
لحن الطفولة ليس مجرد أناشيد، بل هو سيمفونية تُنشد بين همسات الذكريات وعزف الأحلام.. إنه رحلة لا تُحكى بالكلمات فحسب، بل تُعاش بكل الأحاسيس والتفاصيل التي تعيدنا إلى تلك الأيام البريئة التي كانت فيها الحياة مجرد أغنية تهبها الرياح لكل طفل يبتسم، ويعشق السماء، ويحلم بكلمات لا تحمل سوى الوعد بالسلام والفرح.
عند قراءة “لحن الطفولة” نتوه في عوالم عميقة من البراءة المفقودة. كأنما للشاعرة أمينة كوكاس تدعونا للغوص في نهر الزمن، الذي لا تنتهي مياهه، حيث تُغسل الذاكرة بكل تلك اللحظات التي سكنت فينا منذ اللحظة الأولى التي بدأنا فيها بفهم العالم. إنها الأناشيد التي تعيدنا إلى الأماكن التي فقدناها في الذاكرة، إلى تلك الألعاب البسيطة التي كانت تُمثل كل شيء، إلى كلمات الجدات التي كانت تحمل في طياتها حكايا لم نفهمها في حينها، لكنها الآن تُضيء قلوبنا بذكريات الطفولة المضيئة.
في كل صفحة من صفحات ديوان أناشيد أمينة كوكاس، نلتقي بالأحلام الهشة التي تتجسد في عيون الأطفال، تلك العيون التي ترى العالم كأرض مليئة بالمعجزات، حيث كل لحظة هي فرصتنا للعب والنمو والاكتشاف. ولكن، كما هو الحال في حياة كل طفل، تأتي تلك اللحظات التي تُسلب فيها البراءة، وتدخل الحياة في مجراها الطبيعي المليء بالتيارات العاتية من الألم والقلق والضياع.
ومع ذلك، فديون “لحن الطفولة” لا يُحسن العزف على أوتار الحزن فحسب، بل يعبق بالمرونة التي يُظهرها الأطفال في مواجهة الهموم، وفي قدرتهم على النهوض مرة تلو الأخرى، حتى وإن كسرتهم الحياة.. الطفل في هذه الأناشيد ليس مجرد كائن ضعيف أو بريء منكسر، بل هو رمز لكل منا، هو القوة الكامنة في أعماقنا، تلك القدرة التي لم تفقد الأمل بعد.
وفي كل صفحة، يجد القارئ نفسه متأملًا في المعاني الكبرى التي تُخبئها الصغائر: في خيوط الشمس التي تشرق كل يوم لتضيء أفق العالم الطفولي، في لحظات الفرح العفوي التي تتناثر كما الأزهار في الصباح، في الأمل الذي ينبض في قلب كل طفل وهو يرى أن العالم ملكٌ له ولأحلامه.. حتى في الظلال التي تعبر بين السطور، لا يمكن أن تنسى هذه القلوب النقية كيف تضيء بحب، كيف تَحلم بغدٍ أفضل.
النشرة الإخبارية
اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة هسبريس، لتصلك آخر الأخبار يوميا
اشترك
يرجى التحقق من البريد الإلكتروني
لإتمام عملية الاشتراك .. اتبع الخطوات المذكورة في البريد الإلكتروني لتأكيد الاشتراك.
لا يمكن إضافة هذا البريد الإلكتروني إلى هذه القائمة. الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني مختلف.
0 تعليق