”.
وسجل الباحث المتخصص في القانون العام والعلوم السياسية من جامعة الحسن الأول بسطات أنه ” لا بد من حماية منظومة مستخدمي قطاع الكهرباء والماء بمختلف أطرهم وتنوع انتماءاتهم الإدارية”، مستحضرا لدى إبرازه خلفيات هذه الضرورة أن “قانون الشركات الجهوية والقرار التطبيقي لوزير الداخلية المشار إليه سابقا (رقم 990.24) قد أشارا إلى حماية “الامتيازات” السابقة التي كان يتمتع المستخدمون بها”.
وأوضح الباحث ذاته أن نوعا من الاحتقان قد يخلق داخل القطاع، بفعل “تنوع الأنظمة الإدارية والاجتماعية التي يخضعون لها حسب قطاعاتهم المنقولين منها (المستخدمون المنقولون من المكتب الوطني للكهرباء والماء، المستخدمون المنقولون من الوكالات المستقلة، المستخدمون المنقولون من شركات التدبير المفوض، المستخدمون الذين يتم تشغيلهم طبقا لأحكام نظام المستخدمين الخاص بالشركة)، وتفاوتها من حيث الحوافز المادية وخدمات الأعمال الاجتماعية”.
مقدّمة إيضاحات حول دواعي إصدار القانون المتعلق بالشركات الجهوية متعددة الخدمات، استحضرت الورقة أنه “بالرجوع إلى مواقف المؤسسات الرسمية والنبش في تقييماتها و”تبريراتها” الصريحة أو الضمنية للقانون المذكور، يمكن أن نرى بوضوح الاستحضار المستمر لعامل “الإكراه المالي” من خلال التكلفة الباهظة التي يتحملها الفاعل العمومي وهو يدبر خدمة توزيع الكهرباء والماء”.
وفي هذا الصدد، لاحظ معد الورقة أن رأي مجلس المنافسة الصادر في موضوع ذي صلة (وضعية المنافسة في قطاع الكهرباء وآفاق تطويره) و”غيره من أعمال المؤسسات الأخرى التابعة للدولة كالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي “الداعية إلى تشجيع “المبادرات الخاصة” على مستوى تدبير خدمة توزيع الكهرباء والماء عبر القيام بالشراكات مع القطاع الخاص، (..) لم تقم بإجراء نقد ذاتي معمق على تجربة هاته الشراكات في الماضي”.
وتابعت الورقة، حسبما طالعت هسبريس، أن هذا النقد “الغائب” كان يتعيّن أن يشمل دراسة “الأثر الإيجابي أو السلبي على القطاع، ومدى كفاءة مؤسسات القطاع الخاص التي دبرت خدمة التوزيع سابقا، ومستوى حكامة هاته المؤسسات بالنظر إلى التزاماتها القانونية المتفق عليها مع الدولة، وفعالية أدوات الرقابة التي تقوم بها المؤسسات الرسمية لمتابعة تنفيذ الالتزامات من طرف الفاعل الخاص”.
على صعيد متصل، بيّن الباحث سفيان الكمري أن “الأعمال المذكورة لم تتوقف عند الأسباب الحقيقية لتأزم وضعية المكتب الوطني للكهرباء والماء، ولا سيما التساؤل حول هل فصل خدمة التوزيع عن المكتب الوطني للكهرباء والماء يشكل حلا إصلاحيا ناجعا لمشكلة القطاع؟ وإلى أي مدى ستكون لهذا الفصل احتمالية وجود تداعيات سلبية مستقبلا؟”.
وشددت ورقة السياسات، في الختام، على “ضرورة تملك الفاعل العمومي “للروح التشاركية”؛ من خلال استدعاء مبدأ التشاور مع مختلف الفاعلين الاجتماعيين في كل مراحل الفعل العمومي المتعلق بتدبير القطاع”، موضحة أن “الأمر يتعلق، في النهاية، بثروتين عموميتين مهمتين هما الكهرباء والماء؛ وهما ملك للجميع. ومن ثم، فإن تدبيرهما ينبغي أن يكون أيضا ملكا للجميع”، بتعبيرها.
0 تعليق