حالة من الجدل أثيرت مؤخرا حول "قانون الرياضة الجديد"، والذي أعلن وزير الشباب والرياضة د. أشرف صبحي، عن بدء وضع التصورات الخاصة باقتراح تعديلات بعض أحكام قانون الرياضة المصري الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 2017، تمهيدا لإرسالها إلى البرلمان.
ما زاد الأمور جدلا، إن البعض سرب بنود من هذه التعديلات، مستهدفا إثارة بلبلة في الوسط الرياضي، ومحاولا شحن الجمهور لرفض القانون الجديد، والذي لم يصدر حتى الآن، ولم يطرح للنقاش، ولم يقدم للبرلمان ولا لمجلس الوزراء، وفق تصريحات رسمية لرئيس الوزراء د. مصطفى مدبولي.
عن الجدل المثار حول قانون الرياضة الجديد، تحدث “الرئيس نيوز” مع مجموعة من الخبراء والمتخصصين، لمعرفة مزايا وعيوب القانون، واسباب الأزمة المختلقة المحيطة به.
كرم كردي: لجان إلكترونية
انتقد كرم كردي عضو اتحاد الكرة السابق، ما أسماه بحملة اللجان الإلكترونية، التي تهاجم القانون قبل صدوره، وقال: "من لا يحترم القانون عليه أن يرحل، وهذا القانون أعد من أجل تطوير الرياضة المصرية ومستقبلها، وليس لإبعاد شخص أو تهميش نادي، كما يروج البعض".
وأضاف كردي، إن الحملات الممنهجة ضد القانون ليست بغريبة، ومعروف من يقف خلفها، ومتوقعة منذ فترة، خاصة في ظل محاولة بعض رؤساء الأندية الاستئثار بها ومحاولة الاستمرار في رئاستها لعدد أكبر من السنوات، وهذا ليس عدلا، ويجب إتاحة الفرص لأجيال جديدة، ووقف احتكار الكراسي على فئة معينة وأسماء بعينها.
وأكمل، أن القانون سيطرح للنقاش، وسيرسل للبرلمان وللحكومة لإبداء الرأي فيه، كما سيرسل إلى اللجنة الأولمبية الدولية لمطابقة بنوده مع لوائحها الجديدة، ولذلك لا داع للهجوم على القانون مبكرا، فهي محاولة لإثارة الفتنة والضغط الجماهيري من أجل تعديل بنود لم يعلن عنها من الأساس.
حسن المستكاوي: حدث في غاية الأهمية
الناقد الرياضي حسن المستكاوي، قال إن تعديل مواد قانون الرياضة هو حدث في غاية الأهمية، لأنه يرسم خريطة مستقبل الرياضة المصرية، ولذلك علينا أن ندرس القانون ونناقشه كاملا، بدلا من الانخراط في الترويج لعدد محدود من البنود واستغلالها لخلق أزمة لا داع لها، فعلينا عدم اختصار القانون في مواد محددة، مروجين أن هناك شخصنة للأمور.
أضاف المستكاوي، إن اختيار توقيت طرح التعديلات كان لافتا؛ لأنه جاء في وقت أزمة بين النادي الأهلي واتحاد الكرة ورابطة الأندية، ما اعتبره البعض قانون تفصيل لمنع محمود الخطيب من الترشح مجددا، وهذا مخالف للحقيقة، فنحن بحاجة لقانون جديد فعلا، وكل من لديهم صلة قريبة بالوسط الرياضي يعرفون إن الاتجاه للتعديلات سبق ذلك بكثير.
وأوضح المستكاوي، أنه على الرغم من اعتراض البعض على تعارض بند الثماني سنوات مع الحركة الأولمبية، فإن اللجنة الأولمبية قررت في 30 يناير الماضي اختصار فترات المكتب التنفيذي في دورتين مدة كل منها 4 سنوات، وقال: "أنا شخصيًا عارضت مدة السنوات الثمانية منذ زمن، اقتناعًا أن اختيارات الجمعيات العمومية تعبر عن رغبات في قيادة أشخاص بعينهم، لكن بمرور الوقت بدا أن هؤلاء الأشخاص يجيدون التعامل مع الانتخابات بما يواري الفرص أمام أجيال جديدة، كما أن هناك قيادات رياضية في اتحادات حققت نجاحًا كبيرًا، مثل الخماسي الحديث والسلاح، فهل يتم الاستغناء عن الكفاءات والخبرات وألا توجد وسيلة للجمع بين الخبرات ومنح الفرصة لوجوه جديدة، علمًا بأن كثيرين ممن يعارضون تعديل بند الثماني سنوات كانوا يعرضون وجود وجوه بعينها لسنوات في إدارة الحركة الرياضية المصرية".
وكشف عن مميزات التعديلات الجديدة، مؤكدا إنها طرحت فكرة الخصصة للأندية بما يشبه النموذج الأوروبي، وهو أمر مهم جدا في شأن الاستثمار الرياضي، وقال: "إن قانون الرياضة الجديد أهم وأوسع من أن يختصر في بند السنوات الثماني، والأمر في الواقع ليس عدد السنوات، فالأهم هو الأداء، فهل الذين يشغلون المناصب القيادية والإدارية في الأندية والاتحادات يقدمون ما يخدم تطور الرياضة المصرية حقا على المستويات الفنية، وبمخططات علمية ودراسات منظمة، ودقيقة؟".
وأضاف: "سوف نحتاج إلى وقت حتى تتغير معايير الانتخاب والاختيار في الجمعيات العمومية، لا سيما في الاتحادات، ولابد هنا أن يعلو الدور الفني للجنة الأوليمبية".
أكمل المستكاوي، أن من أهم نصوص القانون الجديد ما جاء في نص المادة 47 من الفصل الرابع، وتقول هذه المادة: "يجوز للأندية المشهرة وفقا لأحكام هذا القانون إنشاء فروع لها في صورة شركات مساهمة، يشارك فيها النادي وأعضاؤه والمستثمرون، ويحق لهذا الشركات المشاركة في أنشطة الاتحادات الرياضية بالشروط، التي يحددها الاتحاد، وتقدم هذه الشركات خدماتها الرياضية والاجتماعية والثقافية للمشتركين وفقا للتعاقد المبرم بين الشركة ومتلقي الخدمة، ويحدد في التعاقد مدة الاشتراك وحقوق المشترك الاجتماعية والرياضية في استخدام منشآت الفرع، وذلك تحت رقابة الجهة الإدارية المركزية وللوزير المختص إيقاف نشاطها في حالة مخالفة ذلك التعاقد".
وأشار إلى أن هذه المادة تمنح الأهلي والزمالك والجزيرة وسبورتنج والصيد وغيرها من الأندية حق تأسيس شركات مساهمة في فروعها الجديدة، وهي من أهم مواد القانون الجديد للرياضة.
ياسر أيوب: أزمة مختلقة
الناقد الرياضي د. ياسر أيوب، قال إنه لا يمكن أن يتحدث عن قانون لم يراه، مشيرا إلى أن الأزمة المحيطة بالقانون برغم تصدرها للمشهد الرياضي، إلا أنها أزمة مختلقة، لأنها تدور حول مواد مسربة من القانون.
وأشار أيوب، إلى أنه لا يمكن أن يجزم أحد بأن ما ترسب من المواد ضمن القانون فعلا، مطالبا وزارة الشباب والرياضة بطرح قانون الرياضة الجديد للنقاش المجتمعي، وإدارة حوار مع المتخصصين والخبراء حول القانون كاملا، وليس بنود البعض يظن أنها وضعت خصيصا لأشخاص بعينهم.
وقال أيوب: "نتمنى أن يكون القانون الجديد به اختلافا حقيقيا يطال كل زوايا الرياضة واتحاداتها وأنديتها وألعابها، وأن تدار كل مؤسساتها بفكر جديد يناسب العصر بعيدا عن أفكار وقناعات وحسابات قديمة تجاوزها العالم كله حولنا، وأتمنى قانونا جديدا للرياضة يجبر اللجنة الأولمبية للعودة لممارسة دورها الطبيعي والحقيقي وتتخلى عن سلطاتها الوهمية التي لا مثيل لها في العالم، وتصبح لجنة تسعى طول الوقت لنتائج أفضل لمصر في دورات أوليمبية وقارية، لكنها لا تدير الرياضة في مصر".
وأضاف: "كما يجب علينا تأسيس مركز مصري للتسوية والتحكيم يتبع وزارة العدل ولا تربطه أي علاقة أو صلة بمؤسسة رياضية، حتى لا يتحول المركز إلى خصم وحكم، وإعادة النظر في رسوم التقاضي حتى يتمكن الجميع من المطالبة بحقوقهم"، مشيرا إلى أنه يجب وضع لائحة جديدة للجنة الأولمبية المصرية تسمح بمرشحين من خارج الاتحادات الرياضية أسوة بما يجرى في العالم وألا يكون مجلس إدارتها مقصورا على رؤساء الاتحادات الرياضية وأعضائها حتى لا تبقى محاسبة تلك الاتحادات مقصورة على رؤساء نفس الاتحادات.
كما أبدى رفضه لما تقوم به بعض الأندية من إهدار ونزيف للدولارات في ألعاب لا عائد منها، في ظل أزمة اقتصادية تعاني منها الدولة كاملة، وأن يدرك مسئولو الأندية أن التعاقدات تقوم بها الأندية لتحقيق بطولات وليس للتفاخر والتباهي بانتصارات وهمية عبر صفحات السوشيال ميديا.
خطاب الأولمبية الدولية ورد وزارة الشباب
يذكر أن اللجنة الأولمبية الدولية، كانت قد أرسلت مساء اليوم الأحد، خطابًا إلى وزارة الرياضة المصرية، تطالب فيه بالحصول على نسخة باللغة الإنجليزية، لمسودة تعديلات قانون الرياضة لمراجعتها.
أكد البيان بأن المراجعة هدفها التأكد من توافق التعديلات مع الميثاق الأولمبي، والمبادئ التي تحكم الحركة الأولمبية.
وجاء في الخطاب: نأمل أن يُسهل هذا الدعم البناء العملية ويساهم في استباق أي مشكلة متوقعة، وإذا لزم الأمر، سنكون على استعداد لترتيب اجتماع عبر الإنترنت لمناقشة المسودة فور استلامها.
كما سبق وأن طلب النادي الأهلي من وزير الشباب والرياضة الاطلاع على مشروع تعديلات قانون الرياضة المقترح.
ومن جانبها، وجهت وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية المصرية، الشكر إلى اللجنة الأولمبية الدولية، وذلك لسرعة الاستجابة بشأن التعاون في مناقشة تعديلات قانون الرياضة بما يتضمن ويتوافق مع الميثاق الأولمبي، ومبادئ الحركة الأولمبية الدولية.
ويأتي ذلك في إطار حرص وزارة الشباب والرياضة، واللجنة الأولمبية المصرية، على تحري الخطوات التشريعية في ذلك الشأن المتعلق بتعديلات قانون الرياضة، وذلك من أجل الاستقرار عليها وفقًا للتشريعات والمواثيق والمعايير الدولية.
0 تعليق