ماذا يعني إعلان ترامب عن محادثات مباشرة مع إيران بشأن البرنامج النووي؟

الرئيس نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في تطور لافت يعكس تحولًا محتملًا في السياسة الخارجية الأمريكية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن بدء محادثات مباشرة مع إيران بشأن برنامجها النووي، مشيرًا إلى أن التوصل إلى اتفاق يبقى الخيار الأفضل لتجنب التصعيد العسكري. 

جاء هذا التصريح خلال لقاء ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، حيث أكد أن اجتماعًا مهمًا سيعقد يوم السبت المقبل لمناقشة هذا الملف الحساس.

وفقًا لتقرير لصحيفة ميامي هيرالد نشر يوم الإثنين، 7 أبريل 2025، نقلت الصحيفة عن ترامب قوله: "نجري محادثات مباشرة مع إيران، وقد بدأت، وأعتقد أن الجميع متفق على أن التوصل إلى اتفاق سيكون أفضل". 

هذا الإعلان يثير تساؤلات واسعة حول طبيعة هذه المفاوضات، ومدى جدية الطرفين في الوصول إلى حل دبلوماسي ينهي عقودًا من التوتر بين واشنطن وطهران.

خلفية العلاقات الأمريكية-الإيرانية والبرنامج النووي

كان البرنامج النووي الإيراني محور الخلاف بين الولايات المتحدة وإيران، حيث ترى واشنطن والدول الغربية أن طهران تسعى لتطوير أسلحة نووية، وهو ما تنفيه إيران باستمرار، مؤكدة أن برنامجها النووي يهدف إلى أغراض سلمية مثل إنتاج الطاقة. في عام 2015، تم التوصل إلى اتفاق نووي تاريخي بين إيران ومجموعة الدول الخمس زائد واحد (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا، وألمانيا)، عُرف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة". 

وبموجب ذلك الاتفاق، وافقت إيران على تقليص أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية. لكن هذا الاتفاق لم يدم طويلًا، إذ انسحبت إدارة ترامب منه في عام 2018 خلال ولايته الأولى، معلنة أنه "معيب" وغير كافٍ لضمان عدم امتلاك إيران سلاحًا نوويًا. 

أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات صارمة على إيران، مما دفع طهران إلى التراجع تدريجيًا عن التزاماتها بالاتفاق، بما في ذلك زيادة تخصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى.

تصريحات ترامب: بين الدبلوماسية والتهديد

تصريحات ترامب الأخيرة تحمل مزيجًا من التفاؤل الحذر والتحذير الصريح. فقد أشار إلى أن المحادثات المباشرة مع إيران قد بدأت بالفعل، وأن هناك اجتماعًا مهمًا مقررًا يوم السبت المقبل، دون أن يكشف عن تفاصيل إضافية حول مكان أو طبيعة هذا الاجتماع. 

وقال ترامب: "أعتقد أن الجميع متفق على أن التوصل إلى اتفاق سيكون أفضل من القيام بالأمر الواضح"، في إشارة غير مباشرة إلى خيار العمل العسكري الذي يبدو أنه لا يزال مطروحًا على الطاولة. 

وأضاف: "الأمر الواضح ليس شيئًا أرغب في المشاركة فيه، ولا إسرائيل ترغب في ذلك، إذا استطعنا تجنبه". لكنه لم يخفِ تهديده بأن إيران "ستكون في خطر كبير" إذا فشلت هذه المفاوضات، مما يعكس نهجًا يجمع بين الدبلوماسية والضغط العسكري، وهو أسلوب اعتمده ترامب في تعاملاته السابقة مع قضايا دولية معقدة.

ردود الفعل الإيرانية: حذر واستعداد شروط

لم يتأخر الرد الإيراني على تصريحات ترامب، لكنه جاء متباينًا ومحملًا بالشروط. فقد أوضح مسؤولون إيرانيون، في تصريحات نقلتها صحيفة نيويورك تايمز، أن فهمهم للمفاوضات يختلف عما وصفه ترامب، مشيرين إلى أن المحادثات المزمعة في سلطنة عمان يوم السبت ستكون غير مباشرة وليست مباشرة كما ألمح الرئيس الأمريكي. 

