البصخة المقدسة ,’ تبدأ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أسبوع الآلام هذا العام في أجواء تملؤها الروحانيات والتعبد، وسط مشاركة غير مسبوقة من المصلين في كنائس الجمهورية كافة، حيث تكتمل الصفوف لأول مرة منذ سنوات. ويُعد أسبوع الآلام من أكثر الأسابيع قداسة في تقويم الكنيسة القبطية، ويأتي ختامًا لفترة الصوم الكبير التي تستمر أربعين يومًا، وهو الصوم الذي يمثل رمزًا للتوبة والتقشف والاقتراب من الله.
يبدأ أسبوع الآلام بأحد الشعانين، والذي يوافق هذا العام يوم 13 أبريل ، ويُعرف أيضًا بـ”الأحد السابع من الصوم الكبير”، ويُعتبر مدخلًا لأهم أسبوع في السنة القبطية من حيث الأحداث الدينية. في هذا اليوم، تُحيي الكنيسة ذكرى دخول السيد المسيح إلى مدينة أورشليم، حيث استُقبل من الشعب بسعف النخيل وأغصان الزيتون، في مشهد مهيب مليء بالحب والفرح. وتُقام في هذا اليوم صلوات مميزة تتضمن تطوافات بسعف النخيل، مع ترديد الترانيم الخاصة بـ”أوشعنا في الأعالي”.
الرمزية الدينية و البصخة المقدسة في أيام الأسبوع المقدس
يحمل كل يوم من أيام أسبوع الآلام دلالات لاهوتية عميقة ترتبط بآخر أيام حياة السيد المسيح على الأرض قبل صلبه وقيامته. ويأتي هذا الأسبوع تتويجًا لتعاليم الكنيسة حول الفداء والخلاص، حيث تستعرض فيه الروايات الإنجيلية للأحداث الأخيرة من حياة المسيح.
ثلاثاء البصخة المقدسة
من أبرز الأيام، يوم “الثلاثاء ، والذي يُعرف أيضًا بـ”الثلاثاء المقد س”، وهو يوم مليء بالدروس الروحية والرمزية. ففي هذا اليوم، تذكّر الكنيسة مرور السيد المسيح على شجرة التين التي كانت قد يبست من جذورها، وهو حدث يرمز إلى الدينونة الروحية. كما قضى المسيح بقية هذا اليوم في الهيكل يعلّم تلاميذه، ويتحدث إليهم عن مجيئه الثاني ويوم الدينونة العظيم، ويحثهم على الاستعداد من خلال أمثلة وعِبر مثل الكرامين الأشرار، وعرس ابن الملك، ومثل العذارى الحكيمات.
نهاية اليوم وتأكيد الرسالة
في ختام يوم الثلاثاء، غادر السيد المسيح الهيكل، وقد عزم على عدم العودة إليه مرة أخرى. وتُجسّد الكنيسة هذه اللحظة في قراءاتها وصلواتها، حيث يشير هذا الخروج إلى النهاية الرمزية لعصر النبوة وبداية العهد الجديد من الخلاص والفداء. قال المسيح لليهود في ذلك اليوم: “هوذا بيتكم يُترك لكم خرابًا”، مؤكدًا أن الرفض المتكرر للحق الإلهي يؤدي إلى الخراب الروحي.
توجه بعد ذلك إلى بيت عنيا ليستريح، وهناك كان يتهيأ للأيام التالية التي ستشهد أقسى وأعظم اللحظات في رسالته على الأرض. فمع اقتراب يوم الخميس والجمعة العظيمة، ترتفع وتيرة الصلوات والتأملات، ويعيش الأقباط في هذه الأيام أعمق لحظات الإيمان والتقوى، متأملين في معاني التضحية والمحبة والفداء.
هكذا يظل أسبوع الآلام أحد أكثر الفترات قدا سة وعمقًا في الوجدان القبطي، حيث تختلط المشاعر بين الحزن على آلام المسيح والرجاء بقيامته المجيدة.
0 تعليق