يبدو أن مصر على موعد مع نسخة محدثة من الزمن الجمل أو بمعنى أدق زمن الألقاب المدفوعة مسبقًا، فقد فاجئنا الدكتور أسامة الغزالي حرب، المفكر السياسي، بمقالٍ يدعو فيه لإعادة إحياء لقب الباشا، لكن بمفهوم جديد يتماشى مع "الفوربس المصري" ومعطيات صالات المزادات العلنية !
فبعدما ظل المصري العادي يسير في الشوارع مطمئنًا لأنه لم يعد هناك من يناديه "وسع الباشا جاي"، أو "افتح الطريق.. معالي الباشا راكب العربية الأمريكاني"، جاء الطرح الجديد ليبشرنا بأن الباشوات قادمون، لا محالة.
لكن ليس باشوات زمان، بل باشوات كارت ائتمان، حيث لا يُمنح اللقب إلا مقابل مساهمات مالية ضخمة لصالح الدولة وفي رواية أخرى "اللي يدفع أكتر ياخد باشوية أشيك".
كان لقب الباشا في السابق يُمنح من الباب العالي العثماني، ثم السلطان، ثم المللك، أما اليوم فبحسب الاقتراح، سيمنحه البنك المركزي بالتعاون مع هيئة الاستثمار ومصلحة الدمغات، وفي السابق كان «الباشا» يُعين بسبب خدمة للوطن، معارك ضارية، أو جهد في السياسة، والآن حسب الدكتور حرب هي معركة مع رصيد البنك، ومن يخرج منها بمليونين أو أكثر يفوز بلقب باشا، مع خصم الضرائب.
تخيل عزيزي القارئ، لو فعلًا طبق الاقتراح، وقرأنا في الصحف العناوين التالية، "نجيب باشا ساويرس يفتتح مستشفى لعلاج أمراض الجولف في الشيخ زايد" و"طلعت باشا مصطفى يتبرع بقصر جديد لمستشفى الكلاب المدللة"، وتصريح من "محمد باشا أبو العينين: سأنشئ أطول ممشى رُخامي في الشرق الأوسط"، وعنوان أخر يقول "ناصف باشا ساويرس يدشن مدرسة لتعليم قيادة اليخوت.. مجانًا لأبناء باشوات المستقبل"
وتبقى أهم فقرة في تلك الأخبار، "وقد أقيم الحفل بحضور لفيف من أصحاب المعالي والبكوات والباشوات الجدد الذين أُعلن عنهم وسط موسيقى المارش العثماني، مع توزيع كاب" باشا 2025 الفاخر".
الطريف أن الدكتور حرب يطمئننا أن العودة للألقاب "مش طبقية" ولا "إقطاعية"، بل مجرد "وسام شرف " يعني سيصبح لدينا مواطن بدرجة "باشا شرفي"، وآخر "باشا من الباطن"، وثالث "باشا بالتقسيط"، ومن الممكن أن تظهر مستقبلا عروض "باشوية بونص" أو" اشتري لقب وادفع نص الثمن والباقي على خمس سنوات مع ضمان استرداد".
في السابق كان المواطن العادي يتباهى إنه "ابن ناس"، والأن سيتباهى إنه "باشا بالقرار الجمهوري"،. بل من الممكن أن تظهر جروبات على فيسبوك تحت عنوان "باشوات مصر الجدد"، "أنا باشا إذن أنا مهم"، و"كافيه الباشوات"، وكل باشا حسب فئته!
وفي النهاية، قد يتحقق الاقتراح وقد يصبح في كل شارع باشا، لكن المهم عزيزي القارئ ألا يأتي يوم ونحتاج فيه "تصريح مرور" مختوم من حضرة صاحب الدولة نجيب باشا ساويرس، أو نتعلم في المناهج أن من كان يملك 5 ملايين… فهو باشا،. ومن يملك 500 ألف… فهو بك، أما من يملك 50 جنيهًا فهو مواطن صالح ندعو له بالستر، وتعيش مصر… بلد المليون باشا.
0 تعليق