أسبوع الآلام في الكنيسة القبطية رحلة تاريخية من العبادة إلى الطقوس المنظمة

صوت المسيحي الحر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أسبوع الآلام , تمرّ في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بتطورات متعددة على مر العصور، بدءًا من القرون الأولى للمسيحية، حيث كان يُحتفل به كل 33 عامًا فقط، تخليدًا للعمر الذي عاشه السيد المسيح على الأرض. في تلك الفترة، كانت مظاهر الاحتفال به تتسم بالخشوع والتفرغ الكامل للعبادة، إذ كان الملوك يمنحون الموظفين إجازة كاملة طوال هذه الفترة ، ويتم الإفراج عن المسجونين مؤقتًا للمشاركة في الصلوات، كما كان العبيد يُعفون من العمل، في إشارة إلى قداسته ومكانته الخاصة.

 

صلوات البصخة المقدسة

صلوات البصخة المقدسة

هذه الفترة كانت مكرّسة للصلاة والتأمل، ولم تكن الحياة اليومية تأخذ أي حيز من وقت المؤمنين خلال هذه الأيام . كان التركيز الأساسي على التوبة والصوم والانقطاع عن المأكولات، استعدادًا للقيامة المجيدة، إذ يُعد تتويجًا لمسيرة الصوم الأربعيني في الكنيسة.

 

1050912 21

تطورات تنظيمية لـ أسبوع الآلام وقرارات مجمعية

بحسب ما أوضحه القمص يوسف تادرس الحومي، أستاذ تاريخ الكنيسة وعضو لجنة التاريخ القبطي، فإن الطقس تطور تدريجيًا على مدار قرون، بدءًا من القرن الأول وحتى الثالث الميلادي، حيث قام الآباء الرسل بوضع قراءات خاصة له ، تشمل الأسفار الخمسة لموسى النبي، والمزامير، والنبوءات التي تشير إلى عذابات المسيح. في هذا الأسبوع، لا تُستخدم “الأجبية” في الصلوات، بل يُخصص للكتاب المقدس وقراءة الناموس.

كما شددت قوانين الكنيسة الأولى على منع العمل خلال هذه الفترة وخصصت أسبوعين كاملين للعبيد للإجازة، ليتمكنوا من المشاركة في الطقوس، وهو ما تم ترسيخه في عهد الإمبراطور قسطنطين بعد مجمع نيقية، الذي أصدر قرارًا رسميًا بتعطيل العمل في الدولة خلال البصخة. تبعه الإمبراطور ثيؤدوسيوس بقرار الإفراج عن المسجونين خلال هذه الأيام المقدسة.

 

طفرات طقسية لـ أسبوع الآلام

طفرات-طقسية-لـ-أسبوع-الآلام

طفرات طقسية لـ أسبوع الآلام وأثر الرهبنة القبطية

استمرت الطقوس في التطور، وبلغت مرحلة جديدة في عهد البابا ديمتريوس الكرام في القرن الثاني الميلادي، الذي ضم الصوم الأربعيني إلى الأيام المقدسة ، بعدما كان يُصام بشكل منفصل. كما تم إلغاء فطر يوم خميس العهد، إذ أقر مجمع اللاذقية أن هذا اليوم ليس عيدًا، بل جزء من هذه الأيام يجب أن يصام بانقطاع.

وفي القرن الرابع، أضاف البابا أثناسيوس الرسولي تطويرات طقسية وألحانًا خاصة خاصة بعد تأثر الكنيسة القبطية بطقوس كنيسة أورشليم، التي بدأت تنظيم صلوات مفصلة لأيام البصخة. ثم في القرن الثاني عشر، لاحظ البابا غبريال بن تريك أن ظروف الأقباط لم تعد تسمح بقراءة كافة القراءات، فجمع العلماء والرهبان من دير أبو مقار، ووضعوا كتابًا منظمًا لصلاة البصخة يشمل قراءات موزعة على ساعات اليوم.

وجاء بعده الأنبا بطرس، أسقف البهنسا، ليضيف طقس “صلاة اللقان” إلى عيد الرسل، مستمرًا بذلك في مسيرة تطوير الطقوس، مما جعله تجربة روحية وطقسية متكاملة تنمو باستمرار عبر تاريخ الكنيسة القبطية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق