في خضم محاولاتها المستمرة لتحقيق التوازن بين الطلب المحلي والإنتاج النفطي، تكشف الأرقام الصادرة عن الربع الأول من عام 2025 عن واقع ضاغط على فاتورة الواردات البترولية لمصر، حيث بلغ إجمالي واردات الوقود نحو 3.4 مليار دولار، في مشهد يعكس اعتماداً لا تزال القاهرة تحاول تقليصه تدريجيًا عبر خطط طويلة المدى لتعزيز الإنتاج المحلي.
وطبقا لـ تحيا مصر ، فإن الحصة الكبرى من تلك الفاتورة تعود إلى واردات المنتجات البترولية المكررة، والتي تراوحت قيمتها ما بين 2 و2.2 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام.
بينما استحوذ النفط الخام على نحو 480 مليون دولار، جرى توجيهه إلى المصافي المصرية لإعادة تكريره وتوفير احتياجات السوق المحلي من المشتقات.
القفزة البالغة 3 مليارات دولار تضع تحديات إضافية على كاهل الدولة
وتعكس تلك الأرقام مسارًا تصاعديًا في حجم واردات الوقود مقارنة بالسنوات الماضية، إذ تشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى ارتفاع واردات مصر البترولية إلى 10.5 مليار دولار في 2024، صعودًا من 7.5 مليار دولار في 2023. هذه القفزة البالغة 3 مليارات دولار تضع تحديات إضافية على كاهل الدولة في ظل تقلبات أسعار النفط عالميًا وضغوط سعر الصرف.
ومع أن شركات التكرير المصرية تغطي ما بين 70 و80% من احتياجات السوق، إلا أن الاعتماد على الاستيراد ما يزال ضروريًا لسد الفجوة.
وتعمل الدولة على تقليص هذه الفجوة من خلال توسعة الطاقة التكريرية عبر مشاريع جديدة، أبرزها مجمع إنتاج السولار في معمل أسيوط، المتوقع أن يُحدث نقلة نوعية مع إنتاج 2.5 مليون طن سولار سنويًا، ما من شأنه خفض الحاجة إلى الواردات قبل نهاية عام 2025.
وتشير الخطط الحكومية إلى توجه قوي نحو تعزيز الشراكات الإقليمية، عبر استغلال مرافق "سوميد" لتخزين وتداول الوقود، وتكرير نفط بعض الدول العربية محليًا، وهو ما يعزز موقع مصر كمركز إقليمي للطاقة.
وفي موازاة ذلك، تتواصل المفاوضات مع العراق لاستئناف استيراد شحنات من النفط الخام، إذ تعتزم الهيئة العامة للبترول استيراد ما يصل إلى 8 ملايين برميل سنويًا، مع احتمالية زيادتها.
ربط آبار استكشافية جديدة وتنشيط الحقول القديمة في المناطق
كما تواصل الهيئة بالتعاون مع شركات أجنبية جهودها لرفع الإنتاج المحلي إلى نحو 565 ألف برميل يوميًا، من خلال ربط آبار استكشافية جديدة وتنشيط الحقول القديمة في مناطق مثل خليج السويس والصحراء الشرقية والغربية.
وبينما تسير الحكومة على خطين متوازيين، تأمين الاحتياجات اليومية، وبناء قدرة صناعية طويلة المدى، تبقى معادلة الطاقة في مصر تحديًا استراتيجيًا يعكس تعقيد المشهد الاقتصادي، وسعي الدولة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الضغط على العملة الأجنبية.
0 تعليق