لقجع: "منازعات الدولة" تحتاج مراعاة حقوق المواطن والمصلحة العامة

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، اليوم الثلاثاء، إن “ضمان وحفظ الحقوق الفردية للمواطنين في منازعاتهم مع الدولة يجب أن يذكي فينا روح المسؤولية والتعامل بالمثل مع مؤسسات الدولة، دون تكييفها كطرف أقوى أو أضعف، بل طرف له الحق في الاستفادة من امتيازات أشخاص القانون العام، وحق التقاضي للدفاع عن المصلحة العامة، التي هي في الأول والأخير مصلحة كل مكونات المجتمع”.

وأضاف لقجع، ضمن المناظرة الوطنية الأولى حول تدبير منازعات الدولة والوقاية منها، التي تنظمها الوكالة القضائية للمملكة التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية: “لا بد أن نتفق على أنه من غير المقبول أن تؤدي المنازعات مع الأغيار إلى توقيف إنجاز مشاريع تنموية واقتصادية مهمة، بسبب مطالب مادية بعيدة عن أي منطق اقتصادي وعقلاني، وتشل المبادرات المؤسساتية”.

وتابع المسؤول الحكومي ذاته: “يجب ألا نستسيغ ضياع حقوق المواطنين والاعتداء المادي، وتغليب المصلحة العامة بغير وجه حق”، مبرزا أن “إشكالية منازعات الدولة تتطلب منا معالجة شمولية لكل الجوانب التدبيرية والقانونية بكل جرأة ومسؤولية، ووفق مقاربة شمولية، ومندمجة وتصور واضح، يضمن التوازن الضروري بين توفير الظروف الملائمة لتنزيل مختلف المشاريع، وضمان التوازنات المالية للدولة والمؤسسات من جهة، وحماية الحقوق الفردية للمواطن من جهة أخرى”.

وشدد المتحدث على أن “تدبير منازعات الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية على مدار عقود من الممارسة مكّن من الوقوف على مكامن الخلل ومواطن الضعف التي تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة، وأتاح في الوقت نفسه الوقوف على مكتسبات وتراكمات جد مهمة تعتبرُ المدخل الرئيسي للإصلاح الذي يجب أن يراعي ضرورة الدفاع بأمانة عن مصالح الدولة والمؤسسات، والمقاولات والجماعات الترابية برهانات متعددة”.

وأجمل لقجع هذه الرهانات في “رهان الأمن القانوني أولا، لاسيما في شق الدفاع عن قرارات الإدارات والمؤسسات والمقاولات والجماعات الترابية، التي يتعين عليها الامتثال والتقيد بقواعد المشروعية، وكذا بواجب الحفاظ على الرصيد الحقوقي والبناء المؤسساتي لبلادنا”، مضيفا “رهان حماية وإنعاش وتحفيز الاستثمار والمبادرة المقاولاتية ضمانا للمصلحة الاقتصادية”.

وأوضح الوزير في هذا الباب أن “الدولة ومؤسساتها، بالإضافة إلى الجماعات الترابية، تعتبر المستثمر الأول في سوق الإنتاج والتشغيل، وهي المسؤولة عن تحفيز الاستثمار الخاص”، ذاكرا أيضا “رهان حماية التوازن المالي للدولة، باعتباره دستوريا تتقاسمه السلطة التنفيذية والتشريعية، ويحرص على احترامه القضاء الدستوري”.

“إن الخبرات والتجارب التي راكمتها الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية في مجال تدبير المنازعات على اختلاف مواضيعها أفضت إلى الوقوف على مجموعة من الإشكاليات، التي يمكن تلخيص أهمها في ضعف التنسيق بين الإدارات وبين الوكالة القضائية للمملكة، ما يحول دون تبني رؤية موحدة لتدبير المنازعات”، يردف لقجع.

كما تطرق الوزير المنتدب المكلف بالميزانية إلى “محدودية الجهود المبذولة للوقاية من المنازعات”، بالإضافة إلى “النقص الملحوظ في إعداد الكفاءات اللازمة للتّدبير الأمثل لها”، فضلاً عن “عدم ملاءمة مجموعة من النصوص القانونية المتعلقة بتدبير المنازعات للأدوار المطلوبة من الإدارة”، و”غياب معايير ودلائل مرجعيّة تؤطّر أعمال الخبرة”.

وشدد المتحدث على أن “هذه الإشكاليات أثرت سلبا على مآل المنازعات التي تكون مصالح الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية طرفا فيها”، موردا أن “الوضع ترتبت عليه مبالغ مالية مهمة قدرت سنة 2023 بحوالي 5.4 مليارات درهم بالنسبة للدولة وحدها”، وزاد: “تستأثر قضايا نزع الملكية والمسؤولية الإدارية والقضايا المرتبطة بالصفقات العمومية والاستثمار بالقسط الأكبر من هذه المبالغ”.

وواصل المسؤول نفسه: “نحن عازمون اليوم على المضي قدما في إصلاح منظومة المنازعات القضائية للدولة، وفق مقاربة مندمجة ومسؤولة، واضعين جميعا نصب أعيننا المصلحة العليا لبلدنا، والحفاظ في الوقت نفسه على رصيده الحقوقي”، متابعا: “انطلاقا من هذه الرهانات نعتبر أن المداخل الرئيسية التي يتعين علينا تفعيلها جماعيا في سبيل تنزيل هذا الإصلاح تهم بالأساس اعتماد مقاربة وقائية وتدبيرية فعالة عن طريق تعزيز الرقابة الداخلية”.

ونادى لقجع بـ”وضع خارطة طريق للمخاطر المتعلقة بمنازعات الدولة، والعمل على تحيينها بصفة منتظمة، وسن مصادر ودلائل موحدة خاصة بتدبير المنازعات”، مؤكدا على “اعتماد نماذج عقود ودفاتر تحملات مرجعية بالنسبة لكافة المشاريع، وكذا حث الإدارة على التعاقد مع مستشارين قانونيين متخصصين، وتقوية وتعزيز المصالح المكلفة بالشؤون القانونية واليقظة داخل مختلف المؤسسات”.

وأبرز الوزير أهمية “اللجوء إلى الآليات البديلة المتمثلة خصوصا في اللجوء إلى الوساطة والتحكيم في حل المنازعات التي تهم الإدارة، وترجيح مسطرة الصلح والتسوية الودية للمنازعات، وإقرار مصادر الطعون الإدارية في القضايا المتعلقة بنزع الملكية”، فضلا عن “اعتماد دلائل مرجعية للأثمان العقارية، ووضع برامج للتكوين والتكوين المستمر لفائدة مختلف المتدخلين”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق