أثارت زيارة خوسيه ماريا أثنار، رئيس الوزراء الإسباني الأسبق، إلى مدينة مليلية المحتلة، خلال الأسبوع الجاري، جدلا سياسيا حادا؛ فقد طالب حزب “ائتلاف من أجل مليلية” (CPM)، أكبر أحزاب المعارضة في الجمعية المحلية، بتصنيف أثنار “شخصا غير مرغوب فيه”.
وجاءت هذه الدعوة على خلفية مواقف أثنار السابقة، خاصة دوره في حرب العراق وتصريحاته حول أحداث 11 مارس في مدريد ودعمه العلني لإسرائيل في نزاعها الحالي.
وأعربت سيسيليا غونزاليس، النائبة عن حزب “ائتلاف من أجل مليلية”، عن “رفضها الشديد” لزيارة أثنار، واصفة إياه بـ”رئيس الوزراء الأكثر ضررا على الديمقراطية” في التاريخ الإسباني الحديث.
واستعادت غونزاليس قرار أثنار بالمشاركة في حرب العراق عام 2003، “رغما عن إرادة غالبية الإسبان” الذين خرجوا إلى الشوارع احتجاجا على تلك الحرب.
وأشارت الفاعلة السياسية سالفة الذكر إلى أن هذا القرار أدى إلى مقتل 185 ألف مدني؛ بينهم 11 إسبانيا من أصل 2600 جندي أُرسلوا إلى العراق بين 2003 و2004، فضلا عن تكلفة مالية بلغت 260 مليون يورو تحملتها الخزينة العامة.
كما ركزت غونزاليس في نقدها على إدارة أثنار لتداعيات هجمات 11 مارس 2004 في مدريد، التي أودت بحياة 192 شخصا، متهمة إياه بـ”الكذب” بشأن هوية المنفذين سعيا وراء “مكاسب انتخابية”، في وقت كان فيه الشعب الإسباني يعيش حالة من الصدمة والحزن.
وأضافت النائبة عن حزب “ائتلاف من أجل مليلية” في الجمعية المحلية أن أثنار، على عكس قادة آخرين مثل توني بلير وجورج بوش اللذين قدما اعتذارا عن دورهما في حرب العراق، لا يزال يُبدي “فخرا” بقراراته؛ وهو الموقف الذي يدعمه خوان خوسيه إمبرودا، رئيس حكومة مليلية، الذي أعرب بدوره عن “اعتزازه” بأثنار.
من جهة أخرى، أثارت غونزاليس قضية دعم أثنار لإسرائيل، خاصة تصريحاته في المؤتمر العالمي السابع للحوار بين الثقافات والأديان، حيث دافع عن “ضرورة استكمال إسرائيل لعملياتها العسكرية في غزة”، واصفا إياها بـ”الديمقراطية الوحيدة في المنطقة”.
ونددت النائبة ذاتها بما وصفته بـ”المجزرة” في فلسطين، مشيرة إلى مقتل أكثر من 50 ألف شخص، ثلثهم من الأطفال، إلى جانب 400 من العاملين في المجال الإنساني؛ بينهم 11 من منظمة أطباء بلا حدود.
وتساءلت غونزاليس عن كيفية “فخر” إمبرودا بشخصية “كذبت لجر البلاد إلى حرب” و”تدعم الإبادة”، مطالبة بتصنيف أثنار “شخصا غير مرغوب فيه” بدلا من استقباله بـ”التشريفات”.
تجدر الإشارة إلى أن فترة رئاسة خوسيه ماريا أثنار للحكومة الإسبانية (1996-2004) لم تخلُ من التوترات السياسية والدبلوماسية مع المغرب، إذ يُعتبر المنتمي إلى الحزب الشعبي اليميني أحد المدافعين على “إسبانية” سبتة ومليلية المحتلتين.
وخلال زيارته الأخيرة لمليلية المحتلة التي بدأت الخميس، والتي أراد لها، من خلال الصور المتداولة، أن تبدو مثل “زيارة عائلية”، أصر على التذكير بمواقفه السياسية؛ فقد اعتبر، في تصريح صحافي أثناء استقباله من قبل رئيس المدينة المحتلة، أن “مليلية هي المدينة التي تبدأ منها إسبانيا”، وفق تعبيره.
0 تعليق