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي كان واضحًا في رفضه للمفاوضات المباشرة تحت الضغط، قائلًا: "لن نتفاوض مباشرة مع الولايات المتحدة تحت التهديدات والعقوبات". 

وأكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن طهران ملتزمة بتوجيهات المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي سبق أن رفض الحوار مع واشنطن في ظل الضغوط، لكنه أشار إلى أن المحادثات غير المباشرة قد تكون خيارًا مطروحًا إذا تم احترام "آداب التفاوض".

الرسالة إلى خامنئي: محاولة لكسر الجمود

في سياق متصل، كشف ترامب في وقت سابق، تحديدًا في 7 مارس 2025، أنه أرسل رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، دعا فيها إلى مفاوضات نووية وحذر من عواقب وخيمة في حال الرفض. 

ووفقًا لموقع أكسيوس الأمريكي، تضمنت الرسالة مهلة شهرين للتوصل إلى اتفاق، وهي خطوة أثارت جدلًا حول ما إذا كانت قد سلمت فعلًا أم بقيت حبرًا على ورق، حيث أكدت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة أنها لم تتسلم أي خطاب رسمي حتى الآن. 

لكن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أشار لاحقًا، في 20 مارس 2025، إلى أن طهران تدرس الرسالة بعناية، مركزًا على "التهديدات والفرص" التي تحملها، مما يوحي بأن الرسالة قد وصلت عبر قنوات دبلوماسية غير مباشرة، ربما بوساطة دول إقليمية مثل الإمارات أو عمان.

السياق الإقليمي والدولي

يأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متصاعدة، مع استمرار الحرب في غزة ولبنان، والضربات العسكرية في اليمن، وتبادل إطلاق النار بين إسرائيل وإيران. إسرائيل، الحليف الوثيق للولايات المتحدة، طالما اعتبرت البرنامج النووي الإيراني تهديدًا وجوديًا، ولم تستبعد خيار الهجوم العسكري. 

تصريحات ترامب التي أشارت إلى رغبة إسرائيل في تجنب التصعيد العسكري قد تعكس توافقًا أمريكيًا-إسرائيليًا على إعطاء الدبلوماسية فرصة أخيرة قبل اللجوء إلى الحل العسكري. 

على الصعيد الدولي، أبدت روسيا استعدادها للمشاركة في الوساطة، بينما يبقى موقف الدول الأوروبية حذرًا بعد تجربة الاتفاق النووي السابق الذي انهار بسبب الانسحاب الأمريكي.

ماذا يعني هذا الإعلان؟

إعلان ترامب عن محادثات مباشرة يمكن أن يُفسر على أنه محاولة لتحقيق إنجاز دبلوماسي كبير في ولايته الثانية، بعد أن انتقد بشدة الاتفاق النووي السابق الذي أبرمه سلفه باراك أوباما. 

لكن نجاح هذه المفاوضات يظل غير مضمون، نظرًا للشروط المتضاربة بين الطرفين: الولايات المتحدة تطالب بتفكيك شامل للبرنامج النووي الإيراني، بينما تصر إيران على رفع العقوبات أولًا دون التنازل عن حقوقها في التكنولوجيا النووية السلمية. 

كما أن التهديدات المصاحبة للعرض الدبلوماسي قد تعقد الأمور، إذ ترى طهران في ذلك استمرارًا لسياسة "الضغوط القصوى" التي اعتمدتها إدارة ترامب سابقًا.

لا شك في أن إعلان ترامب عن محادثات مباشرة مع إيران يشكل نقطة تحول محتملة في مسار العلاقات بين البلدين، لكنه يظل محفوفًا بالتحديات والشكوك. التوصل إلى اتفاق نووي جديد قد يكون "الخيار الأفضل" كما وصفه ترامب، لكنه يتطلب تنازلات متبادلة وثقة غائبة حاليًا بين الطرفين.

الاجتماع المقرر يوم السبت قد يكون بداية لمسار دبلوماسي طويل، أو نقطة انطلاق لتصعيد جديد إذا فشلت المحادثات. 

العالم يترقب بينما تتكشف الأحداث في الأيام المقبلة، وسط آمال بتجنب مواجهة عسكرية قد تعيد تشكيل الشرق الأوسط بأكمله.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق