فعاليات بيئية تحمل الفحم الحجري مسؤولية اختناق المحمدية بالغبار الأسود

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

لم يعد لسكان مدينة المحمدية حديث في الآونة الأخيرة سوى عن الأضرار الناجمة عن الانبعاثات السوداء التي تغزو الأجواء بين الحين والآخر، ويتهمون الحجري بالتسبّب في انتشار هذا الغبار خلال عمليات إنتاج الطاقة.

وقد تحوّل هذا الوضع إلى مصدر قلق حقيقي للمقيمين في “مدينة الزهور”، لما يشكّله من تهديد مباشر للبيئة، بعد أن غطّى الغبار الأسود الهواء والمنازل والشواطئ، مهدّدًا المنظومة البيئية وصحة المواطنين على حدّ سواء.

خطر صحي

قال حسن حُمِير، رئيس نادي الطلبة الخضر بمدينة المحمدية، إن “المدينة تعيش وضعًا بيئيًا خطيرًا بسبب الانبعاثات الصادرة بسبب استعمال الفحم الحجري في إنتاج الطاقة، وهو ما يتسبب في تلوث كبير يؤثر بشكل مباشر على صحة الساكنة”.

وأوضح المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذا التلوث ساهم في ارتفاع عدد المصابين بأمراض مزمنة، مثل الربو والحساسيات التنفسية، وهي أمراض باتت تُسجَّل بنسب مرتفعة في المدينة، نتيجة تعرض السكان المستمر للهواء الملوث”.

وأشار الفاعل الجمعوي نفسه إلى أن “الغبار الأسود الناتج عن استعمال الفحم ينتشر بكثافة في هواء المدينة ويترسب فوق الأسطح، كما يصل إلى البحر ويتسبب في تلوث الشواطئ، ما يهدد سلامة المجال البيئي البحري والمحلي بشكل عام”.

وأكد حسن حُمِير أن “جمعية الطلبة الخضر، إلى جانب باقي الجمعيات البيئية، ما فتئت تدق ناقوس الخطر بشأن هذه الوضعية، وتطالب السلطات المحلية والمصالح الوزارية المعنية بتحمل مسؤوليتها واتخاذ إجراءات عاجلة”، موردا أن “صمت الجهات المعنية لا يمكن أن يستمر أمام هذا التهديد البيئي والصحي المتفاقم”.

ضرر بيئي

سحيم محمد السحايمي، رئيس جمعية زهور للبيئة والتنمية المستدامة بالمحمدية، قال إن “الغبار الأسود ناتج عن احتراق الفحم الحجري لتوليد الطاقة، وقد أصبح في الآونة الأخيرة من المكونات المعيشية الأساسية لدى ساكنة المحمدية”.

وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الأمر لم يقف عند انتشار الغبار الأسود بسماء المدينة وبرّها، بل وصل إلى شاطئها المركزي ورماله، ناهيك عن استباحته المنازل والأسطح دون أي استئذان”.

وأكد الفاعل الجمعوي عينه أن “استعمال الفحم الحجري لتوليد الطاقة وسط تكتل سكاني يزداد ارتفاعاً، وأمام طغيان البنايات السكنية على حساب المساحات الخضراء، ضاعف حجم الضرر البيئي والصحي محلياً”.

وأوضح السحايمي أن “التهيئة التي كانت ذات زمن تتوازن إلى حد ما مع ما تخلفه شركات الحزام الصناعي مضى زمنها، إذ أصبحت مواجهة الساكنة للمقذوفات الصناعية الآن مباشرة دون أي حزام أخضر أو تنوع نباتي يحد من حجم الضرر”، وتابع: “إن الإستراتيجية الطاقية التي تنتهجها المملكة، مع تموقع البلاد ضمن البلدان الرائدة عالمياً في قطاع الطاقات المتجددة، تجعلنا نفكر ملياً في مدة صلاحية الفحم الحجري كمادة لإنتاج الطاقة، ومتى يمكننا جعله في خانة الماضي”.

وبلغة تغلب عليها خيبة الأمل قال رئيس جمعية زهور للبيئة والتنمية المستدامة بالمحمدية: “إلى ذلكم الحين ستبقى المحمدية مخندقة تحت قبة السواد، ومطوقة براً وبحراً وجواً بغبار الفحم الحجري المحترق إلى حين تبديل قتامة المشهد المحلي بما يليق بالريادة الطاقية النظيفة”.

ونبّه السحايمي إلى أن “مجموعة من الجمعيات البيئية أصدرت بيانا ‎مشتركا في الموضوع، يغلب عليه الطابع الاستنكاري لما آل إليه الوضع البيئي بمدينة المحمدية، ويركز أساسا على الغبار الأسود الذي يمثل جزءا من ظاهرة التلوث الصناعي الذي يهدد البيئة المحيطة بالمدينة”.

استنكار جماعي

أصدرت أربع جمعيات بيئية بمدينة المحمدية بياناً مشتركاً عبّرت فيه عن “قلقها البالغ واستنكارها الشديد استعمال الفحم الحجري في إنتاج الطاقة، نظراً لما يُسببه من أضرار بيئية وصحية جسيمة على مستوى المدينة”، معتبرة أن “هذا التوجه يتنافى مع الاختيارات الإستراتيجية للمملكة، التي تراهن على الانتقال الطاقي وتنوع الموارد النظيفة، ما يهدد موقع الريادة الذي تتمتع به البلاد على الصعيد العالمي في هذا المجال”.

وأكد البيان أن المغرب، بقيادة ملك البلاد، خطا خطوات كبيرة في تبني مشاريع طاقية متنوعة ونظيفة، ساهمت في تعزيز موقعه التنافسي في مجال الطاقات المتجددة، “غير أن هذا التقدم أصبح مهدداً اليوم بسبب الاعتماد المتزايد على الفحم الحجري، وما يُخلفه من انبعاثات سامة، مثل الغبار الأسود، الذي ينتشر في سماء المحمدية ويتسبب في أضرار بيئية وصحية مباشرة”.

وأوضح المصدر ذاته أن “الفحم الحجري يُعتبر من أكثر مصادر الطاقة تلويثاً، إذ يُسهم بشكل مباشر في تفاقم الأزمات البيئية والصحية والاجتماعية، خاصة في المناطق الحضرية”، مشيرا إلى أن “الدراسات العلمية أثبتت العلاقة بين تدهور جودة الهواء الناتج عن هذه الانبعاثات وارتفاع معدلات الإصابة بأمراض تنفسية وصدرية خطيرة، وهو ما يزيد من معاناة السكان، خصوصاً في الأحياء المجاورة لمواقع الاستعمال”.

وطالبت الجمعيات البيئية ذاتها بـ”الوقف الفوري لاستخدام الفحم الحجري بمدينة المحمدية”، ودعت إلى “الانتقال العاجل إلى مصادر طاقية نظيفة وآمنة، تراعي صحة المواطنين وسلامة البيئة”، كما حثّت السلطات المحلية والجهات الحكومية المعنية على “اتخاذ تدابير مستعجلة للحد من الأضرار الحالية، وإلزام الشركات بمعايير صارمة لحماية البيئة”.

يشار إلى أن البيان المشترك صدر عن جمعية فور البيئة والتنمية المستدامة، وجمعية الأسيسيل لحماية البيئة، وجمعية نقطة انطلاقة، ونادي الطلبة الخضر، وأكد “التزام الجمعيات بالترافع والتنسيق في سبيل إيقاف هذه الممارسات، واستعدادها الدائم للمساهمة في الانتقال الطاقي الذي يخدم البيئة وساكنة المدينة”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق