يواصل المشروع القومي لإنشاء المخازن الاستراتيجية للمنتجات الغذائية في مصر تقدمه كجزء من استراتيجية الدولة لتعزيز الأمن الغذائي وضمان استقرار الأسواق في ظل التحديات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية.
أُطلق المشروع في يونيو 2023 بتكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بهدف مضاعفة المخزون الاستراتيجي للسلع الأساسية، وتقليل الفاقد، وتحسين كفاءة إدارة التخزين باستخدام أحدث التقنيات العالمية، ويشرف على المشروع وزارة التموين.
تفاصيل مشروع المخازن الاستراتيجية للمنتجات الغذائية

بدأ المشروع بتدشين أول مخزن استراتيجي في محافظة السويس في يونيو 2023، بحضور الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين آنذاك، واللواء عبد المجيد صقر، محافظ السويس السابق، والدكتور إبراهيم عشماوي، رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، ويمتد المخزن على مساحة 10 أفدنة بتكلفة استثمارية تصل إلى 1.5 مليار جنيه، ويخدم محافظات إقليم قناة السويس.
وتضمنت المرحلة الأولى من مشروع المخازن الاستراتيجية للمنتجات الغذائية أيضا إنشاء مخازن في محافظات الشرقية والفيوم والأقصر، بإجمالي استثمارات تتجاوز 5 مليارات جنيه حتى الآن.
تم تصميم المخازن وفق معايير عالمية، حيث تبلغ مساحة المخزن الواحد 56 ألف متر مربع، بسعة تخزين تصل إلى 75 ألف باليت، موزعة بين 95% مخزون جاف، 4.5% مخزون مبرد، و0.5% مخزون مجمد.
وتعتمد هذه المستودعات على أنظمة إلكترونية متطورة لرصد المخزون لحظيا، مما يتيح متابعة دقيقة للأرصدة والاحتياجات، ويضمن توزيعا عادلا فعالا للسلع الغذائية عبر المحافظات.
أهداف مشروع المخازن الاستراتيجية للمنتجات الغذائية
يندرج مشروع المخازن الاستراتيجية للمنتجات الغذائية ضمن رؤية مصر 2030 لتحقيق التنمية المستدامة، حيث يهدف المشروع إلى رفع المخزون الاستراتيجي من السلع الأساسية إلى ما بين 8 و9 أشهر، مقارنة بـ3 إلى 6 أشهر في السابق، لضمان استدامة الإمدادات في مواجهة الأزمات مثل تقلبات أسعار السلع العالمية، أو انقطاع سلاسل التوريد كما حدث خلال جائحة كورونا وأزمة البحر الأحمر.
وتشمل السلع المستهدف تخزينها بمشروع المخازن الاستراتيجية للمنتجات الغذائية، أكثر من 30 سلعة أساسية، منها القمح، والأرز، والزيوت، والسكر، واللحوم، بالإضافة إلى المنتجات التموينية التي تُوزع شهريا.
وأكد الدكتور شريف فاروق، وزير التموين الحالي، في تصريحات حديثة أن "المخازن الاستراتيجية تمثل حجر الزاوية في تعزيز الأمن الغذائي، من خلال توفير احتياطي آمن يحمي المواطنين من الصدمات الاقتصادية، مع ضمان جودة المنتجات وسلامتها عبر تقنيات تخزين حديثة تقلل الفاقد إلى أدنى مستوى".
تفاصيل المرحلة الأولى من المشروع

أما عن تفاصيل المرحلة الأولى من المشروع القومي، فقد أوشك مخزن السويس على الانتهاء، حيث من المتوقع افتتاحه رسميًا خلال الربع الثاني من العام الجاري، بينما تتقدم الأعمال في مخازن الفيوم والأقصر والشرقية بوتيرة متسارعة.
ووفقًا لتقارير جهاز تنمية التجارة الداخلية، يتوقع استكمال المرحلة الأولى بالكامل بحلول نهاية 2025، بتكلفة إجمالية تقارب 6 مليارات جنيه للمخازن الأربعة الأولى، كما تم الإعلان عن خطة لتوسيع المشروع ليشمل 7 محافظات إضافية، مثل الجيزة، وبني سويف، وقنا، لتغطية كافة أنحاء الجمهورية تدريجيًا.
كيف يؤثر المشروع على الاقتصاد الوطني؟
لا يقتصر دور المشروع على تأمين السلع، بل يمتد لدعم الاقتصاد الوطني عبر تقليل الاعتماد على الواردات، وتعزيز المنتج المحلي من خلال توفير بيئة تخزين مثالية تحافظ على جودة السلع الزراعية والصناعية.
كما يساهم مشروع المخازن الاستراتيجية للمنتجات الغذائية، في خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، حيث يتطلب كل مخزن مئات العاملين في مجالات التشغيل، والصيانة، والإدارة اللوجستية، وهو ما سيحدث من ارتفاع معدلات البطالة.
وفي تصريحات إعلامية، أوضح الدكتور إبراهيم عشماوي، رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، أن الربط الإلكتروني بين المخازن يتيح تحديث البيانات يوميا، مما يساعد في ضبط الأسعار ومنع التلاعب، ويوفر قاعدة بيانات دقيقة لاتخاذ قرارات استباقية بشأن الاستيراد أو التصدير.
وأضاف رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، أن المشروع يعزز الشراكة مع القطاع الخاص، حيث تم طرح المخازن للاستثمار وفق معايير جودة عالمية.
خبراء: نموذجا إقليميا في إدارة المخزون الغذائي

مع استكمال المراحل القادمة، يتوقع الخبراء أن يصبح مشروع المخازن الاستراتيجية للمنتجات الغذائية نموذجا إقليميا في إدارة المخزون الغذائي، مع إمكانية تصدير الفائض إلى الأسواق الإفريقية والعربية.
وأشار الخبراء إلى أن هذا المشروع القومي سيعزز مكانة مصر كمركز لوجستي وتجاري، كما سيدعم خطط الدولة لزيادة الرقعة الزراعية، مثل مشروع "مستقبل مصر"، لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الرئيسية.
ويتضح من هذا العرض التفصيلي، أن المشروع القومي للمخازن الاستراتيجية، يمثل استثمارا في استقرار مصر الاقتصادي والاجتماعي، ويعد ركيزة لتحقيق الأمن القومي في زمن التحديات.
0 تعليق