ضبط "الاستغلال القانوني" لسيارات الدولة يتطلب تفعيل آليات رقابية صارمة

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تواصل “ظاهرة” استغلال سيارات الجماعات الترابية وسيارات الخِدمة لأغراض شخصية نقاشاً واسعاً في المغرب، حيث تكررت الشكاوى من إساءة استخدام هذه الموارد العمومية في العديد من المدن.

ويتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً وأشرطة فيديو تُظهر سيارات تحمل لوحات الجماعات أو “المغرب (إم روج)” تُستخدم خارج أوقات العمل الرسمية، سواء لقضاء العطلات أو لأغراض عائلية، مما أثار استياءً شعبياً ومطالب بتشديد الرقابة للحد من هدر المال العام.

هذا الواقع دفع السلطات المحلية في عدة مناطق، مثل إقليم بركان، إلى إصدار مراسلات تُحذر من هذه الممارسات، مع التأكيد على ضرورة تقييد استعمال هذه السيارات بالمهام الإدارية فقط. وتُعتبر مراسلة عامل إقليم بركان، التي وُجهت إلى رؤساء الجماعات الترابية، خطوة بارزة في هذا السياق، حيث أعادت إشعال النقاش حول كيفية ضبط استغلال هذه السيارات قانونياً.

ولم يقتصر النقاش على إقليم بركان، بل امتد إلى مدن وأقاليم أخرى مثل وجدة، الخميسات وتطوان، حيث طالب مواطنون ومنتخبون بتفعيل آليات رقابية صارمة مثل استخدام أنظمة تتبع إلكترونية وتسجيل المهام الرسمية.

في هذا السياق أشار شكيب سبايبي، عضو فريق المعارضة بجماعة وجدة عن حزب الاشتراكي الموحد، إلى أن استغلال سيارات الجماعات الترابية لأغراض شخصية “يُشكل عبئاً مالياً كبيراً على ميزانيات الجماعات”.

وأوضح سبايبي، في تصريح لهسبريس، أن تكاليف الوقود والصيانة والتأمين تُثقل كاهل الجماعة، في الوقت الذي تُستخدم هذه السيارات، التي وُضعت أصلاً لتسهيل عمل الموظفين والمستشارين، “بطرق غير مشروعة”. وتساءل عن هوية المستفيدين من هذه السيارات، “التي غالباً لا تُمنح لجميع الموظفين، بمن فيهم رؤساء الأقسام الذين قد يحتاجونها فعلاً في مهامهم اليومية”.

وأبرز أن الإشكال الأساسي يكمن في غياب نظام معلوماتي لتتبع هذه السيارات وضبط استخدامها. واقترح، بناءً على تجربة جماعة وجدة، أن تُرجع جميع السيارات إلى مرأب الجماعة بعد انتهاء ساعات العمل، باستثناء المصالح التي تتطلب عمليات ليلية مثل إصلاح الإنارة العمومية. وشدد على “ضرورة تحديد الجهات التي تستحق استخدام السيارات لأن منحها بشكل عشوائي يُفقدها وظيفتها الأساسية ويُحولها إلى أداة للترضيات السياسية”.

وفي هذا السياق دعا العضو الجماعي ذاته إلى اعتماد نظام “جي بي إس” لتتبع تحركات السيارات، مشيرا إلى أن هذه التقنية “ستُسهم في ضمان الشفافية وحماية المال العام الذي يدفعه دافعو الضرائب”. وانتقد ممارسات توزيع السيارات على نواب أو أعضاء كوسيلة لكسب الولاءات داخل الجماعة، مضيفا أن ذلك “يُكرّس الفساد ويضر بمصداقية المؤسسات المنتخبة”.

من جانبه، أكد حسين لحدودي، كاتب فرع حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي ببركان، أن مراسلة عامل إقليم بركان “تُعد خطوة إيجابية، لكنها تحتاج إلى تفعيل فعلي على أرض الواقع”، مشيراً إلى أن الحزب سبق له أن نبه، في بيانات سابقة، إلى “استغلال سيارات الجماعات والدولة لأغراض شخصية، خاصة خلال عطلات نهاية الأسبوع وفي الصيف”.

وأضاف لحدودي أن هذه المراسلة، رغم أهميتها، “يجب أن تشمل أيضاً سيارات الدولة التابعة للقطاعات الحكومية التي تُستخدم خارج أوقات العمل”، مبرزا أن تفعيل هذه المراسلة يتطلب آليات مراقبة دقيقة مثل إلزام السائق أو المسؤول بحيازة “أمر بالقيام بمهمة” يوضح طبيعة المهمة والوجهة. وأشار إلى أن غياب هذا الأمر “يعني أن السيارة تُستخدم لأغراض شخصية، مما يستدعي اتخاذ إجراءات قانونية وإدارية صارمة”، داعياً إلى إصدار تعليمات واضحة للسلطات الأمنية والدرك لمراقبة هذه السيارات، خاصة خارج الدوائر الترابية أو في أوقات غير مبررة.

وفي سياق الحلول المقترحة، اقترح الفاعل السياسي ذاته أن تُخصص لكل جماعة أو قطاع حكومي حظيرة سيارات تُرجع إليها السيارات في نهاية اليوم لتجنب التسيب. كما شدد على أهمية مراقبة عداد السيارات الخاص بالكيلومترات لمعرفة ما إذا كانت المسافات المقطوعة تتماشى مع المهام الرسمية أم تُستغل بشكل مفرط.

من جانب آخر، اقترح لحدودي تطوير، خاصة على مستوى بركان التي نظمت “ملتقى بركان الدولي الثالث حول الرقمنة والمدن الذكية”، تطبيق رقمي لتتبع سيارات الجماعات والقطاعات الحكومية. وأكد أن هذا التطبيق سيُسهل ضبط الاستخدام غير القانوني، حيث سيُسجل أي خروج عن المهام المحددة، مما يعزز الشفافية ويحد من هدر المال العام.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق