في ظل التحولات الرقمية المتسارعة عالميًا، تبرز صناعة "الذكاء الاصطناعي" كأحد أهم المحركات الاقتصادية والتكنولوجية في القرن الحادي والعشرين، ويفتح الاستثمار في الذكاء الاصطناعي آفاقًا واسعة للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، ولمصر، بتاريخها العريق وموقعها الاستراتيجي، فرصة ذهبية لتكون مركزًا إقليميًا رائدًا في هذا المجال، ولتحقيق ذلك، يصبح الاستثمار في صناعة الذكاء الاصطناعي ضرورة ملحة، وليس خيارًا.
أطلقت مصر النسخة الثانية من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2025-2030، والتي تهدف إلى تعزيز مساهمة قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الناتج المحلي الإجمالي إلى 7.7% بحلول عام 2030، وإنشاء أكثر من 250 شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتطوير قوة عمل تضم 30,000 متخصص في هذا المجال.
وتستند الاستراتيجية إلى ستة محاور رئيسية: الحوكمة، التكنولوجيا، البيانات، البنية التحتية، النظام البيئي، وتطوير المهارات، وتهدف هذه المحاور إلى ضمان الاستخدام الأخلاقي والمسؤول للذكاء الاصطناعي، وتحسين جودة الحياة، وتوفير بنية تحتية متطورة، ودعم الشركات الناشئة، وبناء قاعدة من الكفاءات المحلية المؤهلة.
ورغم الفرص الكبيرة، تواجه مصر تحديات تتطلب استثمارات مستدامة، مثل الحاجة إلى تطوير البنية التحتية الرقمية، وبناء كوادر بشرية مؤهلة، ووضع أطر تنظيمية لحوكمة البيانات واستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، ولذلك أطلقت مصر "الميثاق المصري للذكاء الاصطناعي المسؤول" لضمان الاستخدام الأخلاقي لهذه التقنيات.
ودعت مصر المستثمرين المحليين والدوليين إلى المشاركة في بناء منظومة ذكاء اصطناعي قوية، من خلال دعم الشركات الناشئة، وتمويل مشاريع البحث والتطوير، وتقديم برامج تدريبية متخصصة، كما تسعى إلى تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لتبادل الخبرات والمعرفة في هذا المجال.
ويمثل الاستثمار في صناعة الذكاء الاصطناعي في مصر خطوة استراتيجية نحو تحقيق التنمية المستدامة وبناء اقتصاد رقمي قوي، وبجهود مشتركة من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، يمكن لمصر أن تحتل مكانة مرموقة في هذا المجال الحيوي.
ويتوقع الخبراء أن سوق صناعة الذكاء الاصطناعي في العالم قد يتجاوز 100 مليار دولار بنهاية العام الحالي، مع تقديرات أن تتجاوز قيمة الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي مليار دولار سنويًا من قبل الشركات الكبرى حول العالم مع إستمرار تطور البنية التحتية بما في ذلك تطوير الخوادم عالية الأداء وتقنيات الحوسبة السحابية التي تدعم التطبيقات المتقدمة، كما انه من المتوقع أن يشهد سوق العمل تحولات كبيرة، حيث سينمو الطلب على الوظائف المتعلقة بالذكاء الاصطناعي مثل علماء البيانات والمطورين والمتخصصين في الحوسبة السحابية.
0 تعليق